يُكثر رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، من البكاء، في أكثر من مناسبة، آخرها مناسبة التجمع الخطابي، الذي افتتح به حملة حزبه الانتخابية، بصفته أمينا عاما للعدالة والتنمية.
وهذه المرة، ليست هي الأولى، التي يبكي فيها بنكيران في لقاءات سياسية، فضلا عن الأنين، الذي يصدره، بشكل متقطع، خلال إلقائه لخطبه، مثلما حصل في هذا التجمع، بالذات، من أجل التشكي، من أمور، لا يعلن عنها، صراحة، لكنه يحاول الإيحاء من خلالها بأنه يصادف العراقيل والمؤامرات، من طرف «المخزن»، بهدف منعه مما يسميه «الإصلاح».
غير أن بنكيران، لا يوضح –بتاتا- في خطاباته، ماهي مشاريع الإصلاح التي حاول تحقيقها، ومنّعته عن ذلك، كائنات مجهولة الهوية، يسميها «العفاريت والتماسيح»؟ ما هي القوانين «الإصلاحية»، التي حاول وضعها وتم إيقافها، من طرف هذه القوى الخفية؟ وكيف حصل ذلك، وهو يتوفر على أغلبية مريحة في مجلس النواب، تسمح له بتمرير كل مشاريعه، كما ينص على ذلك الدستور؟ بل أكثر من ذلك، يتوفر رئيس الحكومة، على السلطة التنظيمية، وهو رئيس الإدارة، حسب النص الدستوري، أي أنه صاحب الأمر والنهي تُجاه كل موظفي الدولة، على مختلف مستوياتهم، بمن في ذلك الوزراء، فلماذا يبكي بنكيران؟
البكاء والنحيب ليس لغة السياسة، ولا يمارسه السياسيون الحقيقيون، لأن الممارسة السياسية تفترض كلام الوضوح، وتفسير وتعليل الخطاب، بقوة الإقناع، وتقديم الحجج، وتوجيه الناس نحو البدائل والمشاريع، التي تزرع الأمل في النفوس، وليس ذرف الدموع، إستدرارا للشفقة أو تصريف خطاب المظلومية.
وبدل أن يشهق بنكيران بالبكاء ويئن ويتحسر، عليه أن يتوجه للرأي العام، متحملا مسؤوليته، ليوضح ما الذي منَعه من إنجاز الوعود التي كان حزبه يوزعها في الانتخابات التشريعية السابقة؟ ثم ما الذي منَعه من ممارسة كل الصلاحيات التي خوّلها له الدستور، أم أن الأنين والبكائيات، في الحقيقة، ليس سوى وسيلة انتخابية، لكسب تعاطف الناس؟
البكائيات، في التقاليد الدينية، أمر معروف، وقد لجأت إليه العديد من الديانات الوثنية والتوحيدية، وتتخذ شكل أشعار وأذكار، لدى المسيحيين، أما اليهود فقد خلقوا حائطا للمبكى، بينما يصل الأمر لدى الشيعة إلى جلد الذات، وضرب الظهور بالسياط. ويمكن تقبل بكائيات بنكيران، في إطار هذا الطقس الديني.