من بين نقاط القوة التي يتقدم بها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في المشهد السياسي، ثباتُه على المواقف المبدئية، التي تتحكم في اختياراته، المؤسسة على مرجعية تاريخية وفكرية وسياسية، وعلى قرارات هياكله التنظيمية الوطنية، مما أنقذه من الارتباك والتناقض في التوجهات، التي سقطت فيها بعض الأطراف الأخرى.
اختار الاتحاد موقع المعارضة، عن قناعة، بقرار من هياكله الوطنية، لأنه اعتبر أن نتائج الانتخابات التشريعية، لسنة 2011، التي مٌنحت فيها الرتبة الأولى لحزب العدالة والتنمية، تفرض عليه الالتزام بهذا الموقع، لعدة أسباب، من أهمها التعارض التام بين اختيارات الاتحاديات والاتحاديين والحزب الذي ترأس الحكومة، على مختلف المستويات.
وقد كشفت الظروف والتطورات، بعد ذلك، صحة هذا الموقف، حيث إن حزب الاستقلال، الذي غامر في البداية، بخوض تجربة المشاركة في الحكومة، سارع في أول فرصة، إلى مغادرة سفينة العدالة والتنمية، الذي هيمن على الحكومة، و جعل منها أداة لتصريف اختياراته الإيديولوجية، حيث لم يحترم المكونات الأخرى للتحالف الحكومي، التي لا تقاسمه نفس المرجعية الفكرية والسياسية.
لقد أطلق رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، العنان لمواقفه، من خلال تصريحات وقرارات وإجراءات، ضد كل ما هو ديمقراطي وتحرري واجتماعي ونقابي… ووصل في توجهه الهيمني، إلى خلط، في الأدوار ، حيث مزج بين موقعه في هرم السلطة التنفيذية، داخل الدولة، وبين زعيم تنظيم تيار دعوي/سياسي، يسعى إلى تغيير الدولة نفسها.
لذلك عاشت الحكومة تناقضات كبيرة بين مختلف مكوناتها، و كانت تنكشف للعلن، بين الفينة والأخرى، ورغم أن حزب التقدم والاشتراكية، كان هو الأقرب للحزب الذي يرأس الحكومة، فإنه لجأ بدوره إلى محاولة التميز، في بعض الأحيان، حتى لا يحرقه المصباح.
لقد أثبتت تجربة خمس سنوات من عمر الحكومة، أن الاختيار الذي اتخذه الاتحاد صائب، وأن مواقفَه مبدئية ولا يشوبها ارتباك، لأنه كان ومازال مقتنعا بأن حزب العدالة والتنمية، لم يتخلص من أصله الدعوي، رغم كل مواد التجميل التي استعملها، لأنها سرعان ما تذوب من شدة حرارة مصباح، لا يشتغل بشكل جيد، لأنه لا نور بداخله ، بل نار مشتعلة من نوازع الهيمنة، الناتجة عن التطرّف والتشدد والرجعية.