مازال المغاربة ينتظرون من الحكومة المنتهية ولايتها بعد أيام معدودة ، أن تصارحهم ب «كشف الحساب» الذي على أساسه يتجسد بالفعل مفهوم «ربط المسؤولية بالمحاسبة» .
وبدل خطاب المصارحة والمكاشفة بالأرقام والحجج حول ما تحقق في كل قطاع من القطاعات التي أشرفت عليها طوال السنوات الخمس المنصرمة ، نجدها تعوم النقاش حول قضايا هامشية بعيدة عن الأسئلة الجوهرية التي تطرح في مثل هذه الظرفية من قبيل : ماذا تغير في حياة المغاربة خلال السنوات الخمس الماضية ؟ هل تحسنت أوضاعهم المعيشية أم زادت سوءا ؟ هل تقوت قدرتهم الشرائية أم ضعفت؟ هل وجدوا في المدرسة العمومية بصيصا من التحسن أم ما زال الوضع التعليمي على حاله؟ هل فتحت أمامهم و أمام أبنائهم المتخرجين مناصب الشغل التي وعدتهم بها الحكومة أم سدت في وجوههم فرص النجاة من شبح البطالة؟ هل باتوا يشعرون بأنهم سواسية أمام أسباب الرزق التي تتيحها الدولة أم مازال منطق الفساد والريع والولاءات هو الغالب المنتصر؟ هل تحرر اقتصاد بلدهم من ثقل الديون أم زاد رهن مصير البلاد لتقلب الأسواق الأجنبية والمؤسسات الدولية المانحة؟…
هذه هي الأسئلة التي لا تريد الحكومة أن تصارح بها المواطنين ، لأن الإجابة عنها تقتضي بالضرورة أن تكون قد أنجزت على أرض الواقع حصيلة اقتصادية قوية و أن تتسلح بالأرقام لا بالخطابات الفضفاضة التي لاتشفي الغليل..
لقد أنفقت هذه الحكومة خمس سنوات من عمرها وهي تجادل وتحاجج وتنافح بشعارات جوفاء : «محاربة الفساد»، «محاربة البطالة» ، «محاربة الريع»، ونسيت الأهم ، وهو العمل في صمت على تحقيق و تنزيل ما تضمنته 75 صفحة من برنامجها الحكومي ، و أن تعد نفسها كما هو شأن الحكومات التي تحترم نفسها ، للحظة الحساب .
ما لا تريده الحكومة أن تحاسب عليه وهي تغادر دفة القيادة ، هو أين نحن من 5.5 في المائة كنسبة نمو وعدت بها في 2012 ؟ لأن هذا الرقم تحول إلى 1.2 في المائة في 2016 ، وماذا فعلت لتقليص معدل البطالة إلى أقل من 8 في المائة ؟ لأن المغرب سينهي 2016 ب أزيد من 10 في المائة من العاطلين؟ و هل نجحت الحكومة في خفض العجز؟ نسبيا، ولكن على حساب رفع المديونية باقتراض أزيد من 320 مليار درهم ، وهو رقم قياسي في 5 سنوات لم يسبق أن اقترضته أي حكومة في تاريخ المغرب. هذه هي الحصيلة الحقيقية التي تزعج الحكومة، وهي تخرج من الباب الخلفي، مخافة مطالبتها بالفاتورة..