.. ونحن نصل قريبا إلى محطة 7 أكتوبر 2016، من أجل التصويت على نواب برلمان المغرب . اللحظة فارقة ، و السياسة لا مفر منها كالقدر الذي يلازمنا و يلزمنا . التصويت على برلمان الدولة و الوطن مهمة نضالية ، و سننتظر نتائج الصناديق بكل مسؤولية تاريخية . سننتظر استكمال المشهد ، لعله يستقيم هذه المرة ، عله يصير مشهدا قابلا للتحليل و المصادقة . عله يصير قابلا للمحاصرة العقلانية .
قد لا تصدق نبوءة البعض ، وقد تصدق ، فلا مجال للتنجيم في السياسة ، وكل الاحتمالات واردة إلى أن يثبت العكس … و المتتبع المحكوم بصرامة الموضوعية يعلم علم اليقين مدى التخبط الذي عشناه و نعيشه في مشهدنا السياسي في كليته . فهل سيتحقق مطلب العقلنة ؟..
من يمين إلى يسار إلى ليبراليين – إن وجدوا – و إلى محافظين باسم الدين أو غيره . المشهد تخترقه العديد من المصالح السياسوية ، كما تبث في التجربة المغربية ، لكن التحديات هذه المرة أصبحت أكبر مما كان ، وأكبر بكثير من طموح و أحلام و أطماع أصحاب “البرشمان ” السياسي و المصلحي … الأمر صار أمرا جديا بالوطن و بالمنطقة . فهل تستجيب صناديق الاقتراع يوم 7 أكتوبر لمطلب الوطن ؟ ….
هناك الكثير من المعيقات التي تؤثر سلبا على مشهدنا السياسي ارتباطا مع الاستحقاقات البرلمانية ، ونتائجها المباشرة في تحديد هوية الحكومة . وهنا لا بد من الوقوف على بعضها :
- اعتماد حزب الأغلبية في الحكومة المنتهية ولايتها – العدالة و التنمية – على خطاب شعبوي بصبغة دينية خلال حملته السابقة 2011 ، وطيلة مدة تسييره للحكومة ، مما يؤثر على مصداقية المشهد ، وتوريط الفعل السياسي في متاهة الدين ، وإقحام الدين في مجال السياسة ، وهو الأمر الذي لا يزال مستمرا في حملة الحزب للفوز بأكبر عدد من المقاعد خلال الحملة الحالية 2016 . هذا يتم في غياب تقييم صريح وواضح لتجربة الحكومة التي تعتبر سلبية حسب العديد من المتتبعين للشأن السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي بالمغرب .
- تشكيل الحكومة المنتهية ولايتها في نسختيها الأولى و الثانية بمكونات سياسية غير متجانسة بالمرة : حكومة برئاسة محافظة تتبنى المرجعية الدينية ( العدالة و التنمية ) – خروج حزب محافظ من الحكومة ، وهو الأقرب إلى العدالة و التنمية في النسخة الثانية ، بعد عدم القدرة على التعايش ( حزب الاستقلال ) – زواج كاتوليكي بين حزب العدالة و التنمية مع حزب كان شيوعيا و صار تقدميا اشتراكيا في التسمية ، وهو ما يشكل نشازا و حولا إيديولوجا في حالة المغرب وراهنية التدبير السياسي ، وواقعية وطموح كل المكونات الحزبية القابلة للوضع العام و الخريطة السياسية للدولة – غياب أحزاب يمينية بالحكومة ( الاتحاد الدستوري نموذجا ) – عدم التجانس و الانسجام بين مكونات الحكومة رغم إلحاق حزب التجمع الوطني للأحرار بها في نسخة منقحة – ضعف أداء المعارضة رغم وجود أحزاب قوية كالاتحاد الاشتراكي و الأصالة و المعاصرة و التحاق حزب الاستقلال ، وهو أمر راجع لصعوبة تبني إستراتيجية متكاملة للمعارضة .
- تشردم أحزاب اليسار ، رغم الرهان الممكن نظريا لقيادة المعارضة : غياب التنسيق أو على الأقل ضعفه بين فيدرالية اليسار، بكل مكوناتها الحزبية ، والطامحة للوصول إلى البرلمان ( وهو أمر إيجابي و مشروع ) و حزب الاتحاد الاشتراكي ، وما تمثله هذه الأحزاب كقاعدة و أرضية لمشروع متجانس فكريا و ايديولوجيا . إضافة إلى استمرار حزب النهج الديمقراطي المحسوب على اليسار في المقاطعة ، بل أكثر من ذلك ، التماهي و التقاطع مع جماعة العدل ذات المرجعية الإسلامية و التي تعتبر من أهم المكونات الرافضة للمسلسل السياسي الحالي بالمغرب .
- تدني نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية – كانت رسميا في حدود 45 % سنة 2011- وهو ما يعني اعتماد كل مكون سياسي متنافس على أعضائه و قواعده الخلفية المحضة ، أو حتى على الأصوات و الدمم التي يتم شراؤها في سوق الانتخابات ، باعتماد وسطاء امتهنوا حرفة جديدة و مربحة، وهو ما يجعل المشهد ثابتا statique- – و متحكما فيه من قبل نفس النخب و الكائنات الانتخابية . و هو الأمر الذي قد يؤثر مرة أخرى على المشهد يوم 7 أكتوبر المقبل إذا لم تعبر الأغلبية الصامتة عن رأيها . مع العلم أن هذه الكثلة الغير مصوتة هي كثلة غير متجانسة ، وغير مسيسة في أغلبيتها ، رغم ادعاء بعض المكونات التأثير عليها و انتسابها إليها ، وأغلبها من الشباب المقصي من الممارسة السياسية …
فهل سنصل يوم 7 أكتوبر2016 إلى محطة تجعل من مسلسل الانتخابات في المغرب ( شكلا و مشاركة و مضمونا ) إطارا قد يمكن و يسمح من بتشكيل حكومة منسجمة ،وفق التوجهات العامة و التقاطعات المفروض حضورها في كل حكومة ، من أجل إعادة الاعتبار للعمل السياسي في شموليته ، ورفع التحديات الكبيرة و الكثيرة التي ترهن مستقبل المغرب ؟
وهل من سبيل لعقلنة المشهد السياسي بالمغرب بعد انتخابات 7 أكتوبر ؟