لحظة افتتاح الدورة التشريعية الحالية، يومه الجمعة، هي لحظة لقاء عالية الدلالة بين مؤسستين دستوريتين، لهما في وثيقة فاتح يوليوز 2011، وضع اعتباري مهم للغاية..
(1) إنها لحظة لقاء بين الملك وبين البرلمان
في سياق استمرارية ولاية أخرى، والتي تميزت ، من الأصل بحدوث اللقاء بين البرلمان وبين الملك ، في افتتاح 14 اكتوبر 2011، قبل أن تجري الانتخابات …25 نونبر وهي المرة الأولى، بهذا المعنى التي تجري فيها لحظة اللقاء بعد الانتخابات التي أفرزت وأكدت الحزب الحاصل على الأغلبية 2011،…
(2) واللحظة أيضا تجسيد للتنصيص الدستوري على أن نظام الحكم في المغرب، نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية …
وعليه فإن الخطاب الملكي اليوم سيكون له، من هذه الزاوية، أفق انتظار كبير، يضع فيه كل الشحنة التأسيسية للمرحلة القادمة…
لنتذكر نص الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية الثامنة يوم الجمعة 14 أكتوبر 2011 الذي اعتبر أن اللحظة لحظة قوية، لاستشراف الولاية البرلمانية الأولى، في العهد الدستوري الجديد، وتدشين مرحلة تاريخية، في مسار التطور الديمقراطي والتنموي للمغرب.» وذلك في سياق الرهان المؤسسي الكبير الذي يتوقف عليه تقدم وتحديث بلادنا، هو إصلاح وتجديد هياكل الدولة. »!
وستكون المناسبة سانحة أيضا لتقديم تقدير موقف للوضع السياسي في البلاد ودرجة السير المؤسساتي، لا سيما الدرجة التي بلغها البناء الدستوري ومازال في طور الإعداد من قوانين تنظيمية وكذا تقدير الاوضاع من زاوية الاقتراع الأخير..
ومن المؤكد أن الولاية أيضا ستكون لحظة للتفاوض، السوسيو اجتماعي والثقافي والاجتماعي حول قوانين مهيكلة كقانون الاضراب أو قانون مجلس اللغات الخ..
(3) البرلمان الذي يفتتحه الملك تأسس على قاعدة أغلبية لنفس الحزب الذ ي قاد الولاية التشريعية الماضية، من خلال تحالف سياسي معروف… هو حلبة تفاوض ضمني في اللحظات نفسها، باعتبارها ساحة لهيكلة المجلس والتصريح الحكومي وتنصيب الحكومة. ومن المحقق أن النقاش الذي سبق أن ميز اللحظات الاولى في عمر الحكومة )التنصيب الملكي والتنصيب البرلماني للحكومة ) لكن يكون بنفس الحدة بعد السنوات التي طبعت الوضع الجديد ..
يتم الافتتاح في جو يتسم بالالتفاف حول القرارات لملكية المتعلقة بالاقتراع والإشادة بها دون انتظار تبعات الانتخابات المستقبلية ..كما أن الافتتاح يندرج في إطار جو عام تميز باحترام المنهجية الديموقراطية، الشيء الذي يعطي معنى للحياة البرلمانية …
(4) علينا أن ندرك تمام الإدراك أن الدستور الذي تغير، والذي غير إطار الحياة السياسية المغربية منذ 11 نونبر هو دستور.. خارج من صلب حراك الشارع، عكس الكثير من الدساتير السابقة.
فإذا قارناه بدستوري 1992 – 1996، فهما معا جاءا بناء على مفاوضات بين الحركة الوطنية والكتلة الوطنية الديموقراطية بالاساس…
بدأت بقراءة مشتركة لأحداث وتغيرات العالم في 1989 ثم سقوط جدار برلين وسقوط القطبية الدولية الخ ، وأيضا بعد وحدة التكتلات الوطنية ..
وكان التفاوض بناء على شرعية تاريخية ووطنية اكتسبتها طوال المسار السياسي المعاصر للبلاد، وحتى الاحداث الدامية التي سبقتها بقليل من قبيل دجنبر 1990، كانت بدعوة ممأسسة. وعليه فإن الحراك كله وقع في إطار البناء المؤسساتي ( الحزبي- النقابي- المؤسساتي)، وأما الدستور الجديد فقد جاء، أولا، بناء على تراكم رأسمال إصلاحي قاده العهد الجديد، وبناء على حركية شارع، ضمن منظومة حراك إقليمي عنوانه الكبير الديموقراطية.
والفرق جوهري، وربما هذا ما يفسر الحيز الذي احتله الشارع في الخطاب السياسي منذ ذلك الحين، ويفسر أيضا التلويح بالشارع كتأويل …دستوري في حالة استعصت السياسة في لباس الدستور ) صعوبة تشكيل الحكومة مثلا ).