كلما اِقترب موعد الانتخابات التشريعية، كلما ضاعف حزب العدالة والتنمية، وأنصاره وأذرعه الإعلامية، من محاولات التهرب من المحاسبة، حول حصيلة خمس سنوات من التسيير الحكومي، بمبررات شتى، تتمحور كلها حول حكاية تدخل «المخزن» لمنع الإصلاحات… التي كانت حكومة عبد الإله بنكيران، تنوي القيام بها، حسب زعمهم.
تارة يثار نعت، غير مسبوق في أي تجربة سياسية في العالم، اسمه «العفاريت والتماسيح»، وتارة أخرى، مصطلح غير واضح ولم يستعمل أبدا، سواء في العلوم السياسية أو القانونية أو علم الاجتماع السياسي أو الأنتروبولوجيا، هو «التحكم»، و آخر ما جاد به الزمن على هذا الحزب، هو مسيرة البيضاء، التي تحصل مثلها عشرات المسيرات في المغرب، غير أن الأنصار وآلة الدعاية «الإخوانية»، تحاول أن تستغلها كقارب نجاة.
كيفما كانت ملابسات هذه المسيرة، فالأمر الذي يهم القوى الديمقراطية والجماهير الشعبية والشباب المغربي، هو حصيلة خمس سنوات من التسيير الحكومي، وليس أي شيء آخر.
ما يهم، هو أن تحاسب حكومة عبد الإله بنكيران، عن سياسة التقليص من فرص التشغيل، والزيادات المتوالية في الضرائب، و الإجهاز على صندوق المقاصة، والرفع من أسعار المواد الأساسية، والتراجع عن المكتسبات الاجتماعية، خاصة في ملف التقاعد، ناهيك عن السياسات الرجعية، في مجالات حقوق الإنسان، والمرأة، والحريات الجماعية والفردية…
هل كان «التماسيح والعفاريت» و»التحكم» و»بلطجية مسيرة البيضاء»، هم الذين يفرضون على حكومة بنكيران، خلال خمس سنوات، «إملاءات» صندوق النقد الدولي والبنك الدولي؟ هل فرضوا عليها الرفع من المديونية الخارجية؟ هل كانوا يفرضون عليها تهميش المؤسسة التشريعية، وهضم حقوق المعارضة؟ هل فرضوا عليها مشاريع قوانين متخلفة على كل المستويات؟ هل فرضوا عليها تبني سياسة يمينية في كافة القطاعات؟ هل فرضوا عليها مص دماء الشعب بالزيادات في الأسعار وفي الضرائب؟ هل فرضوا عليها العداء المطلق للمعطَّلين وللأساتذة المتدربين ولعدد كبير من الفئات الاجتماعية؟
إذا كانت حكومة بنكيران، بهذه الهشاشة وحزب العدالة والتنمية، مجرد آلة طيِّعة، في يد ما سماه في الأشهر الأخيرة من الولاية الحكومية، ب»التحكم»، فلماذا يريد أن يستمر في رئاسة الحكومة المقبلة؟ هل لإعادة إنتاج نفس التجربة الفاشلة والخطيرة على مكتسبات الشعب؟
لا يمكن لمسيرة البيضاء أن تكون مناسبة للتملص من المحاسبة، ولا يمكنها أن تساعد حزب العدالة والتنمية، على رفع لواء المظلومية، فالمظلوم هو الشعب المغربي، الذي عانى من حلفاء اليمين والرأسمالية المتوحشة، المغلفة بالتجارة في الدين، كما جرت العادة في سائرالتجارب الرجعية.