في خضم الحملة الانتخابية، من المفيد طرح أسئلة كبرى، حول المآل الذي يمكن أن تسير فيه العملية الديمقراطية، في بلادنا، ليس بعد نتائج اقتراع يوم السابع من أكتوبر، بل وما بعدها، لأن هذه المحطة، لن تكون سوى جزءٍ من مسلسل بدأ منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، عندما تقرر تشكيل تنظيم سياسي، يلعب دورالواجهة الانتخابية، لفيدرالية من الجمعيات الدينية، تتزعمها حركة التوحيد والإصلاح.

حزب العدالة والتنمية، ليس سوى الذراع الوظيفي/السياسي، لهذا التجمع الدعوي، حيث يتبادل فيه الممثلون الأدوار، حسب السياق وحسب المهام، مثل ما حصل مع محمد الحمداوي، الرئيس السابق للحركة، الذي خلع عمامة الحركة، وارتدى قبعة الحزب، ليقدم ترشيحه بالعرائش.

والحقيقة هي أن القيادات الأساسية للحزب، في مختلف الواجهات الحكومية و البرلمانية والبلدية والإعلامية، هي أصلا قيادات في التوحيد والإصلاح، لا يمثل الحزب بالنسبة لها، سوى ذلك الجسر من أجل التلاؤم مع متطلبات العمل السياسي، غير أن الولاء يظل للحركة الدعوية، منها تستمد الشرعية والتوجيه.

هذا النموذج التنظيمي، متعارف عليه في حركات الإسلام السياسي، حيث تلجأ التنظيمات الدعوية الدينية، إلى خلق أحزاب سياسية، تابعة لها، بهدف المشاركة في الانتخابات، التي تعتبر بالنسبة لها، وسيلة فقط، للسيطرة على المؤسسات الحكومية والجماعية، بميزانياتها وصلاحياتها ونفوذها، لتنفيذ البرنامج الذي يشرف عليه التنظيم الأصلي.

ورغم أن حزب العدالة والتنمية، يحاول إنكار صفته كتنظيم ديني، إلا أنه لم ينجح في ذلك، لأنه ليس سوى ملحق لحركة التوحيد والإصلاح، التي هي الأساس، أما الحزب، فليس إلا الناطق. فارتباط الحزب بالحركة، عضوي وحيوي، ولولاها لما وجد التنظيم الحزبي ولا كان له أثر.

وحتى نذكر القارئ بأصل الحكاية، فإن حزب العدالة والتنمية، تأسس على يد عبد الكريم الخطيب، بعد أن أشرف على توحيد حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي، لتفرز حركة التوحيد والإصلاح، وقام بدمجها في الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية، قبل التحول إلى اسم العدالة والتنمية.

لذلك فالذين يواجهون اليوم هذا الحزب، في الانتخابات الحالية، إنما يواجهون في الحقيقة حركة دعوية/سياسية، تنطق طيلة السنة بخطاب ديني/أخلاقي، لكن أساسها مادي نفعي، حيث تجمع الأموال، بكل الوسائل، وتوزع الإعانات على الزبناء، مقابل التصويت على مرشحي الحزب.

لا يمكن أن تستقيم العملية الديمقراطية، وهي تضرب من أساسها، حيث تلتزم باقي الأحزاب، باحترام الدستور والقانون، لأنها منظمة على أساس مدني، بينما لا يحترم هذا الحزب لا الدستور ولا القانون، لأنه مجرد تنظيم ديني.

*الثلاثاء 4 اكتوبر 2016.

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…