التشكيلة الإجتماعية خلال الإستعمار :
* عرفت منطقة تارودانت مقاومة المستعمر عبر المشاركة في ثورة الهبة و لم يتم إخضاعها إلا بعد تحالف الإقطاع و الإستعمار ضد مقاومة الفلاحين الفقراء ، و تم فصل المدينة عن البوادي و بالتالي فصل سوس العاليا/ منطقة تالــوين بالأطلس الصغير و تفنــوت بالأطلس الكبير شرق المدينة عن سوس السفلى/سـهل سوس و الأطلس الكـبير الشمالي الــغربي و الجزء الجنـوبي الغربي من الأطلس الصـــغير و توزيغ النفوذ بين الكلاوي بتالوين و الكندافي بتيزنيت ، و هكذا استطاع الإستعمار المباشر السيطرة على حوض سوس حيث تخلى عن المناطق الجبلية و بعض الأراضي في السهل لقادة الإقطاع ، و استولى على الأراضي الخصبة بسهل سوس و لبسط سيطرته عليها أنشأ الطريق الرئيسية رقم 32 بين أكادير و ورزازات و التي تقسم السهل إلى شطرين أساسيين ، أولا في المنطقة الجنوبية للوادي غرب تارودانت حيث مناطق هوارة و سبت الكردان التي أقام فيها الضيعات الأولى الخاصة بالحوامض و الخضر الطرية و الورود على جانبي الطريق ، و ثانيا في شمال الوادي بمنطقة أيت إيعزا و أولاد برحيل و أولوز شرق تارودانت التي لم يتم استغلالها و هي عبارة عن أراضي الجموع في أغلبها و التي توجد تحت سيطرة القائدين الإقطاعيين حيدة أميس بأولاد برحيل و الضرضوري بأولوز ، و هكذا بدأ المستعمر في تحويل الملكية الجماعية للأراضي بمنطقة سبت الكردان و هوارة إلى ملكية فردية رأسمالية في يد المعمرين الفرنسيين و تحويل الفلاحين الفقراء إلى عمال زراعيين بضيعاتهم و خاصة المرأة ، و تم بناء معامل التلـفيف قصد تصدير الحوامض و الخـضر و الورود كما تم بناء معمل فريماسوس لتصنيع المشروبات الغازية و الكحولية و بذلك نشأت طبقة عاملة كعنصر جديد بالمنطقة في المعامل و الضيعات.
و بالمقـابل عمل المـستعمر على إنشـاء مركزين أساسيين هما مـركز أولاد تــايمة و سبت الكردان اللذان أقاما بــهما سلطـته الإدارية ،أولا من أجل بسط سيــطرته و نشر الضبط الإجتماعي و ثانيا من أجل مراقبة المؤسسات الفلاحية و الصناعية التي أقامها على أراضي الفلاحين الفقراء ، و لخلق إجماع حول مشروعه الإستعمار أقام أوراشا لبناء الإدارة الإستعمارية و ما تحتاجه من مرافق موازية بهذين المركزين ، مما نتج عنه رواجا ملحوظا بعد خلق فرص الشغل و بالتالي حركة اجتماعية تضم طبقة عاملة تقيم في التجمعات السكنية الجديدة بالمركزين ، و تتشكل هذه الطبقة من العمال في مجال البنـاء و التعمير و العمال الزراعـيين و خاصة الـمرأة و الــطفل و التجار و الحرفيين ، كما تم إقامة أسواق تجارية جديدة لتنشيط المنتوج الفلاحي بالضيعات التي أقامها المستعمر و الذي يكون غير قابل للتصدير إما بعدم الحاجة إليه أو نظرا لسوء جودته ، و بذلك نشأت حركة تجارية خاصة بأولاد تايمة التي ما زالت تتوفر إلى يومنا هذا على سوق لتجارة الخضر و الفواكه له شأن كبير في منطقة سوس ، كما عمل المستعمر على دعم طبقة البرجوازية التجارية بمنح امتيازات لبعض أعوان الإقطاع بالترخيص لهم بما يسمى ” البون ” لتجارة بعض المواد الأساسية كالسكر و الشاي و القهوة و الدخان ، و هكذا تم إنشاء مركزين أساسية في الجهة الغربية الجنوبـية لمدينة تارودانت الـتي عمل المستعمر على تـــهميشها و ذلك بتحويل مركز سلطتها إلى مدينة أكادير ، أولا لتوفرها على ميناء صالح لتصدير المنتوج الفلاحي الذي يتم انتاجه بأولاد تايمة و سبت الكردان و ثانيا لإمكانية خلق مراكز صناعية و مالية خدمة للرأسمال المركزي ، و أصبحت مدينة تارودانت في المركز الثاني بعد هذين المركزين من حيث الأهمية الإقتصادية و بالتالي أصبحت تابعة لإدارة الإستعمار بأكادير.
و في باقي المناطق تم إنشاء مراكز أقل شأنا من الناحية الإقتصادية و أكثر أهمية من حيث الضبط الإجتماعي و هي أولاد برحيل و تفتكولت و أولوز و تالوين و إيغرم ، هذه المراكز التي تعرف إزداجية السلطة بين المستعمر و الإقطاع ، و خاصة بتالوين و المناطق التابعة لها حيث تم بسط سلطة الكلاوي و التابعة لمركز ورزازات بعد فصلها عن تارودانت ، و أولوز و المناطق التابعة له حيث بسط سيطرة القائد الإقطاعي الضرضوري و أولاد برحيل حيث بسط سيطرة القائد الإقطاعي حيدة أميس ، و تحولت تارودانت إلى مدينة معزولة تراوح مكانها داخل سورها تراجع ذكرياتها التاريخية و لم يبق أمامها إلا الإنزواء و الزهد في حياتها ، و ذلك عبر التشبث بتراثها التاريخي الذي يمثل أنفة الإنسان الروداني ، الذي عكف على ممارسة الحركة الحرفية و التجارية البسيطة و استغلال الأراضي الفلاحية بالجنان المجاورة للمدينة و معاصر الزيتون و العرائس داخل المدينة ، دون أن ننسى الإهتمام بالثقافة العربية في المدارس العتيقة و المساجد الكثير بالمدينة إلى جانب الثقافات الشعبية و على رأسها الدقة الرودانية و الملحون ، و تعرف المآثر التاريخية بالمدينة تهميشا ملحوظا بل تفوية غريبا حيث تم تفويت دار البارود بما تمثله من معلمة تاريخية هائلة و ما فيها من جنان لأحد الإقطاعيين / الوزاء السابقين و تحويل معلمة تاريخية أخرى بالقصبة إلى فندق ، و تبقى العائلات العريقة ذات الأصول الأمازيغية و التي تم استعرابها تعيش على أمجاد تاريخ تارودانت في ظل حصار تحالف الإستعمار مع الإقطاع.
*و نحن أطفال صغار عندما كنا نعلوا أسطح سور مدينتنا كانت تحضرنا بعض الحكايات الرهيبة التي كانت تروى عن هدا السور لسيما تلك التي تتحدت عن كون جدرانه عندما تهدم كانت تصبح شامخة و كأن الجن قد أعاد بناءها ليلا و الناس نيام ؟
أو تلك الرواية التي تحكي أن حيدة ميس و هو أحد ” القياد ” المشهورين بالمنطقة ، كان يأمر بأن تعلق رؤوس المارقين على أسوار المدينة بل لا يتردد أحدهم يأن يخيفنا عندما يحكي بأن هدا ” القائد ” كان يعيد بناء حيطان هدا السور على هياكل كل من شق عصى الطاعة ؟؟
و عموما فقد كان هذا السور بحق مؤسسة عسكرية تبرز الدقة والقوة قي التقدير والمنطق الحربي السليم.
ومنذ ذلك التاريخ يعد سور المدينة الحالي معلمة تاريخية وحضارية، ومظهرا من مظاهر عظمة المغرب السعدي. وعبر عن ذلك أحد القواد الفرنسيين في وصفه للسور بكونه يشبه في لونه لون الأسد بعد أن وضعه في مستوى عظمته أسوار فاس ومراكش ….
أبواب المدينة :
تتخلل أسوار تارودانت خمسة أبواب متميزة في هندستها يجدر بنا اعتبارها كمآثر مستقلة تتميز هذه الأبواب بتصميمها المتميز والذي وضع أصلا للاستجابة إلى دورين أساسيين كانا منوطين بها وهما :
الدور العسكري :
ويتجلى في حماية المدينة من كل هجوم مفاجئ، مراقبة زوارها مراقبة دقيقة يمكن منها تعدد الأبواب داخل بناية الباب الواحد (باب القصبة، باب الزركان، باب تارغونت، باب السلسلة… بابين لكل منها)، وبينما تشكل الرحبات (الساحات) المتواجدة بينهما مجالا لتحرك الجرس، وتفتيش الزوار الغرباء، وساحة لمواجهة بعض المهاجمين الذين قد يتمكنون من اجتياز الباب الأمامي وتعطيلهم على إغلاق الباب الخلفي … وعلى جنبات كل مدخل أمامي نجد أقواسا تحصر فراغات مرتفعة بحوالي 80 سم عن الأرض، مغطاة يستقر بها الحراس يتناولون طعامهم بل ويطبخون أحيانا وهو ما خلف غلافا سميكا من الدخان في سقفها. وقد كان يتم إغلاق هذه المنافذ خلال الليل بواسطة أبواب سميكة غلف بعضها بصفائح من الحديد حتى يتمكن من الصمود في وجه النيران …
الدور الجبائي:
في فترات السلم كانت المدينة تتحول إلى قبلة للتجار الوافدين سواء من القبائل السوسية، حيث كانت عاصمة سوس ومتجمع قبائله أو من المدن وآفاق البعيدة كمراكش وفاس وبلاد السودان … وكانت هندسة الأبواب التي ترغم القوافل على المرور ببابين متواليين تمكن من ضبط مستخلص الجبايات كما كانت الرحبات تتحول إلى مستودعات لتجميع البضائع والمواد التي تدفع كضرائب عينية لتعشير التجارة الداخلة نحو المدينة.
*ودار البارود هي من المآثر المعمارية الخالدة بالمدينة العتيقة ” تارودانت” في صدر القرن (14هـ- 20 م) بناها الحاج حماد بن حيدة اميس”، في مكان كان عبارة عن أكمة مصطنعة بفعل تجمع الرماد ونفايات صناعة البارود قبل 1900م
والباشا احمد بن علي الكابا كان أول من فكر في بناء بناية هناك، وشرع في ذلك لكن أحداث الظرف التاريخي لم تمهله مع حركة أحمد الهيبة. إلى أن تولى الحاج حماد بن حيدة ميس.
وبدأ هذا الباشا تأسيس( دار البارود) في ظرف بلغ أشده بين الحاج حماد والقائد ناصر في اكثر من مجال، وحرص على ان تكون دار البارود محج الساسة والحكام والفنيين والشعراء، لكن القدر لم يكتب له تحقيق مآربه، وبعد الحاج حماد انتقلت ملكيتها لآخرين واقتسموه إلى قسمين.
و يعتبرمسجد القصــبة من المعالم الإسلامية القديمة بالمدينة والعمرانية الدينية المذكورة والمؤسسة قبل العصر المريني، فقد ذكر الوزان الفاسي في صدرالقرن العاشر أن هذا المسجد تقام فيه صلاة الجمعة قبل قيام السعديين مما يدل على وجوده قبل توسيع المدينة وتجديدها فيما بعد.
ولا يستبعد أن يكون هذا المسجد من أقدم المساجد بالمدينة باعتباره داخل القصبة التي يرتبط وجودها بالوجود السياسي للدولة المغربية بسوس حيث ينزل خليفة السلطان، والحامية العسكرية كما أسلفنا الذكر. فيكون هذا المسجد مبنيا في الدرجة الأولى لرجال المخزن المغربي والجنود ومن إليهم من موظفي الدولة الدين كانت القصبة إلى عهد قريب مخصصة لسكناهم ومقر اسقرارهم.
ويقع هذا المسجد في الناحية الغربية داخل السور المحاط بالقصبة، التي تقع بدورها في الزاوية الشمالية الشرقية داخل حدود سور المدينة.وقد شهد حركة علمية نشيطة في بعض الفترات فكانت حلقات الدروس العلمية تعقد فيه من طرف علماء ومدرسين إلى صدر القرن الرابع عشر الهجري و أوائل القرن 20 م.
*دور المساجد في نشر التعليم:
كما هو الشأن في جميع الحواضر المغربية، فإن التعليم بمدينة تارودانت يرتبط بالمساجد والكتاتيب والزوايا والرباطات إلى جانب المدارس، فلا تكاد تخلو حارة، مهما بلغت من الصغر، من كتاب تكون جوانبه غاصة بالصغار، من كتاب تكون جوانبه غاصة بالصغار، وهم منهمكون في حفظ القرآن ومبادئ العلوم،ويبلغ التنافس أشده بين الكتاتيب والحارات في جودة الحفظ والحذق وكثرة المتخرجين الذين ختموا القرآن الكريم مرات عديدة بضبط وإتقان، ثم يرتقي المتفوقون الحاذقون في سلم التعليم بالمدارس، ويجلسون في حلقات العلماء بالمساجد الجامعة.
وأشهر هذه المساجد ثلاثة:
– جامع القصبة.
– ومسجد مجمع الأحباب.
– والجامع الكبير.
فجامع القصبة قد يكون أول مسجد أسس بهذه المدينة، لأن القصبة السلطانية لها ذكر في العهد المرابطي والموحدي، ومن غير المعقول أن تخلو من مسجد.
وإلى اليوم يعتبر مسجد القصبة من المساجد الجامعة بالمدينة، وبه أخذ القاضي أبو زيد التمنارتي على أبي عبد الله البعقيلي الخطيب الإمام المتوفى عام 1006هـ(1)
ثم بلي مسجد القصبة مسجد مجمع الأحباب، الذي يدعى في الوثائق التاريخية «بالمسجد الجديد»، تلحق به مدرسة عتيقة تلاصق مقصورة النساء إلى جهة الباب الشمالي.يقول أبو زيد عبد الرحمان الحشتيمي عن شيخه التهالي:
«… وكان يدرس في العلم ونفي القرآن في مدرسة القطب سيدي أحمد بن موسى (بتزرولت) مدة، ثم استقر (بردانة) في مدرسة القطب سيدي أحمد بن موسى (بتزرولت) مدة، ثم استقر بردانة في مدرسة مجمع الأحباب يدرس حينا ويتعبد حينا، حضرت مجلسه في التلخيص فوجدته من رجال العلم..(2)وقد اندثرت هذه المدرسة اليوم، وأضحت مساكن حبسية.
ومن ملحقات هذا المسجد أيضا خزانة كتب عتيقة، فقد ورد ما يلي في إحدى وثائق حوالة أحباس تارودانت-
«الحمد لله، وفي خزانة جامع أم الأحباب – عمره الله بوجود سيدنا المنصور بالله- من كتب سيدنا أيده الله المحبسة عليه، المصحف المبارك الكريم في سفرين، ثم دلائل الخيراث، ذكره حائزه الطلب عبد الله بن الحاج المؤذن الولتي..»(3)
أما المسجد الذي كانت إليه الريادة في نشر العلوم والمعارف بهذه الربوع، فهو الجامع الأعظم الذي يرتبط تاريخ المدينة به ارتباطا وثيقا، وتعتبر الفترة التي تدرسها من أزهى الفترات التي عرفها منذ تأسيسه.
*الجامع الكبير بتارودانت:
يقع الجامع الكبير في الجهة الشرقية من المدينة، وإليه تنسب الحارة القريبة منه، وحوله من جميع الجهات مساكن العلماء والطلبة والبيوتات الكبرى، وكان من دخله يعجب من اتساعه واتساق زخارقه.ولا يعرف تاريخ بنائه، ولعل العمل الذي قام به محمد الشيخ السعدي هو تجديد بنائه وتوسيع جنباته..»يقول الدكتور محمد حجي عن عمل محمد الشيخ السعدي:
«وقد بالغ في زخرفته حتى أضحى أعلم وأفخم من جامعي المواسين وباب دكالة المستحدثين فيما بعد في مراكش..»
غير أن عوادي الزمان عدت إليه، فتعرض للإهمال والخراب، فرممه السلطان المولى الرشيد، وأعاد بناء ثلاث قبب الصناع في زخرفتها، حتى إنها أصبحت تضاهي ما كانت عليه أيام محمد الشيخ السعدي، وهناك لوحتان جبصيتان في الرواق اللاصق للصحن توضحان تاريخ الترميم و
كما أعيد ترميمه مرة أخرى في عهد السلطان المولى يوسف، خاصة الرواق الغربي الذي يوالي الميضاة وحارة سيدي احساين الشرحبيلي.
الحركة العلمية في الجامع الكبير بمدينة تارودانت خلال القرنين العاشر والحادي عشر الهجريينوتداعى إلى السقوط مرة أخرى، فدعت إدارة الأحباس سقرفه وحدرانه بجذوع الخشب، وزارة العلامة الحاج سكيرج في رحلته إلى سوس. وقال عنه في سياق حديثه عن تارودانت وهو يتألم لحاله.
ودخلت جامعها الكبير فهالني
لما رأيت دعائم الحيطان
وتشابك الخشب الذي بسقوطه
وشقوقه من سائر الأركان
قد غيرته يد تظن بأنها
قد أصلحت ما فيه من خسران
وفي سنة 1364هـ تفقده المغفور لهر محمد الخامس، فأعطى أوامره بإنقاذه، فكان كما أمر حين رجعت إليه نضارته وبهاؤّه.
كما عرف سنة 1400هـ عدة إصلاحات وترميمات شملت المقصورة الكبرى، والصومعة، والميضأة، إلا أنها طمست جميع النقوش الأثرية الموالية للصفوف الأمامية والجهات المحيطة بها…
3ـ مرافق المسجد:
بالإضافة إلى المقصورة الكبرى، ومقصورة النساء والصحن الفصيح والصومعة البديعة والميضأة والكتاب، توجد به ساقايتان عموميتان، وإلى جهة القبلة مقبرة مشهورة عند العامة بالمحراب لأنها إلى جهته، وبها دفن العلامة أبو عبد الله التلمساني 1001هـ والحاج عمر الوقاش التطواني 1149هـو ومنها كان يدخل السلاطين والخلفاء ولخطباء يوم الجمعة.
بالإضافة إلى ذلك فإن المسجد يتوفر على خزانة كتب عتيقة، وعلى مدرسة علمية يسكنها الطلبة الآفاقيون، إلى جانب حمام من تحبيس عبد المالك بن إسماعيل العلوي.
ولا نريد أن نمضي إلى ما نحن بصدده دون أن نتكلم ولو بإيجاز عن الخزانة والمدرسة(8)فيما يتعلق بالخزانة فالحوالة الحبسية الرودانية مليئة بالوثائق التي تتضمن تحبيس العديد من الكتب من طرف السلاطين السعديين، والعلويين والعلماء والعامة لفائدة هذه الخزانة.
وهناك جرد لمحتوياتها بتاريخ 1139هـ تزاد إليه الكتب التي حبسها العلامة محمد ببن سالم الروداني، وفي هذا الجرد أسفار القرآن، وكتب الحديث، كالبخاري وغيره، وكتب الفقه، والتصوف، والرفاق والسيرة النبوية، والمنطق واللغة..(9)
ثم لما ظهرت المطابع الحجرية ببعث السلطان الحسن الأول، وهو ما يزال وليا للعهد ببعض المنشورات الحجرية الأولى، ونسخة الرسالة التي بعث بها مع الكتب تحتفظ بها الحوالة الحبسية وهي موجهة لسيدي الطيب بن محمد التملي الروداني.(10)
ويذكر الأستاذ محمد المنوني -حفظة الله- أن ببعض كتب هذه الخزانة يوجد في خزانة الجامع الأعظم بمكناس. وهي من تحبيس «زيدان بن أحمد المنصور».
على جامع المحمدية، (11) كما ألحقت بعض كتبها بخزانة «الإمام علي» العامة بتارودانت، وتفرق الباقي في أيدي الناس بفعل تقاعس بعض النظار عن الضبط والحزم الذي اتسم به السابقون، وبفعل العارية «والعارية آفة الكتب»…
وفي الخزانات الخاصة اليوم بتارودانت بعض النسخ من كتب هذه الخزانة(12)إلى جانب الخزانة هناك المدرسة العتيقة الملحقة بالجامع، والتي تسمى بمدرسة الجامع الكبير.
وقد درس بها جهابذة العلماء، وبها كانت دراسة القراءات ومبادئ العلوم، كما يقطن بها الطلبة الآفاقيون، وفي بهوها يجلس أهل الشورى، أي مجلس كبار العلماء للنظر في النوازل، ومؤازرة القاضي فيما يعرض عليه من معضلات القضايا، وتوجد على بعد خطوات من الباب الغاربي للمسجد قرب دار آل الوقاد التلمسانيين محادية لدار القضاة التمليين المشهورين.
وقد بقيت هذه المدرسة على حالها إلى سنة 1957 ميلادية، حيث بنتها جمعية علماء سوس على طراز جديد، وبها كان مقر المجلس العلمي إلى عهد قريب.
وفي سنة 1972م أطلق عليها اسم «المدرسة الجشتمية» تيمنا باسم الأسرة الجشتمية العلمية الشهيرة، وأضحت تستقطب حفظة كتاب الله من المدارس العتيقة الذين يدرسون بها قبل الالتحاق بالمعهد الإسلامي.وبالجملة فالجامع الكبير بتاريخه ومرافقه ورجاله وعلومه يمثل في سوس ما يمثله جامع ابن يوسف في مراكش، وجامع القرويين في فاس، وشيوخه لا يجلس إلى حلفائهم إلا من له الأهلية من متمكني الطلبة الذين جالوا من قبل في مدارس الجبال، أو تبغوا في المدارس الحضرية…
*الحركة العلمية بالجامع الكبير خلال القرنين العاشر والحادي عشر:
تشح المصادر والوثائق فيما قبل القرن العاشر إلى درجة النضوب، فهي لا تمدنا بأخبار عن الحركة الفكرية في تارودانت وسوس عن العموم، ولا تشير إلى شيء من ذلك، إلا إذا اتصل بالأحداث السياسية من قريب أو بعيد.وقد يعجب المرء من ازدهار العلوم وفنونها في هذه الفترة رغم ما شابها من اضطراب سياسي، وقلاقل وحروب، وأوبئة ومجاعات. خاصة بعد وفاة أحمد المنصور سنة 1012، وكذلك أثناء استقرار المشوب بالحذر أثناء إمارتي الحاحيين والسملاليين.
ويمكن إرجاع سبب هذه النهضة العلمية -كما سبق أن أشرت إلى ذلك في المقدمة- إلى الأهمية السياسية والاقتصادية التي أصبحت لتارودانت في هذه الفترة، واستقطاب الملوك، والخلفاء، والأمراء لكبار العلماء لعمارة المسجد الأعظم،ن وتحفيزهم بالرواتب السنية.
يقول الأستاذ سيدي محمد بن عبد الله الروداني رحمه الله.
«إن سوق العلم كانت نافقة بتارودانت في القرنين العاشر والحادي عشر، بحجة أن القاضي عبد الرحمان التمنارتي دخلها ذا دؤابة، فلم يبرحها لطلب العلم بغيرها حتى صار قاضيا بها ومؤلفا» .
ويكفي المسجد الأعظم وبقية مدارس ومساجد تارودانت فخرا أن يتخرج بها السلطان الفذ أحمد المنصور الذهبي، وقد احتفظت لنا كتب التاريخ والتراجم بوثيقة بالغة الأّمية يشير فيها السلطان أحمد المنصور إلى نشأته بتارودانت، والعلوم التي حصلها، مع ذكر أساتذته وشيوخه وقد جاء فيها ما يلي:«قال أ يده الله: لما تحرك السلطان رحمه الله لسوس… رحلني معه رحمه الله، فبدأت الرسالة بالسوس على الفقيه أبي عمران موسى السوسي رحمه الله وسلكتها على الفقيه أبي الربيع سليمان باللوح مرتين، وكنت أقول«مختصر خليل» لنفسي، وأكتب منه لوحا.
وبعد خروجي من الكتاب أدرسه، إذ لم يكن يكلفني السلطان -رحمه الله- قراءته لطوله.ثم درست ««الرسالة» أيضا باللوح على الفقيه النحوي أبي محمد عبد العزيز بن إبراهيم سلكتين، وقرأتها عليه قراءة فهم وتدقيق بعد حفظها، وقرأت عليه أيضا «مقدمة ابن آجروم» قراءة فهم وتدقيق مرارا متعددة وأعربها عليه، وقرأت عليه أيضا «ألفية ابن مالك» باللوح سلكتين أو ثلاثا.
وقرأت «علم العربية» عن الفقيه الأستاذ حوي زمانه بلا مدافع أبي العباس القدومي رحمه الله.وبدأت قراءة ««الألفية» على الفقيه المتفنن الدراكة النهامة أبي عبدالله بن أبي القاسم الشريف.وعاق عن التمام ما كان من تحرك الطاغية باستدعاء ولد أخينا فتحركت لفاس ومعه لبسيط أزغار»
وهذه الوثيقة إلى جانب أهميتها السياسية التي لا تخفى تشير إلى تكوين الأمراء السعديين العلمي، واختيارهم لتارودانت مهد دعوتهم، ومنطلق دولتهم لهذه المهمة، وذلك باستقطاب أمثال هؤلاء العلماء الأفذاذ المشهورين.
1- تاريخ الكراسي العلمية بالجامع الكبير:
تعتبر الكراسي العلمية من المناصب السامية الرفيعة التي لا تصدر إلا عن السلطان، أو من ينوب عنه، وهي مشهورة بالمغرب في الحواضر منذ أمد بعيد، غير أن أهميتها زادت على عهد السعديين، وكذا العلويين، حيث عين فيها جهاببذة العلماء، وخصصت لهم الأرزاق الوافرة مع ارتفاع مكانتهم عند الخاصة والعامة.
«ومن الكراسي العلمية القديمة المعروفة بالجامع الكبير بتارودانت كرسي البخاري، وكرسي الرسالة، وكرسي المهدي مختصر خليل، ويظن أنها من إنشاء ووقف محمد المهدي الشيخ محيي هذه المدينة، ومجدد معالمها العلمية والدينية»
وفي الحوالة الحبسية الرودانية وثيقة تثبت اهتمام السلاطين السعديين والعلويين، بهذا المسجد كما تبين
قيمة الرواتب المخصصة للتدريس والإفتاء، وتؤكد عناية المغاربة بكتب الفقه المالكي الذي عليه القضاء، وبه العمل.ونص الوثيقة كما يلي:
«بسم الله الرحمان الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.
في علم كتابه -خار الله له- أن الراتب المعروف لخطة الفتوى، ويأخذه المفتي قديما من الأوقاف الرودانية أربعة مثاقيل من الثمانية الموزونات، حسبما هو مسطور في غير ما جريدة من الجرائد، وتسجيلات الرواتب، ثم راتب مدرس «مختصر الشيخ خليل» خمس أواق بسكة المنصور مولاي أحمد رحمه الله، ومدرس «رسالة الشيخ ابن أبي زيد القيرواني» راتبه أوقيتان وتصف بالسكة المذكورة يجرى له ذلك عن كل شهر من شهور السنة، وهو أيضا من الجرائد الأحمدية التي عليها طابعه الذي تنفذ به أوامره الكريمة، فذلك كما ذكر.
وقيده شاهدا به لسائله منه بجمادى الثانية من سنة خمسة وثمانين وألف .
كما تشير هذه الوثيقة إلى استقلال خطة الإفتاء، وأن أصحابها يعينون أسوة بالقضاة والمدرسين وأهل الحسبة وبقية الوظائف السامية.
ب- علماء الجامع الكبير من خلال كتاب (الفوائد الجمة) لأبي زيد التمنارتي:لقد احتفظ لنا العلامة القاضي أبو زيد عبد الرحمان التمنارتي في كتاب «الفوائد الجمة بإسناد علوم الأمة» بجملة من علماء الجامع الكبير الذين كانوا ملء السمع والبصر، وتجاوزت شهرتهم سوس إلى بقية الأصقاع، وذكر تبحرهم وتمكنهم. كما أثنى على صلاحهم وحسن معتقدهم:والذي يهمنا من هذه التراجم هو النشاط العلمي، برامج التعليم، وكتب الدراسة، وطريقة التعلم، والإفادات العلمية المتصلة بذلك.
من بين هؤلاء العلماء من استقطب من خارج المغرب، مثل ابن جلال التلمساني 981عـ الذي قدم مع محمد الشيخ السعدي، وقدم للإقراء بالجامع الكبير بتارودانت، وأخذ عنه فقها0ها 22 وإمام الدين الخليلي إمام مسجد الخليل، الذي حل بتارودانت، ودرس بها، وأفاد أهلها وأججاز العلماء والطلبة بمروباته.وكذلك أبو عبد الله التلمساني 1001 هـ الذي يقول عنه التمنارتي:
«سمعت منه «صحيح البخاري» مرارا عديدة بتمامه، وقرأت عليه «رسالة أبي محمد» رضي الله عنه «مختصر الشيخ خليل» بتمامها، و»الشامل» للعلامة بهرام إلى قرب نصفه قراءة بحث وتحقيق، وحضرت ما سواهما من الكتب كـ:»مختصر» ابن الحاجب و»عقائد» أبي عبد الله السنوسي و»التفسير» و»العربية» بقراءة للغير عليه.
كما يقول عنه في مكان آخر، ذكرا صبره ومكابدته لمشاق التعليم وأهله.
«قدم للفتوى والإمامة والخطبة بالجامع الكبير، وحصل له بها حال ووجاهة عند العامة والخاصة، وهو أول ممن قرأ فيها ببراعة اللسان، ومواعظ تنبه الوسنان، ترده الفتوى من سائر آفاقها فيحسن التوقيع عليها بطريقة من الاختصار، وله مطالعة بفقه المذاهب والخلاف، مواظبا على التدريس والتفسير والحديث بالجامع المذكور، تام الاعتناء به، صابرا لجفاء طلبة أهل الجبال، متحملا لسوء أخلاق العامة»
وقد بقي العلم في أسرة التلمساني زمنا، ودارهم معروفة إلى الآن،
بالإضافة إلى ابن الوقاد، ذكر التمنارتي شيخه عيسى السكتاني، وذكر العلوم والكتب التي تلقاها عنه بقوله عنه:
«ولي قضاء الجماعة بسوس، ودرس بقاعدته تارودانت، وحضرت دروسه في الأصول والفروع وغيرها، فرأتيه مليح التحقق، صحيح التدقق، أنيق الفهم، صائب السهم، قرأت عليه «إيضاح المسالك» المونشريسي فأجاد وأفاد، بين القواعد وقرب الشوارد، ولم يظفر إذ ذاك يشرح يعتمده بحاله إلا ما تقرر لديه، من أصول مسائل المذهب وقواعده، وما ذلك إلا لقوة إدراكه واتساع تصرفه»
وفي هذا النص دلالة واضحة على الطريقة المتبعة في تدريس العلوم عند كبار العلماء، خاصة في الفقه وأصوله، وهي تحليل المتن، وشرح غوامضه، مع الاعتماد على الشروح التي تختلف حسب مدارك الطلبة، فإن لم تتيسر ففي تجربة وعلم ودراية المدرس كقابة.
من هؤلاء العلماء كذلك القاضي سعيد بن علي بن سعيد الهوزالي، الذي ولي قضاء تارودانت نيفا وثلاثين سنة.
يقول أبو زيد التمنارتي:
«حضرت دروسه وانتفعت به في «مختصر الفروع» لابن الحاجب، والشيخ خليل، و»التفسير» و»العربية» و»تنقيح» القرافي… وكانت تجري في مجلسه ننكت عزيزة، وملح مفيدة، وحكايات ونوادر، قل أن توجد مع غيره، وقيدت عنه الفتاوي تقاييد، وجمعت من أجوبته كراريس حسنة..»
والهوزالي هذا نار على علم، قضى، وأفتى، ودرس، ومن تلاميذه عبد الله بن يعقوب جد اليعقوبيين، الذي لازم الدراسة في تارودانت سبعة عشر سنة… ركان الأستاذ سيدي أحمد بن المحفوظ الأدوزي -رحمه الله- عند زيارة المقبرة الكبرى في باب الخميس يمر ضريح الهوزالي ويقول: «إنه شيخ جدنا».
والقاضي أبو زيد عبد الرحمان التمنارتي بدوره ورد (ردانة) وهو صغير اسن، وبها نشأ وأخذ علومه، ولما نشأ وتمت معارفه ولي بها التدريس والقضاء والفتوى، فنراه ييشير في ثنايا كتابه ««الفوائد الجمة» إلى بعض مجالسه العلمية، ويتناول القضايا المدروسة، ويبين الخلاف، ويوجه رأيه بالأدلة النقلية والعقلية ليقنع قارنه.
يقول عن بعض هذه المجالس:
«وفي مكان آخر يقول:
«شرعت في قراءة «صحيح البخاري» في رمضان في الجامع الكبير مع أصحابنا الطلبة للإفادة والاستفادة، فوشي بي قارئه بدار الإمارة قائلا للأمير: إنما قصد فك مجلسك وتفريق الطلبة عنه.
فهدى الله الأمير لما اقتضاه دينه، فقال له: ««دعه، فإنما فعل صوابا»
وهذا النص يفيدنا العناية الخاصة التي كان يلقاها «صحيح البخاري» في رمضان، حيث تعقد له المجالس العامة والخاصة، ويتم تدارسه وشرحه وسرده على نطاق واسع.
إلى هنا نتوقف، كي لا نطيل الحديث بجرد قوائم العلماء الذين حطوا رحالهم بالجامع الكبير، والذين يعدون بالعشرات، ففيما ذكرناه كفاية.
ج ـ ملاحظات عامة:
ـ المواد الدراسية هي العلوم الشرعية، ثم العلوم المساعدة لفهمها، مثل علوم الآلة، والحساب، والفلك، والمنطق، وغيرها، وعلى رأس هذه العلوم يأتي علم أصول الدين، أو العقائد على مذهب أبي الحسن الأشعري، والاعتماد المطلق فيها على عقائد السنوسي.
ثم يأتي التفسير وعلوم القرآن، علاوة عن التجويد والرسم والضبط.
يقول التمنارتي عن شيخه إبراهيم بن سليمان: «قرأت عليه «مورد الظمآن» للخراز، و»الدرر
اللوامع» لابن بري، و»حرز الأماني» قراءة سرد، وبحث في بعض المواضع منها»
ثم «علم الحديث» وكان الاهتمام به كبيرا بحيث لا يكفي بسرد كتب الحديث، بل تشرح وتنال حقها ممن الدراية، كما يهتم بالأسانيد المرويات.
وقد خص التمنارتي اللباب الثاني من كتابه للأسانيد التي حصلت له، فكانت شيئا عظيما دالا على عناية القوم البالغة بهذا العلم الشريف. يقول عن هذه الأسانيد:
«وهو معظم التقييد» لأن به تتصل النسبة إلى رسول الله (ص) التي بها الشرف والسعادة.ومن «كتب الحديث» الذي نجد له أسانيد إلى أصحابها: «صحيح» البخاري، و»صحيح» مسلم، و»جامع» الترمذي، و»السنن الكبرى والصغرى» للنسائي، و»سفن» ابن ماجة، و»تييسير الوصول» و»الموطأ» برواية يحيى بن يحيى الليثي، و»شرح معاني الآثار» للطحاوي، و»«مسند» أبي حنيفة، و»مسند» الإمام أحمد و»الدلائل» و»السنن للبيهقي» و»سنن» الدارقطني.
كما يتضح لنا من خلال هذا اهتمام العلماء بالإجازة، سواء كانت عامة أو خاصة، منظومة أو منثورة. لأنها لم تكن فقط بمثابة شهادة الاستحقاق، بل كانت وسيلة من وسائل نقل العلم الشريف. وإن رأينا من بعض علماء سوس زهدا في نيلها لانكماشهم وبعدهم عن حب الظهور.
وإجازة أبي زيد التمناري العامة كانت في أحد مجالسه في رمضان 1036هـ بالجامع الكبير، حيث حضرها الأعيان والطلبة وولداه أحمد ومحمد
إلى جانب الحديث هناك علم الفقه وأصوله، والعمدة هي المختصرات المتأخرة مثل «مختصر» ابن الحاجب، و»«مختصر» خليل بن إسحاق و»رسالة» بن أبي زيد و»إيضاح» الونشريسي.وبعض العلماء يعتمدون على أمهات كتب المذهب، ويعللون ذلك بعلل شتى، من ذلك ما ذكره التمنارتي في ترجمة شيخه العباسي الذي لازمه خمس عشرة سنة حيث يقول عنه.-وكان يستحضر في مجلسه بعد مطالعة الشروح من أمهات الفقه ؛ـ»ابن يونس» و»التبصرة» و»التنبيهات والمقدمات» و»البيان» و»التونسي» وغيرها لما يحتاج إليه. ويستظهر عن كتب المتأخرين، ويقول الفقه منها أيسر لسلامتها من آفة الاختصار»
-أما صور الفقه فالاعتماد فيه كان على «تنقيح» الشهاب» للقرافي و»جمع الجوامع» لابن السبكيي، وغيرهما.
هذا إضافة إلى علوم اللغة، والصرف، والبلاغة، والتوقيت، والحساب، والتصوف، والعلوم العقلية، مثل المنطق، والجدل، والمناظرة…
-من الملاحظات المهمة كانت الاهتمام بالأدب، رغم غلبة العجمة على الألسنة، وخير دليل على ذلك وفرة هذا الإنتاج الأدبي نشرا وشعرا حيث تشكل الأحداث السياسية والمناسبات الدينية فرصا للتباري بين العلماء والطلبة في نظم الشعر.
فهذا الأمير أبو زكرياء يحيى الحاجي إذا حل المولد النبوي كان يستدعي الطلبة فيتبارون في إنشاد الأشعار، وكان التمنارتي من الذين يرفعون قصائدهم بالمناسبة.
وكان العلماء يشجعون طلبتهم على الاهتمام بالأدب لأنه وسيلة إلى امتلاك زمام اللغة العربية، وطريق إلى الترقي في سلم العلوم، وقد اشتهر النابغة الهوزالي وهو أحد أساتذة الجامع الكبير بأنه كان يمزج دروس الفقه بالأدب والتاريخ.