ثمة لعبة معروفة في الإشهار التجاري، وقد تم اقتباسها أيضا في الدعاية السياسية، تتمثل في إطلاق أوصاف وتصنيفات، ليست بالضرورة حقيقية وواقعية، والترويج لها بقوة، عن طريق التكرار،و استعمالها باستمرار، كما لو كانت فكرة مسلّمة يتقاسمها الجميع. من قبيل ذلك، ما يحاول البعض تمريره بادعاء أن حزب العدالة والتنمية ينتمي للصف الوطني الديمقراطي.
بل أكثر من ذلك، يتجرأ بعض المكلفين بهذا الإشهار السياسي بتنصيب الحزب المذكور قائدا لهذا الصف الوطني الديمقراطي، ويدعون الأحزاب الأخرى التي يعتبرونها ضالة، للالتحاق به.
مصطلح الصف الوطني الديمقراطي أطلق في المغرب على الأحزاب التي عارضت نظام الحسن الثاني، وهي معروفة، تنتمي لليسار، باستثناء حزب الاستقلال الذي لا ينتمي للتيار اليساري. أما حزب العدالة والتنمية فلم يكن أبدا في صف معارضة هذا النظام، بل على العكس من ذلك، لقد تم إنشاؤه في حضن حزب كان باستمرار حليفا لهذا النظام وخلق من طرفه، من أجل التصدي للصف الوطني الديمقراطي.
هل يتجرأ المكلفون بالإشهار السياسي، من طرف هذا الحزب، للإدعاء بأن الدكتور عبد الكريم الخطيب، مؤسس حزب العدالة والتنمية، كان شخصية من الصف الوطني الديمقراطي؟
هذا من حيث المنشأ، أما من حيث المسار، فقد تكلف هذا الحزب بمعارضة حكومة التناوب التي كان يقودها المجاهد عبد الرحمن اليوسفي في مرحلة وزير الداخلية الأسبق، إدريس البصري، وما بعده. ولم يعرف أبدا عن هذا الحزب أنه اتخذ موقفا ديمقراطيا من أي قضية، بل كان أداة للتوجهات الرجعية، مثلما حصل عند مناهضته لخطة إدماج المرأة في التنمية.
ظل هذا الحزب، باستمرار، أداة تستعمل في التصدي للتوجهات الوطنية الديمقراطية، منذ نشأته منتصف تسعينيات القرن الماضي، ضد الكتلة الديمقراطية، وضد حكومة التناوب، وبقي في كرسي الاحتياط، ليلعب نفس الدور ضد حركة 20 فبراير، حتى تم إدماجه كلاعب رسمي في الفريق الحكومي، بعد دستور 2011، في إطار خطة تجاوز آثار ما سمي بالحراك العربي. وهذا ما صرح به أمينه العام، عبد الإله بنكيران، في اعترافاته.
الآن يسعى هذا الحزب ليستمر في دور اللاعب الرسمي، بعد أن تبين له أنه مرغوب فيه ليعود إلى كرسي الاحتياط، لذلك يحاول تقمص دور آخر لم يخلق له، يتمثل في إيهام الرأي العام بأنه ينتمي للصف الوطني الديمقراطي، فقط في إطار المنافسة الانتخابية ضد حزب الأصالة والمعاصرة، وهذا ليس كافيا لتغيير جلدة الحزب.