قد يكون المغاربة تعودوا الإحتكام إلى الشارع للتعبير عن رأيهم مند ثلاثينيات القرن الماضي ، إما إحتجاجا على سياسة التفرقة بينهم بمناسبة صدور الظهير البربري السيئ الدكر و إما لرفض تنصيب بن عرفة سلطانا عليهم . و نزلوا أيضا إلى الشارع تفاعلا مع أحدات الحركات التحريرية التي كانت تجري في شمال أفريقيا و دول الشرق الأوسط . وليس سرا أن نعرف بأن خروج المغاربة آنذاك كانت تطبعه التلقائية و العفوية كما أن شعاراتها كانت ترغف من معين الدين و العقيدة ، فكانت الجموع متلا تردد ” لطف بنا يا لطيف .. بما جرت به المقادير ** و لا تفرق بيننا و اخواننا البرابر ” لدلك كان لا بد من ترسيخ تقافة الإحتجاج في المجتمع بحيت يصبح ممارسة هدا الحق يخضع لضوابط و قوانين تبدعها اللجان التنظيمية للهيئات الداعية للخروج إلى الشارع في مسيرات إحتجاجية . و بإحصاء عدد المظاهرات الشعبية و الإحتجاجات العمالية التي دعى إليها ، فقد كان لحزب الإتحاد الإشتراكي و منظماته الموازية نقابية كانت أو طلابية قصب السبق في الإهتمام بمسألة التأطير التي تطرحها المحطات النضالية تلبية لنداء الوطن أو ما يمليه واجب التضامن مع الأشقاء العرب سواء بفلسطين أو العراق ..
و لعل مناسبة هذا الكلام هي تلك ” المسيرة ” التي شهدتها اليوم “الاحد 18 شتنبر 2016.” مدينة الدارالبيضاء وشارك فيها بضع مئات من المواطنين ، فكانت بحق تفتقر لأبسط أبجديات ثقافة الإحتجاج بحيت لا لون لها و لا طعم ، بالرغم من سمو الرسالة التي حاولت ان تبليغها لمن يهمه الأمر .
و جدير بالدكر أن هده المسيرة الاحتجاجية التي دعت اليها بعض مكونات المجتمع المدني عبر موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك ضد ما وصفته بأخونة المجتمع والدولة، و المطالبة بإلغاء بعض قرارات حكومة بنكيران ، قد وجهت لها الكثير من الانتقادات لعل أقواها ما نسب لعبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية والدي وجه اتهاما غير مباشر لرجال السلطة بالوقوف وراء هذه المسيرة، حينما أكد أن الجهات التي تدعمها وتجيش لها يفترض فيها الحياد .
و بالرغم من زعم العديد من المشاركين بأن الدعوة للخروج في هده المسيرة لم تتم إلا يومه السبت فإن رفع صور موحدة و ترديد نفس الشعارات يوحي بأن الإعداد للمسيرة بدأ منذ مدة و في أكتر من جهة . كما أن نقل المواطنين بسيارات و حافلات تحمل شارة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و حضورهم من القرى و المدن المغربية يطرح الكتير من علامات الاستفهام .. ناهيك على أن هده المسيرة الاحتجاجية لم تعترضها قوات الأمن و لم تقابل بالمنع .. و هي التي لم تتبناها أية جهة و لم يتم الترخيص لها من أية إدارة ! و لو أنه لوحظ بأن نقابة الإتحاد المغربي للشغل قد نزلت بكل تقلها البشري و اللوجستيكي بالرغم من إجتياز بعض أطرها و الدين إعتبروا بأن النقابة قد زُج بها في هذه المسيرة خصوصا وأنها تزامنت مع قرب موعد الانتخابات التشريعية، وبالتالي فإنهم يرون بأن قيادة “UMT” قد ورطت النقابة والطبقة العاملة في معركة تتعارض و إختصاصاتها .
ومهما حدت فإنه لا يسعنا إلا أن نصطف إلى جانب كل من يدافع عن حرية الرأي والتعبير متى توفرت الإرادة و أحترمت الشروط الموضوعية ، لكن للأسف كان من الواجب التفكير في العواقب قبل الإقدام على متل هكدا مبادرة .
الاثنين 19 شتنبر 2016.