لم يحصل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في استحقاق السابع من اكتوبر سوى على عشرين مقعدا اربعة عشر منها في اللوائح المحلية . نتيجة صادمة ليس فقط لمناضلي هذا الحزب الذي تأسس من أجل الدفاع عن قضايا الشعب المتمثلة اساسا في التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية … بل كذلك للحقل السياسي الوطني الذي لم يكن يعتقد أن حزبا بعمق تاريخي مجتمعي وبتضحيات جسام سيتراجع انتخابيا ليحرز فقط على أقل من خمسة بالمائة من عدد مقاعد مجلس النواب .
نتيجة تساءل الان أكثر من اي وقت مضى ولا تستحمل التأجيل , تسائل أعضاء الاتحاد ومناصريه الذين حملوا في القلب الفكرة الاتحادية وجعلوا منها هواء تطلعاتهم لبناء مجتمع جديد : لماذا هذا الاندحار العددي ؟ وكيف أصبح الحزب الذي شكل رقما رئيسيا في المعادلة السياسية بالمغرب منذ تاسيسه كيف له اليوم أن يصبح إحدى أصغر الارقام في مكونات المؤسسة التشريعية ؟؟ وفي انتظار القرارات التنظيمية والسياسية التي ستتخذها الأجهزة الوطنية للحزب نطرح العناصر التالية :
*أولا ؛ أثرت أعطاب تدبير الخلافات داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خاصة في السنوات الأخيرة على وضعه التنظيمي وانتاجه الفكري . أعطاب عدة بعضها ذاتي وبعضها مرتبط بالخط الايديولوجي والسياسي لحزب القوات الشعبية أججت نيران هذه الخلافات وخاصة في المحطات التنظيمية وتداعياتها . واستنزفت قدرات الاجهزة وفعالياتها وأدوارها .وأنهكت المناضلين الاتحاديين ودفعت العديد منهم إلى خيارات أخرى تنظيمية أو ذاتية تتمثل في وضع مسافة بينهم وبين الحزب الذي رأوا فيه أنه أخل بالمشروع المجتمعي الذي اسس من أجله وتخلى عن القيم والمبادئ التي تعد جوهر وجوده وتواجده.
ولم تكن أعطاب الاتحاد مجرد انتاج داخلي تنظيمي فقط . لقد تم استهدافه كذلك أطراف بعضها ينتمي ألى السلطة وزرعت قنابل موقوتة داخله كانت تفجرها وقت ماتشاء . وأطلقت هذه الاطراف جرائد ومواقع لتنفث سمومها ضد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وتنشر أباطيلها وتفتعل أخبارا ووقائع وهمية هدفها إضعافه وتأجيج حروبه الداخلية وإلهاؤه على توسيع إشعاعه وبناء أداته التنظيمية وتكوين مناضليه. وقد نجحت هذه الاطراف في مؤامرتها وتعد مسؤولة على ماآلت إليه أوضاعه .
*ثانيا ؛ التخلي عن تقوية أدرع الحزب وخاصة شبيبته ونساؤه والتي كانت إحدى ابرز روافده . بل أثرت الصراعات التي شهدها الحقل النقابي على قوة الاتحاد ودفع بأطر وقطاعات إلى مغادرة سفينته . وكان لذلك آثار سلبية وتداعيات افقية وعمودية.
*ثالثا ؛ رداءة الخطاب السياسي بالمغرب التي جعلت فئات واسعة تكفر بالعمليات الانتخابية لأنها غير ناجعة ولا مصداقية لها . وارقام المسجلين في اللوائح الانتخابية والمعبرين عن أصواتهم وانتماءاتهم الاجتماعية ومستوياتهم الفكرية تؤكد ذلك . اليوم هناك وعي عام لدى المواطنات والمواطنين بأن صناديق الاقتراع لا تتوفر فيها شروط التعبير وبحرية عن الاختيار الواعي والمسؤول .اليوم أصبحت الطريق إلى هذه الصناديق معبدة بأموال مشبوهة وبأفكار تتقمص لبوسا دينية تبث فشلها في مجتمعات أخرى .
إن إرادة تكريس هذه الرداءة لاتخدم الديمقراطية في شيء.تماما كما هو الشأن بالنسبة لصياغة خريطة سياسية تصر على تقزيم أدوار الاحزاب ذات العمق الوطني التاريخي . وليس من ضحاياها الاتحاد الاشتراكي والصف الوطني التقدمي فقط بل إنها تهدد مستقبل الوطن .
هذه بعض عوامل تراجع حزب المهدي وعمر وعبد الرحيم . وهو اليوم بحاجة لاستعادة تلك الروح التي ضحوا من أجلها ومعهم الالاف من المناضلين .