قتلت الولايات المتحدة الأمريكية، أكثر من ستين جنديا، تابعين لقوات نظام بشار الأسد، والتي كانت تخوض حربا طاحنة في منطقة دير الزُّور، ضد «داعش»، مما دفع روسيا إلى طلب اجتماع طارئ لمجلس الأمن، متهمة واشنطن بالدعم الواضح للإرهابيين في سوريا.

ورغم فظاعة هذه الجريمة، إلا أن سفيرة الولايات المتحدة في الأمم، سمانثا باور، تحدثت بكل الغطرسة المعهودة في الإدارة الأمريكية، معتبرة أن دعوة روسيا لهذا الاجتماع مجرد «تسجيل لنقط رخيصة»، و أضافت أنه «إذا توصلنا إلى أننا قصفنا أفرادا للجيش السوري، فإننا نبدي أسفنا».

بهذه البرودة تعلق السفيرة الأمريكية، على مقتل أكثر من ستين جنديا وجرح أكثر من مئة. غير أن الأدهى من كل هذا هو خطورة العملية، حيث حاولت القوات الأمريكية، بهذا القصف لمواقع الجيش السوري، فك الحصار عن قوات «داعش»، في المنطقة المذكورة، وإتاحة الفرصة لها، كي تسيطر على المطار، المتنفس الوحيد للقوات النظامية.
و لم تتوان روسيا مرة أخرى، في اعتبار أن ما قامت به واشنطن، يقدم الدليل الإضافي على دعمها ل»داعش»، وعدم جديتها في محاربة الإرهابيين، كما تدعي.
و من المعلوم أن المساندة الأمريكية للمسلحين، الذين يحاربون القوات النظامية، مستمرة، على مختلف المستويات، حيث رفعت واشنطن، من ميزانية دعم ما تسميه المعارضة السورية، كما دفعت حلفاءها الخليجيين وتركيا، للزيادة في المساعدات المالية، حيث تمت الزيادة في رواتب مقاتلي ما سمي بالمعارضة المسلحة، كما تم تزويدها بأسلحة متطورة، ومئات السيارات ذات الدفع الرباعي… غير أن الدعم الأخطر، يتم عن طريق تقديم معلومات عن خريطة المعارك وتحركات الجيش النظامي، التي تحصل عليها واشنطن عبر الأقمار الاصطناعية و من خلال شبكة الجواسيس المزروعة في المنطقة.

المسألة السورية، ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد العائم، فالسياسة الأمريكية في المنطقة العربية، تتوضح ملامحها باستمرار، تحكمها نظرية «الفوضى الخلاقة»، التي كانت وزيرة الخارجية الأمريكية، كوندوليزا رايس، قد أعلنت عنها، لبناء ما سمي ب»الشرق الأوسط الجديد». وتوضح التطورات أن واشنطن ماضية في تنفيذ مخططها، بخلق كل شروط اللااستقرار في البلدان العربية وتفتيت كياناتها وإثارة قضايا وتضخيمها، حتى تظل كسيف ديموقليس فوق رؤوسها، قصد ابتزاز مسؤوليها وحكوماتها.

السيناريو الجديد في هذا المخطط المتواصل، هو استصدار قانون لمقاضاة السعودية، في أحداث 11 شتنبر، رغم أن هذا البلد العربي يقدم كل الدعم لواشنطن، في المسألة السورية وغيرها، إلا أن ثقافة رعاة البقر، لا تؤمن إلا بمنطق التغلب والقوة.

*بالفصيح

    الثلاثاء 20 شتنبر 2016.

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…