وحدة اليسا ر هل هي امكانية واقعية ام مجرد امنية وهمية ؟؟
علال الأزهر
تحظى الدعوة , في هده الايام , الى وحدة اليسار باهتمام بالغ من طرف احزاب اليسار على الخصوص , ويذهب البعض منهم الى حد ربط مستقبل هده الاحزاب بإنجاز هده المهمة التا ريخية , ولا احد , من حيث المبدأ , يجرؤ على الاختلاف مع تحقيق هده الرغبة النبيلة ولكن الاتجاه الموضوعي لمعطيات الواقع يسير , على ما اعتقد , عكس هده الرغبة النبيلة ويحيلها الى مجرد خطاب غير فعال على الصعيد السياسي والتنظيمي اساسا , وبالنسبة للبعض تغدو مجرد خطاب ديماغوجي يساير الرياح في جميع الاتجاهات , ولكن هده الاحكام تحتاج الى براهين تؤكد الى أي حد لها بعض المصداقية حتى لا يكون الاختلاف مع دعاة وحدة اليسار مجرد نزوة سياسية او اعتراض مزاجي . بل رغبة حقيقية في توضيح بعض المعطيات التي تدفعني الى الاقتناع بان وحدة اليسار مجرد عدو وهمي من اجل الامساك بسراب في صحراء .
فلنناقش الان بعض الاسباب التي تجعلنا نعتبر ان تحقيق وحدة اليسار مجرد وهم في شروط اوضاع هده الاحزاب اليسارية . و من اولى هده الاسباب واهمها غياب التفكير النقدي الموضوعي للدات . أي ان يعمد كل حزب الى ممارسة النقد , والنقد الذاتي اساسا , كمهام دائمة ومستعجلة و كمدخل لتصحيح اوضاعه على جميع المستويات الفكرية [ الهوية الايديولوجية ] والسياسية وبالتالي التنظيمية .وقبل دلك سنتعرض في البداية لتجربة الانشقاق و الوحدة في صفوف الاحزاب الوطنية واليسارية . 1 أولا : الانشقاق والوحدة في صفوف الحركة الوطنية . أ . تعرض كثير من الباحثين لظاهرة التعددية والانشقاق والوحدة في التجربة الحزبية المغربية بهدف البحث عن الاسباب الكامنة خلف ظاهرة الانشقاقات هل هي ناجمة عن دوافع شخصية ام نتيجة اسباب سياسية ام فكرية ؟ وقد رجح البعض الرغبة الشخصية في الزعامة في تفسير اول خلاف ادى الى الانشقاق داخل صفوف الحركة الوطنية . ولكن قبل ان نناقش خلفيات اول انشقاق حزبي , لابد من الاشارة الى طبيعة البنية الاجتماعية وعلاقتها بالشخص [القائد ] , فهو لم يكن مجرد شخص يستحوذ خلسة على سلطات وصلاحيات هي من اختصاص مؤسسات اخرى , بل كان يمثل بنية وثقافة مؤسساتية سائدة يعترف بها الجميع : شيخ الزاوية , وزعيم القبيلة ,والسلطان بسلطاته المطلقة ….الخ . وقد كان اول انشقاق تضاربت حوله ’’ التفسيرات والتأويلات ومعظم الباحثين يميلون الى اعتباره مجد خلاف شخصي بين محمد بلحسن الوزاني وعلال الفاسي حول من يستحق رئاسة كتلة العمل الوطني , حيث اعتبر الزعيم الاول هو المؤهل لهدا المنصب للاعتبارات التي ساقها هو نفسه واهمها في نظره ان الرئاسة تشريف وليست تكليفا ولا تقيد صاحبها بالعمل المضنى والصارم كأمين عام [ ديكتاتوري] وتسمح له بقدر من الحرية والحركة في العمل السياسي……’’ [ الاتحاد الاشتراكي من الاختيار الثوري الى الاختيار الديمقراطي علال الازهر ص37] . وقد فسر ريزت في الاحزاب السياسية وبوطالب في مذكراته ان الانشقاق يعبر عن تحول الحركة الوطنية من حركة جماهيرية الى حركة اطر , وقد يبدو في هدا التفسير نوعا من المبالغة مقارنة بمستوى التطور السياسي والحزبي . في حين راح البعض الاخر يبحث عن اسباب هدا الانشقاق في التنافس بين الزاوية الوزانية و[ زاوية ] علماء القرويين الفاسية. كما ان قرار الوحدة او الاندماج تم بقرار شخصي في صفوف الحركة الوطنية فالمهدي بنونة في كتابه ’’ المغرب .. السنوات الحرجة ’’ يعلق على اندماج حزب الاصلاح الوطني في الشمال في حزب الاستقلال بما يلي : ’’ لم تكن هناك تحفظات وسط اعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاصلاح الوطني , لكن الخطوة جاءت مفاجئة لنا , اد اعتدنا تسيير الحزب بكيفية ديمقراطية . ولم يحدث ان تصرف الزعيم الطريس دون العودة الى اعضاء الحزب ومسؤوليه . وكنا نعتقد ان خطوة كبيرة كتلك الخطوة , انه لابد من اجتماع ليس فقط للجنة التنفيذية , ولكن للجنة المركزية ……’’ [ كتاب الشرق الاوسط : ص 391 390 ] . وقد نتحفظ على عبارة ’’ بكيفية ديمقراطية ’’ كممارسة ديمقراطية فعلا في تلك المرحلة كما نفهمها ونمارسها اليوم . ب . بعد الاستقلال تفاقمت التناقضات داخل حزب الاستقلال ,وهو يطالب بحكومة منسجمة , فتشكلت حكومة بالفريج التي لم تستطع الانحياز لتوجه الحزب الدي بدأت تعصف به ا لتناقضات . ولاسيما ان هناك معارضة قوية من طرف منظمات دات وزن في المشهد السياسي المغربي آنذاك [ الاتحاد المغربي للشغل اساسا , وما سمي بالجناح التقدمي آنذاك , والمقاومة وجيش التحرير …] وهكذا ’’ استجاب ’’ الملك محمد الخامس لهده المعارضة , وشكل حكومة جديدة برئاسة عبد الله ابراهيم الممثل للجناح التقدمي في حزب الاستقلال والدي يتمتع بدعم الاتحاد المغربي للشغل الدي يكافح من اجل الانشقاق عن حزب الاستقلال . يقول بنونة عن هده المرحلة وهو يركز على دينامية الشهيد المهدي بنبركة ما يلي : ’’ يبدو جليا الان ان المهدي بن بركة عمل على السير بحزب الاستقلال نحو اليسار واقصاء قياداته التقليدية , لكن مخططه لم ينجح , لدلك اضطر الى الانفصال, وكان انفصاله وتأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ضربة قوية لحزب الاستقلال , هزت الحزب هزة عنيفة وتطلب امتصاصها عدة سنوات ……’’ [ نفس المرجع ص 470.] . ويقول وتربوري عن هدا الحدث : ’’ انفصل جزء هام عن حزب الاستقلال في 25 ينائر من سنة 1959 , وتمت القطيعة في سبتمبر التالي مع الاعلان عن تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . لم يكن القصر بعيدا عن الحدث , الا ان دوره كان هامشيا , لان الانشقاق في واقعه يعود الى مسلسل انقسامي عفوي ….’’ [ امير المؤمنين الطبعة الجديدة ص 234 .] وبغض النظر عن الجدل الدي ثار حول هدا الانشقاق , هل كان ضرورة تاريخية ام لا ؟ فقد تداخلت التناقضات الوطنية والتأثيرات الاقليمية والعالمية التي شهدت استقطابات دات طبيعة ايديولوجية , بين تقدمي ورجعي , وبين اشتراكي واقطاعي رأسمالي , هده الاستقطابات التي كانت منتشرة كثقافة سياسية على الصعيد العالمي والعربي . ولدلك فان هدا الانشقاق لم يتم بقرار شخصي ,لان المرحلة افرزت عدة اشخاص قادة , بل كان دا طبيعة فكرية وسياسية , ولكن في بنية اجتماعية تغلب عليها النزعة التقليدية الطاغية , حيث رفع الحزب الجديد شعار ’’ لا حزبية بعد اليوم ’’ و ’’ اتحاد وطني لقوات شعبية ’’ .وقد شكل هدا الانشقاق خريطة اليسار المغربي المعارض الرئيسي للنظام الملكي مند 1961 الى 1998 . اما التناقضات التي تفجرت بين اجنحة الاتحاد الوطني , وخصوصا بين النقابة والحزب والتي ادت الى القطيعة سنة 1972 , فلا يمكن اعتبارها انشقاقا سياسيا بالمعنى الدقيق للكلمة لان النقابة كانت منظمة مستقلة مند الاستقلال . كما ان انشاء تيار ’’ داخل ’’ الحزب اطلق على نفسه اسم الاختيار الثوري لا يندرج ايضا ضمن مفهوم الانشقاق السياسي والتنظيمي . ثانيا : الانشقاق في صفوف اليسار أ . انشقاق أيديولوجي بعد هزيمة 5 يونيو 1967 تطور تيار يساري يعيد اسباب الهزيمة الى قيادة البرجوازية الصغيرة الحاكمة وحتى المعارضة , ويدعو في نفس الوقت الى تبني ايديولوجية الطبقة العاملة , أي النظرية الماركسية , وقد مثل هدا الاتجاه قبل الهزيمة كل من الياس مرقص وياسين الحافظ وبعد الهزيمة اجنحة القوميين العرب . تأثر اعضاء فاعلون داخل الشبيبة الاتحادية بهده الافكار واعتبروا ان عدم تبني الحزب للإيديولوجية الماركسية يساهم في عدم قدرته على التحليل العلمي للمجتمع وتعبئة الطبقة العاملة وطرح مسالة السلطة . فكانت هزيمة 67 دافعا قويا للتفكير في الانشقاق عن الحزب وخلق حلقات سرية توحدت سنة 1970 لتؤسس منظمة 23 مارس التي عملت على الوحدة مع الى الامام , رغم ان هده الاخيرة لم تنشق عن التحرر والاشتراكية بسبب الايديولوجية الماركسية على اعتبار ان الحزب كان يتبنى الماركسية السوفياتية . وانما انشقت بسبب خلاف سياسي حول الموافقة على مشروع ’’ روجرز ’’ حول الصراع العربي الاسرائيلي .ولكنها شكلت الى جانب 23 مارس الحركة الماركسية اللينينية . لم تنجح الوحدة بين المنظمتين بل تفاقم الخلاف فيما بعد بسبب الموقف من الصحراء حيث تبنت الى الامام تقرير المصير في حين دافعت 23 مارس عن مغربية الصحراء . ثم تحولت الى العمل الشرعي تحت اسم منظمة العمل الديمقراطي الشعبي بعد 1983 .اما الى الامام فقد تحولت بعد دلك الى العمل الشرعي تحت اسم النهج الديمقراطي . ب : انشقاق منظمة العمل الديمقراطي الشعبي . بدأ الخلاف مند 1992 في اجتماع اللجنة المركزية حول المشاركة , او عدم المشاركة في الانتخابات الجماعية , وانتهى بعد نقاش طويل الى التصويت لصالح المشاركة والتي كان يقودها التيار الدي يلصق به نعت اليميني . ولكن هدا التيار تنازل عن موقفه حفاظا على وحدة المنظمة واحتراما للأمين العام محمد بنسعيد . ولكن التيار الآخر لم يتردد في المشاركة في الانتخابات التشريعية سنة 1993, رغم انه وصف عملية الانتخابات التي تجري في البلاد في الوثيقة التي نالت الاغلبية في الاستفتاء في نهاية سنة 1992 , بانها مجرد ’’ ..ديمقراطية الواجهة المبنية على مؤسسات صورية وصلت الباب المسدود .’’ مما افقد هدا التيار الدي ينعت باليساري المصداقية في التشبث بمواقفه. مند هدا التاريخ بدأت شقة الخلاف تتسع شيئا فشيئا لتنعكس على الجانب التنظيمي في التهييء للمؤتمر الثالث حيث عمد التيار المنعوت باليساري الى تجييش المؤتمر باستقطابات جديدة للتحكم في مسار وقيادة المنظمة . ولا سيما انه كان يعتمد على سمعة الامين العام محمد بنسعيد . تأجل المؤتمر الى شوط ثان الدي انتهى بمحاولة الحفاظ على الوحدة . ولكن الخلاف , رغم دلك , كان قد تعمق بين التيارين في تقديرات الموقف السياسي بشكل عام ليتفجر في الموقف من دستور 1996 . اجتمعت الكتابة الوطنية عشية اجتماع اللجنة المركزية لتحدد موقف المنظمة من التعديل الدستوري , غاب عن الاجتماع الطالبي وعيسى , وقد يفهم من هدا الغياب , في وقت كهذا , انهم كانوا يتوقعون موقف التيار الاخر ويتهيؤون لتنظيم لحظة الانشقاق . حضر في اجتماع الكتابة الوطنية اعضاء تيار بنسعيد ومن التيار الاخر حضر عبد الصمد بالكبير الدي كان ضد التصويت على الستور بنعم وتفوق على التيار الاخر في الدفاع المستميت عن دلك .كما حضر علال الازهر وكان الوحيد الدي دافع عن ضرورة التصويت بنعم كانت كل الاجواء داخل المنظمة تنبئ بان حدثا ما سيقع , وفي اجتماع اللجنة المركزية للحسم في الموقف من التعديل الدستوري جيء بعدد انوال لليوم الموالي وقد تضمن موقف المقاطعة قبل الحسم فيه داخل اللجنة المركزية , الامر الدي ادى الى انسحاب اعضاء التيار الآخر احتجاجا على هدا السلوك المنافي لقواعد العمل السياسي في اتخاد المواقف وفق المسطرة المعمول بها في كل الاحزاب وكان هدا الحدث هو النقطة التي افاضت الكأس , وادت الى الانشقاق و تأسيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي وهكذا انتهت هده التجربة التي كانت رائدة في اعتماد الشرعية والعمل السياسي العلني في الحركة الماركسية اللينينية سواء عبر النقاشات الفكرية والسياسية التي اشتهرت بها جريدة انوال , او من خلال المواقف العقلانية تجاه الاحزاب الديمقراطية والنقابات والجمعيات الحقوقية , والدعوة باستمرار الى العمل الوحدوي . وهده الثقافة الوحدوية , الى جانب اسباب اخرى , ورغم انشقاق المنظمة , هي التي ستدفع الحزب الاشتراكي الديمقراطي الى الاندماج في الاتحاد الاشتراكي والتيار الدي احتفظ باسم منظمة العمل الديمقراطي الى الاندماج مع يساريين آخرين وتشكيل اليسار الاشتراكي الموحد . سنؤجل تقييم هاتين التجربتين الوحدويتين الى نقطة لاحقة في ما بعد وفي سياق مناقشة افاق وحدة اليسار. ج : الانشقاقات داخل الاتحاد الاشتراكي 1: كان الاتحاد الاشتراكي الخارج لتوه من اعتقالات المعركة الاجتماعية واعتقال القيادة بسبب الموقف من الاستفتاء في الصحراء قد عقد العزم على تبني سياسة معتدلة تجاه النظام الملكي بتخليه عن الملكية البرلمانية . في حين ان اعضاء من الحزب ’’ رفضوا أي تعامل مع النظام القائم , ويضفون على انفسهم صفة القيادة الشرعية للحزب بدعوى انهم يمثلون اغلبية اللجنة الادارية التي تتمسك بالتاريخ النضالي السابق للحزب , وقد ناقش التقرير المقدم امام المؤتمر الرابع ملابسات وظروف هدا الحدث والدي اعلن فيه قرار الطرد لهؤلاء من صفوف الحزب بسبب ما وصفه التقرير بادعاء التطرف على مستوى الخطاب ولكنها [ الشرذمة حسب نعت التقرير] لا تتردد في استعمال وسائل الاستفزاز والطرق الفاشية . ص28 .[ الاتحاد الاشتراكي من الاختيار الثوري الى الاختيار الديمقراطي : علال الازهر ص129 . ] وقد شكل هدا الجناح المنشق عن الاتحاد , في ما بعد , حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي . 2 :ان الانشقاق الاكبر الدي تعرض له الاتحاد الاشتراكي وكان له تأثير قوي على الوحدة النقابية ووحدة تنظيم الشبيبة الاتحادية هو الدي حدث خلال انعقاد المؤتمر السادس بسبب مشكل التمثيلية داخل المؤتمر فانسحبت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بقيادة نوبير الاموي ,كما انسحب قسم من الشبيبة بقيادة محمد الساسي شكل الاموي حزبا جديدا هو المؤتمر الوطني الاتحادي والدي انشق عنه فيما بعد الحزب الاشتراكي بقيادة الدكتور بوزوبع .في حين اسس الساسي جمعية الوفاء للديمقراطية ثم اندمج في اليسار الاشتراكي الموحد . كما اسس الاتحاد الاشتراكي نقابة موالية هي الفدرالية الديمقراطية للشغل .وانفصل بنعتيق عن الاتحاد واسس الحزب العمالي . ثالثا . خلاصات 1 :* يبدو في هدا السرد المختصر لصيرورة التفاعلات داخل احزاب اليسار ان ظاهرة الانشقاقات كانت هي المهيمنة في مآل التناقضات السياسية او التنظيمية التي عصفت بها . وقد كثرت هده الانشقاقات في مرحلة التحول نحو التركيز على مطلب التعديل الدستوري المتوازن , وتنظيم علاقة معتدلة في الصراع مع النظام الملكي , وخصوصا خلال وبعد التصويت على دستور 1996 وقبول المشاركة في حكومة التوافق السياسي , الامر الدي ادى , في ما بعد , الى تغييرات دات اهمية في القاعدة الانتخابية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اساسا , لان معظم احزاب اليسار لا تشارك في الاستحقاقات الانتخابية ورغم دلك ظلت قاعدتها الجماهيرية المنظمة محدودة , وفي نفس الوقت بدا مشهد ساحة اليسار الحزبي مشتتا ويكاد يكون عديم التأثير في الساحة السياسية رغم ثقله التاريخي في الصراع السياسي في البلاد .وقد يكون تشتت اليسار هدا وتقلص تأثيره السياسي هما الدافعان الى رفع شعار وحدة اليسار لاستعادة بعض قوته في الساحة السياسية . 2-: لم تكن هده الانشقاقات دات بعد فكري او سياسي حاسم في اغلبها رغم ركوبها على موقف المعارضة للنظام , وخير مثال على دلك ان الاموي انشق بسبب التمثيلية في المؤتمر السادس ليتوج صراعه مع جناح اليازغي بالانفصال عنه , وبنعتيق بسبب طموحات شخصية , ولكن الجميع اليوم يدعو الى وحدة اليسار ويعتبرها هي الحل الاساسي لاستعادة القوة والنهوض رغم انكفاء كل حزب على ذاته واعتبار موقفه هو الموقف السديد . فما هو واقع الاحزاب اليسارية اليوم ؟ وكيف تنظر الى تحقيق شعار الوحدة ؟ وما هي المقدمات الضرورية لنهوض هده الاحزاب واستعادة عافيتها السياسية والتنظيمية ؟ 3-
ينبغي اولا فتح نقاش حول الخط الفكري بالنسبة لكل الاحزاب اليسارية , فلا يكفي ترديد الانتماء الى الاشتراكية الديمقراطية التي اصبحت اليوم عنوان الأيدولوجية اليسارية على الصعيد العالمي . بل لابد من ربط هده الايديولوجية بالتفكير العقلاني المستند الى المنطق العلمي الموضوعي الدي هو سائد بشكل متطور في الاشتراكية الديمقراطية في الغرب بدل الضياع , لا أقول في التحريض السياسي الفوقي المبتذل , ولكن ضياع بعض اطراف اليسار في انشاء صيغة مبتسرة من نظرية حرق المراحل الكلاسيكية سياسيا , وليس تاريخيا , في حين ان البعض الاخر ضاع في تهويمات فلسفية قد تكون دات اهمية في مجالها وفي زمانها , ولكن تطور العلم اليوم قد ترك الفلسفة خلفه واصبح التطور العلمي والتكنولوجي هما الحاسمين في أي تقدم تحرزه اية دولة لأنها استفادت بشكل عقلاني , اقتصادي وتكنلوجي واجتماعي , من كل ما راكمه الغرب في مسيرة التقدم دون ان تغرق في مستنقع الخلفية الفلسفية للاشتراكية او ان تنشغل بفك قيود التأصيل الا سلامي الدي يعرقل التقدم الحديث .و فضلا عن دلك فان التركيز على الخلفية الفلسفية تبدو في مجتمع كمجتمعنا وكأنها مجرد رفاه ثقافي مجرد . فلدلك ينبغي التشديد اقوى ما يمكن على التمسك بالمنهجية العلمية التي لا تتساهل مع الخطأ وشعارها على المستوى السياسي , وكدلك الاجتماعي والاقتصادي, هو النقد والنقد الذاتي الدي اعتمدته جميع النظريات التي اثرت في المجتمعات الحديثة على الخصوص وفي مقدمتها النظرية الماركسية كفكر نقدي عقلاني . و ليس من الضروري , طبعا , ان يلتزم اليسار بالنظرية الماركسية لأن التاريخ قد عدل في أهمية ومصداقية الماركسية كمنظومة للممارسة السياسية , وليس الفكرية الواقعية والعقلانية , حتى لا تضطر [ هده الاحزاب اليسارية ] الى السقوط في ممارسة بعض الاستراتيجيات التي تجووزت مند نهاية السبعينيات وقبل انهيار المعسكر الشرقي . واميل , مع بعض التحفظ ,الى رأي ريجيس دوبريه في جوابه عن سؤال لجان زيجلر يقول : ’’ بالنسبة لي , ما زالت الماركسية تثير اهتمامي . وما زالت على قدر كبير من الاهمية .والسجال معها , ومع ميراثها, مع دلك الميراث الدي نحمله في اعماقنا ,امر جوهري . فما الدي ينبغي قوله اليوم ؟ هل يكون السجال حول راهنيتها ,ام حول زوالها الى الأبد ؟ جواب دوبريه : ’’….فلقد توقفت عن ان اكون ماركسيا مند عشرين عاما .فما احفظه ,اولا ,من الماركسية , هو المشروع المادي الدي اعرفه على النحو التالي :ان البشر ليسوا ما يعتقدون انهم عليه وينبغي الفصل [ او التمييز ] بين الفكرة التي تكونت لديهم عن انفسهم وبين واقعهم الفعلي لدا ينبغي التشكيك في الإيديولوجيات العفوية .ففي مثل هدا المبدأ زعم علمي اتبناه .واحفظ من الماركسية نزعتها العقلانية ….’’ . [ كتاب كي لا نستسلم ترجمة رينيه الحايك وبسام حجار المركز الثقافي العربي الطبعة الأولى1995ص36.35.] وفي مكان آخر يقول : ’’ لدلك لا زلت اتبنى واقعية ماركس الخالية من الاوهام.’’ [ ص .39.]. إدن كان من الضروري لكي تكتسب الدعوة الى وحدة اليسار بعض المصداقية العلمية ان ينكب كل حزب على اعادة بناء منهاجيته الفكرية , بدل الدوران الدائم حول مفهوم الهوية اليسارية والبكاء المجاني على تشتت احزاب اليسار, بدل دلك ان يقوم كل حزب على حدة بنقد داتي شجاع حول الضرورة القصوى التي دفعت الى الانشقاق التنظيمي اولا . وهل كانت الخلافات الفكرية تفرض الانشقاق بالضرورة والا لمادا ندعو اليوم وبحماس [ حسب الظاهر على الاقل ] الى الوحدة , رغم اتهام كل طرف للآخر بتورطه في موقف سياسي خاطئ ويطالبه بتصحيح خطئه او على الاقل بإجراء نقد داتي متبادل . وهكذا يعتبر محمد الساسي ,منطلقا من صحة موقف الحزب الاشتراكي الموحد ,على ما يظهر , باعتباره احد قادته , ان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يظل ’’ بحكم تاريخه , في موقع المطوق بواجب اطلاق المبادرة الجديدة …’’ ولكنه يشترط من اجل اهليته للقيام بدالك التخلص من عدة عقد [ التعبير نفسي وليس فكريا وان كان يحيل على مضمون سياسي ] وكأن الاشتراكي الموحد بأجنحته وحتى افراده , وكل اليسار الدي يوصف بالمتطرف , متحررون من اية عقد لها طابع ’’ سياسي ’’ آخر . يستهل الساسي نقده للاتحاد بتحديد ’’ وصفة ’’ العقدة الاولى و هي ضرورة تغيير الاسم , وهل يمكن ان نعتبر ان تغيير الاسم هو عقدة وحدة اليسار ام عقدة الاشتراكي الموحد .دون ان نعرف عقد الاطراف اليسارية الاخرى .ولكن هده العقدة في نهاية التحليل هي مجرد عقدة شكلية من المفروض ان لا تطيح بالتوازن النفسي للوحدة السياسية ادا كان هناك تمسك جدي بالمبدأ وليس مجرد شطحات نفسية. العقدة الثانية التي شخصها الساسي بعد فحص تجربة الاتحاد الاشتراكي هي عقدة التناوب , والتساؤل حول مدى استعداد ه ’’ للقيام بنقد داتي جدري.. مند ان قبل بالتناوب التوافقي وبالدستور الدي قام عليه..’’ . اما العقدة الثالثة فيرى انها ناجمة عن عقدة الوسائل الانتخابية …… [ فقرات وردت في مقال في ضرورات الوحدة الاندماجية العاجلة جريدة الاتحاد الاشتراكي عدد 9255]. وسنحاول مناقشة هده العقد ,لا كمعنى نفسي لان دالك خارج قدرتنا , ولكن كمعنى سياسي . في ما بعد من هدا الحوار اليساري. وهناك من يستنجد بتجربة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي ليبين ان مهمة الوحدة مهمة راهنة اكدتها التجربة الثورية الروسية . ولكنه يسقط في عملية اسقاط بئيسة حتى ادا اخدناها على سبيل الاستئناس فإنها تختلف كل الاختلاف عن الشروط التاريخية للتجربة المغربية . فما زال لينين حتى سنة1914يقول: ’’ ان الوحدة شيء عظيم وشعار عظيم ولكن القضية العمالية بحاجة الى وحدة ماركسيين وليس الى وحدة ماركسيين مع خصوم الماركسية ومشوهيها. ’’ ويضيف في مكان آخر : ’’ليس اسهل من كتابة كلمة ’’ الوحدة’’ بأحرف طولها دراع , ……..ولكن لا يمكن في الواقع دفع قضية الوحدة الى امام الا بالعمل وبتنظيم العمال الطليعيين ,… ان الوحدة غير ممكنة بدون تنظيم وان التنظيم غير ممكن بدون خضوع الاقلية للأكثرية .’’ .[ حول وحدة الحركة الشيوعية العمالية دار التقدم موسكو ص.21.19] . الاختلاف الاول يتمثل في الحاح لينين على المرجعية الفكرية الواضحة أي الماركسية . في حين تدور الاحزاب اليسارية المغربية حول مفهوم الاشتراكية الديمقراطية بتفاسير مختلفة : ضد العولمة أي الالتفاف نوعا ما على الديمقراطية اللبرالية .وربما التركيز على احد التفاسير المعتمدة عالميا هي تحقيق العدالة الاجتماعية واعادة توزيع الثروة . دون ان نغفل الاشارة الى اقصى اليسار الايديولوجي الدي يتبنى ’’ الماركسية ’’ ولكنه يركز على بناء الحزب البروليتاري وعلى الثورة وحتى الكفاح المسلح .وهو مجرد اجترار غير ماركسي وغير علمي لأطروحات طواها التاريخ . كما ان اليسار المغربي لا يربط تحقيق الوحدة بمرجعية الاشتراكية الديمقراطية اساسا بل يربطها بإجراء نقد داتي لأخطاء المواقف السياسية . وفي هده النقطة بالذات تتفق جميع احزاب ’’ اقصى ’’ اليسار الاختلاف الثاني والاهم هو ان لينين كان يحاول الحفاظ على وحدة كانت قائمة ,بشكل ما من قبل , ولكنه ,وبحماس كبير , كان يناضل وبقوة فكريا وسياسيا وتنظيميا من اجل تقدم وبناء الحزب البلشفي وتأهيله للاستيلاء على السلطة في روسيا وفي , طبعا ,الشروط العالمية والوطنية الملائمة آنذاك .تناقضات القوى الرأسمالية واندلاع الحرب العالمية الاولى , وفي وجود نخبة روسية ماركسية تمتد الى قطاع من البرجوازية وطبقة عاملة صاعدة نشطة وممركزة . في حين ان اليساريين المغاربة يرمون عجزهم الحزبي بعيدا الى منقد هو هده الوحدة شبه المستحيلة ويقفزون فوق الواقع المتأخر للمجتمع لانهم يعبدون كلمات مثل استعداد الطبقة العاملة للنضال والجماهير الشعبية المكافحة …الخ . ولا يتمعنون , ولو قليلا , في الوصف القاسي جدا الدي كتبه ماركس عن الشعب الالماني الدي سبقت الاشارة اليه من قبل . ادا انتقلنا الان الى طبيعة الخط السياسي الدي مارسته وتمارسه احزاب اليسار وتأثيره على امكانية تحقيق الوحدة اليسارية في نظر بعض الاطراف, فسنصطدم بالعائق الاكبر الدي يقف حائلا دون التقدم خطوة واحدة نحو هدف الوحدة المنشود , والاشارة السابقة لموقف الساسي من الشروط التي يطلبها كنقد داتي من الاتحاد الاشتراكي , تعطينا صورة واضحة عن كيف يناقش حزب يساري اشكالية الوحدة . فادا غضضنا الطرف عن اشكالية تغيير الاسم لان هناك من اقترح دالك من اعضاء الاتحاد في مناسبة ما ,كصيرورة اتحادية كما حدث سنة 1975 في تغيير الاسم من الاتحاد الوطني الى الاتحاد الاشتراكي . وليس تنازلا لأحزاب يسارية اخرى تضع شروطا اكبر منها ولا تقدم أي تنازل , لأنها تعتبر مواقفها الفكرية والسياسية هي عين الحقيقة , وادا تنازلت فإنها قد تطالب بنقد داتي متبادل بين جميع الاطراف , وكان النقد الذاتي اصبح عقدة جماعية وليس مسؤولية تخص التجربة الخاصة لأي حزب لتجاوز اخطائه هو بالذات ,اللهم الا ادا كان المقصود القيام بنقد داتي لكل حزب في وقت متزامن , اداغضضنا الطرف عن دلك , وبهذا الاستطراد , . فإننا سنعود الان الى النقطتين الاساسيتين : النقطة الاولى ضرورة القيام بنقد داتي والاعتراف بخطأ الموافقة على التناوب سنة 1998 والدستور الدي استند اليه . باي حق ديمقراطي يطالب حزب له موقف سياسي مختلف يعتقد هو انه موقف صائب , وان موقف الحزب الاخر خاطئ وينبغي تصحيحه لتحقيق وحدة اليسار . لنحاول الان مناقشة الاعتراض على الموقف الدي اصطلح على تسميته بالتناوب الديمقراطي .هل موقف مقاطعة الدستور ومقاطعة التوافق مع الحسن الثاني هو الموقف السياسي السديد ؟ لنحاول اختبار خلفيات كل موقف على حدة , ولنبدأ بالموقف المعارض : هدا الموقف ينسى عمدا ,او دون عمد , ان الاتحاد كان قد حدد مند المؤتمر الرابع مستوى وحدود التعديل الدستوري ثم تجسد دلك في مطالب الكتلة الديمقراطية مجتمعة , رفض التعديل الدستوري الاول وكان التعديل الدستوري الثاني يحقق الحد الادنى لمطالب الكتلة ,لم يكن لدى الاتحاد آنذاك مطلب الملكية البرلمانية .ولكن لنتساءل : مادا سيحدث لو ان الاتحاد رفض الدستور ورفض المشاركة في التناوب ؟ هل سيتطور وينمو النضال الديمقراطي ويؤدي الى صيرورة اكثر تقدما مما صار وحدث ؟, وهل اضافة سنوات اخرى الى اربعين سنة من المعارضة هي الكفيلة بإحداث تقدم نوعي في ميزان القوى مع النظام المخزني المنبث في الوجود والثقافة الشعبيين ؟. كان الحسن الثاني قادرا على تمرير ما يريد حتى لو لم تشارك الكتلة واساسا الاتحاد الاشتراكي . وقد عرفنا الان مناورات حزب الاستقلال, ولا ادري كيف يعطى لموقف المعارضة قدرة سحرية على تحقيق المطالب رغم التجربة الطويلة في الصراع مع النظام الملكي , ورغم عدم بروز معطيات جديدة تقوي جبهة المعارضة وتدفع في اتجاه تقدم جديد بل اكثر من دالك , فهده المعارضة الدائمة والضعيفة التأثير ظلت مخلصة لموقفها حتى بعد ان رد النظام على حركة 20 فبراير باقتراح تعديل دستوري جديد , فقاطعت الاستفتاء على الدستور وعلى الانتخابات البرلمانية دون ان تحقق أي تقدم يدكر . فلمادا تطالب الاخرين بنقد داتي عن مواقف الدستور والتناوب سنة 1998 وهي لم تحقق أي تقدم من خلال معارضتها للنظام القائم اللهم الا ادا تفهمنا ركوبها على الحراك العربي الدي امتد الى المغرب في حركة 20 فبراير . ويبدو ان هده الاحزاب اليسارية سوف تظل معارضة ونظيفة من وحل المشاركة في الانتخابات اولا والحكومة ثانيا الى ان يرث الله الارض ومن عليها. بل اكثر من دلك ان بعضها ما زال يهيم , وبشكل كاريكاتوري ,ب: ’’العنف الثوري وحرب العصابات والحرب الطويلة الامد ’’.[راي نشر في جريدة الاتحاد الاشتراكي عدد 8991]. وهده الاحزاب ليست في حاجة الى القيام بالنقد الذاتي الدي تطالب به الاخرين لأنها معصومة من الخطأ , رغم ان الاخرين هم الاقوى في الساحة اليسارية حتى بعد ضعفهم وليسوا في حاجة الى تبرير بعض المواقف من اجل وحدة غير متكافئة , سنناقش هدا الجانب فيما بعد . اما الان فسنعود الى النقطة الثانية في الموضوع , أي اعتبار الوسائل المتبعة في عملية الانتخابات والتي تعتمد على الاعيان تتطلب نقدا ذاتيا من الاتحاد الاشتراكي ادا اراد المشاركة في تحقيق وحدة اليسار . لا احد ينتمي الى اليسار من قريب , وحتى من بعيد , يفضل الاعتماد على الاعيان كوسيلة لضمان النجاح في الانتخابات , كاختيار وليس كضرورة .وهده المسالة يمكن النظر اليها من عدة زوايا . الزاوية الاولى اسباب نجاح المناضلين في مرحلة المعارضة السابقة , بما فيهم اعضاء الحزب الاعيان آنذاك , والتي ما زالت عالقة بضمير بعض اليساريين . ففي تلك المرحلة كان الاتحاد اكثر جماهيرية واقوى نسبيا وكانت لا تهمه المقاعد امام تزوير الالة المخزنية , فكان يرشح اعضاء الحزب وما اكثرهم , اما بعد مرحلة التناوب وحدوث انشقاقات دات اهمية [ النقابة وقيادات من الشبيبة ,وكثير من الافراد .] . وتلاشي الآمال الخيالية التي علقها الشعب على حكومة التناوب فتغيرت معادلة المرشح المناضل والفوز في الانتخابات . وهدا بقودنا الى الزاوية الثانية في الموضوع . فبعد هده التحولات التي المت بالحزب فشل اعضاؤه القياديون [ المناضلون ] في الانتخابات البرلمانية سنة 2007 وكدلك اعضاء قياديون في احزاب اقصى اليسار . فما العمل ؟ اقصى اليسار هرب الى الحل السهل بعدم المشاركة في أي ميدان انتخابي عمومي وكأنهم يقولون ما قاله بنو اسرائيل للنبي موسى في سورة المائدة ’’ قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون’’ [ قرآن ] . لم تعد الانتخابات مجرد دعاية سياسية ودفاع عن ’’ برنامج ’’ حزبي , كما انها لم تكن في أي وقت من الاوقات كدلك , كانت المعارضة لها سمعة نضالية سابقا وكانت الاحزاب الادارية مجرد امتداد مخزني يستمد ’’ اعضاءه ’’ من اعيان الادارة . ومرة اخرى نقول ما العمل ؟ من حيث المبدأ هناك فرق بين ان يصبح للاعيان تأثير سياسي في خط الحزب الدي له مقررات مؤتمر وقيادة تسهر على تطبيقها وبين حزب يعتبر كل دلك مجرد شكليات . وطبيعي ان لا يعير اقصى اليسار اية اهمية لهده العلاقة بين سلطة قيادة الحزب والافراد الاعيان , لأنه يعترض اولا على الخط السياسي نفسه قبل ’’عقدة ’’الاعيان . ان المعركة الديمقراطية اليوم اصبحت اكثر تعقيدا ورمادية , ولاسيما بعد النتائج التي اسفر عنها ما سمي بالربيع العربي الدي قاد الى سدة الحكم القوى الاسلامية التي قد يصفها البعض بالمعتدلة ويصفها البعض الاخر بالمحافظة , ولكنها قد تعتبر اداة لتحول مقبل في المجتمع العربي الاسلامي , هدا الربيع الدي فجرته حركات شبابية غير حزبية هدا اولا . كما ان اوضاع اليسار المغربي المتأخرة والدي يعاني من ارتباك في خطه السياسي والتنظيمي وتفاقم عزلته عن الفئات الشعبية ثانيا . يفرض التفكير في الوضع الوطني واليساري بأقصى ما يمكن من الموضوعية ادا كانت هناك فعلا ارادة حقيقية لتحقيق مطلب الوحدة او أي شكل من اشكال التنسيق او التحالف السياسيين . وهدا سيكون موضوع نقطة اخيرة في هدا الراي. 4: ينبغي التأكيد قبل كل شيء على ان لا احد ينتمي , او يتعاطف مع اليسار , يمكنه ان يكون ضد وحدة اليسار من حيث المبدأ . ولكن السؤال الدي يطرح نفسه بإلحاح في هده المناقشة هو التالي : هل امكانية وحدة اليسار امكانية واقعية وقابلة للتحقيق ؟ ام مجرد امنية تفتقد للأسس الذاتية اساسا , وحتى انها تكاد تكون مجرد وهم من الصعب ان تتحقق لتجاوز ازمة اليسار المزمنة اليوم . والمقصود هنا بالوحدة الوحدة الاندماجية , اما المستويات الاخرى من العمل اليساري المشترك كالتنسيق والتحالف فقد تكون قابلة للتحقيق وممكنة وخصوصا على مستوى الاستحقاقات الانتخابية . واحزاب اقصى اليسار التي تتخذ موقفا سياسيا متشابها تقريبا لم تتمكن من تحقيق الوحدة الاندماجية . ولكنها استطاعت تحقيق مستوى ما من التنسيق وحتي التحالف في مناسبات متعددة .ورغم ان الاتحاد الاشتراكي قد انتقل الى المعارضة بعد انتخابات 25 نوفمبر 2011 الا انه يظل , بالنسبة لا قصى اليسار , من الاحزاب المشاركة في لعبة النظام السياسية فأحرى الموقف من حزب التقدم والاشتراكية الدي يشترك في الحكومة , والحزب العمالي والاشتراكي الداني اصطفا الى جانب احزاب ’’ اليمين ’’ قبيل الانتخابات الاخيرة . ورغم ان الجميع يدعو الى وحدة اليسار باستمرار وفي كل مناسبة, ولكن لا احد يقدم مقترحات عملية كمواقف حزبية رسمية ويعمل من اجل تحقيقها ,ما عدا بعض الآراء الشخصية مثل راي الساسي السابق الدكر . بل اكثر من دلك فبعض قادة الاتحاد الاشتراكي , ان لم يكن معظم الحزب , لا يتصورون وحدة خارج الاندماج في الاتحاد الاشتراكي , ولنتذكر كيف لاحق لشكر بنعتيق لدمجه في الحزب دون اية نتيجة . في حين ان الاحزاب اليسارية الاخرى تتصور تحقيق الوحدة بصورة مختلفة وبشروط تجعل الجميع على قدم المساواة , وفي احسن الاحوال القيام بنقد داتي متبادل , ولدلك تبدو الدعوة الى وحدة اليسار مجرد دعاية وليست مهمة في صلب جدول اعمال هده الاحزاب . واحيانا مجرد كلام ديماغوجي . لنحاول الان تقييم بعض تجارب الوحدة الاندماجية . النموذج الاول في هده التجارب هو الوحدة التي تمت بين منظمة العمل الديمقراطي الشعبي وفصا ئل اليسار الاخرى أي الحركة من اجل الديمقراطية [ التي انفصلت وشكل معظم اطرها حزب الخضر ] والديمقراطيون المستقلون والفعاليات اليسارية المستقلة ليشكلوا جميعا اليسار الاشتراكي الموحد . والخطوة ’’ المتقدمة ’’ التي حققها هدا النموذج تتمثل في عملية جمع تنظيمي , اما على مستوى التأثير السياسي والجماهيري فقد تراجع , وليس لدينا في هدا المجال سوى الاعتماد على مقياس الانتخابات ففي 1997 حصلت منظمة العمل الديمقراطي الشعبي وحدها على 4 مقاعد برلمانية , بينما لم يحصل الحزب الموحد سوى على 3 مقاعد في انتخابات 2002 . بعد انضمام جمعية الوفاء للديمقراطية وتشكيل الحزب الاشتراكي الموحد من جهة , وانفتاح الدولة على بعض الافراد من اليسار من جهة ثانية , تمكن الاشتراكي الموحد من الحصول على 5 مقاعد في انتخابات 2007 . رغم ان القيادي المعروف في الحزب لم يتمكن من الفوز في هده الانتخابات . نحن نعرف ان كل احزاب اقصى اليسار , كما كان يفعل الاتحاد الاشتراكي في الماضي , يعتبرون ان النظام يزور الانتخابات , ولا احد يمكنه ان ينكر دالك لأنه صراع من اجل الاحتفاظ بالمواقع , فإما ان تخوض المعركة في الميدان وفوق الارض بنفس طويل وصبر للتقدم ولو خطوة ولو صغيرة الى الامام بدل المقاطعة , واما ان تنسحب من الميدان وتكتفي بتسجيل المواقف في اللوح المحفوظ الثوري . فالإيمان بالديمقراطية السياسية يقتضي بالضرورة خوض المعركة على واجهتين النضال من اجل دعم نزاهة الانتخابات وشل اساليب تأثير الدولة السلبية ا والإيجابية [ الادارة والمال ] . وفي نفس الوقت استنهاض المقاومة الشعبية في ميدان المعركة أي عبر المشاركة وليس عبر العزوف . وبالتالي فان مقياس التقدم في هده المرحلة التاريخية يعتمد على ما تحققه أية قوة سياسية فوق الارض ومن خلال الدعم الشعبي الانتخابي . وهده هي المهمة المستعجلة الي ينبغي لكل حزب ان ينهض بها ليهيئ الشروط , ان لم تكن للوحدة الاندماجية الان , فمن اجل التنسيق والتحالف في المعارك السياسية والانتخابية النموذج الثاني هو اندماج الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الاتحاد الاشتراكي , صحيح ان الاشتراكي الديمقراطي قد وصل الى طريق مسدود بفضل الارتباك التنظيمي الدي كانت تعيشه قيادة الحزب , فانتهى الى هدا الحل الدي قد ينقده من الافلاس وفي نفس الوقت يستجيب لدعوى النزوع الوحدوي لديه . وهدا الاندماج كان اقل تأثيرا تنظيميا من النموذج الاول , لان كثيرا من اعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي قد جمدوا انفسهم او جمدتهم قيادات الاتحاد الاشتراكي التي رأى بعضها في هؤلاء مجرد دخلاء على الحزب ودهب البعض الاخر من الاتحاديين الى حد اعتبارهم اداة تأخر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية , ولاسيما ان الحزب بدا يعاني من تقهقر في نتائجه الانتخابية مند 2007 بسبب ارتباكه السياسي والتنظيمي . فلم يحقق هدا الاندماج أي تقدم يدكر بل بالعكس خلق تشويشا في تفكير بعض الاتحاديين حول طبيعة ازمة الحزب الحقيقية . وخصوصا بعد ان شب حريق بعض المعارك الجانبية داخل المكتب السياسي المنبثق عن الاندماج , وخلفية النتائج التي انبثقت عنها انتخابات المكتب السياسي والمجلس الوطني خلال المؤتمر الثامن فيما يخص المرشحين الاتحاديين من اصل اشتراكي ديمقراطي . هادان النموذجان يعطيان , رغم التفاوت بينهما , صورة تقريبية عن ’’ التقدم ’’ الدي حققته الوحدة الاندماجية وقدرتها على ان تحول دلك التقدم الى تأثير سياسي فاعل في الحزب المعني وفي المحيط الشعبي , وهكذا يبدو ان الوحدة الاندماجية لا تحقق أي تقدم في واقع احزاب اليسار بل ان الدعوة اليها اليوم هي مجرض التفاف على العجز وقفز الى الامام فوق الازمة الحقيقية رغم ان هده الدعوة تأخذ بتلابيب الحداثة والتحديث التي سنتعرض لهما فيما بعد …الخ وحتى مستويات التنسيق والتحالف قد تكون ممكنة التحقيق ادا استطاع اليسار الاشتراكي الديمقراطي بكل احزابه ان يصل الى الاتفاق على حد ادنى مشترك من اجل تحقيق تحالف سياسي وانتخابي على صعيد الانتخابات وخصوصا الانتخابات الجماعية اساسا , ويمكن اختيار دائرة جماعية تحظى فيها أحزاب اليسار بتأثير اكبر لكي يعطي نمدجا متقدما في التسيير الجماعي , على اعتبار ان الارتباط بالشعب والجماهير لن تتحقق بمجرد ترديد كلمات مثل الجماهير والنضال والشعب في الاوراق وعبر الافواه ولكن عبر نضال ميداني في الاحياء والمؤسسات المدنية الخادمة والمؤثرة في السكان . 5-
ان الشعار الدي يرفعه اليوم جزء كبير من اليسار الاشتراكي الديمقراطي , أي تحويل النظام السياسي المغربي من ملكية مخزنيه الى ملكية برلمانية , يحتاج الى تغييرات هيكلية تتقاطع فيها وثيرة النمو الاقتصادي المتقدم بوثيرة التحويل الديمقراطي للنظام السياسي . ويمكن ان نحدد الخطوط العريضة لمتطلبات هدا النمو الاقتصادي المتقدم , وطبيعة التقاطع الممكن مع دينامية الصراع السياسي بين مختلف الفرقاء . ونحن هنا نستبعد من دائرة النقاش الاحداث العفوية والطارئة التي قد تفاجئ الجميع , ونعتمد اساسا على ميزان القوى بين الاطراف الضالعة في الصراع الديمقراطي السلمي , ومدى قدرة كل طرف على التكيف ايجابيا مع متطلبات هدا النمو الاقتصادي والسياسي البعيد المدى , ولكن الدي يهمنا هنا اساسا هو البرنامج العملي الدي سيعتمده اليسار الاشتراكي الديمقراطي من اجل تحقيق هدا البرنامج . و على المستوى الاول سنطرح السؤال التالي : ما هو الهدف العام الدي سوف يحقق الانطلاقة الاقتصادية واساسا الصناعية ؟ لا شك ان الجميع يأخذ بعين الاعتبار مفاعيل ظاهرة العولمة وتأثيرها على اقتصاد العالم باعتبارها اعلى مراحل التطور الرأسمالي وبالتالي فان هدا الواقع يفرض على الطبقة السياسية في البلاد , وخصوصا احزاب اليسار الاشتراكي, التفكير في وضع برنامج طموح للاندماج في العولمة من موقع مستقل دون ’’ عقد ’’ ايديولوجية بائدة , أي تطوير البحت العلمي لاكتشاف العامل الاساسي او مفتاح الانطلاقة الصناعية في المغرب , مثلا يحكي محمد الحبابي ما كان يقال آنذاك في عهد حكومة عبد الله ابراهيم :’’ …ما قامت به كوريا الجنوبية في الستينيات هو نفسه ما كنا نحن نريد القيام به , فقد سطرنا رفقة عبد الرحيم بو عبيد, سنة 1958 , عندما كان وزيرا للاقتصاد وكنت انا مديرا لمكتب الابحاث والمساهمات الصناعية , برنامجا , وضعنا فيه منطقة الريف والشرق , حيث نتوفر على مناجم الفحم بجرادة ومناجم الحديد في الريف , كما توجد مناجم اخرى للحديد لم يتم التنقيب فيها الى يومنا قرب تافيلالت, كما نتوفر هناك على المنغنيز …..,,’’ كما تحدث الجبابي عن وضع مخطط لصناعة الفوسفاط [ حوار مع محمد الحبابي في جريدة المساء عدد1892 ] . وبغض النظر عن بعض المبالغة نسبيا في المقارنة بين استعداد المجتمع الكوري الجنوبي موضوعيا وسياسيا والمجتمع المغربي موضوعيا وسياسيا , فان هدا الاستشهاد حول الطموح الصناعي لدى حكومة عبد الله ابراهيم في بداية الاستقلال , والتي وئدت في المهد من طرف المخزن الاقطاعي ,ان هدا الاستشهاد هو للاستئناس فقط لان الظروف الوطنية والعالمية آنذاك تختلف عن الظروف العالمية والوطنية الراهنة , فعلى الصعيد الدولي طرأت تغيرات كبرى بانهيار المعسكر السوفياتي , وقبل داك كانت الدولة المخزنية بقيادة الملك الحسن الثاني على الصعيد الوطني قد نهجت سياسة التخلي عن أي تطور صناعي والانغماس في تبذير الموارد المالية للدولة الضعيفة اصلا, ومراقبة والضغط على الاستثمارات الخاصة الوطنية والاجنبية بشكل امني وتبعي يتيح للدولة وعملائها ابتزاز المقاولين والحد من أي امكانية للتقدم , سواء في بداية السبعينيات حيت ارتفع ثمن الفوسفاط , او بعد ان استرجعت الدولة الاراضي الفلاحية وبعض المقاولات في اطار ما سمي بالمغربة . بل وقع العكس تماما فقد سقطت الدولة في ازمة اقتصادية في نهاية السبعينيات فوقعت في شرك الاقتراض من صندوق النقد الدولي الدي فرض عليها تطبيق التقويم الهيكلي للضغط على حجم تمويل القطاعات الاساسية . طبعا كانت الرشوة والعبث بالمال العام قد تفشت في كل دواليب الدولة وعلى راسها النظام المخزني نفسه ويمكن التذكير هنا بمحاكمة بعض الوزراء الدين كانوا من اتباع المخزن في مستهل السبعينيات عقب اكتشاف فضائح رشوة وفساد مست افراد من الولايات المتحدة الامريكية الامر الدي فرض على النظام المخزني تحريك مسطرة المتابعة والحكم بالسجن على الوزراء المتورطين . ان أي اقلاع صناعي في المغرب في هده المرحلة التاريخية يتطلب العمل على المدى المتوسط على الاقل , ان لم يكن على المدى البعيد , لتكوين نخبة سياسية واقتصادية قادرة على مراكمة عوامل التقدم في اتجاهين متوازيين : 1 – الحد من السلطات الموروثة التي يمارسها النظام المخزني ومحيطه خارج التأويل الديمقراطي للنص الدستوري وفي بعض الاحيان ضدا على صلاحيات الحكومة , والحد من المظاهر الفجة للمخزة المغربية . ان النخبة الاشتراكية الديمقراطية التي هي المعنية بتحقيق تقدم في هدا الاتجاه والتي واجهت النظام المخزني ابان المعارضة السابقة هي التي يفترض ان تقوم بهده المهمة . هل يمكن تصديق هده الرواية التي ساقها انياس دال في كتابه ’’ الحسن الثاني بين التقاليد والحكم المطلق ’’ على لسان عبد الواحد الراضي عقب اعتقال عبد الرحيم بوعبيد ؟ يقول: ’’ وقتها تناول عبد الواحد الراضي الكلمة , باعتباره رئيسا للفريق البرلماني , ودق المسمار في النعش قائلا : ’’ بإمكانكم التفلسف كما يحلو لكم , وبإمكان كل واحد منكم ان يكون مع او ضد , غير ان الحقيقة المرة هي اننا جبناء واوغاد لان الحسن الثاني ارعبنا ’’ ؟؟ وباختصار فان اليسار الاشتراكي الديمقراطي هو المؤهل للمواجهة الدستورية الفعالة بنخبة سياسية قوية , لان سائر الاحزاب الاخرى هي من صنع النظام المخزني اصلا وتدين له بإخراجها الى الوجود . ولان النضال من اجل التغيير وتعديل الدستور وتحسين الاوضاع الاقتصادية والمعاشية مند الاستقلال كانت تخوضه قوى اليسار ممثلة في المعارضة الاتحادية . 2- الاتجاه الثاني الموازي للأول والدي يشكل البنية الاساسية للتقدم واللحاق بمتطلبات العصر الاقتصادية , والاعداد لخوض معركة التنافس في السوق العالمية ’’ المعولمة ’’ يفرض على القوى الساعية الى التغيير الامساك بمفتاح التطور الصناعي المستمد من تفعيل معطيات الثروة المادية والبشرية الممكنة والمتاحة في البلاد , والدي يستطيع ان يساهم في تعظيم منتجات التصدير الصناعية وخلق الثروة ايضا تأكيدا للفكرة الشائعة والقائلة بانه من المستحيل توزيع الفقر ,و ليست المسالة مطابقة لسهولة الكلام المرسل ,بل انها تتطلب اولا ترشيد موارد الدولة المالية وتعبئتها في اتجاه الانتاج المحدد كمفتاح للتطور الصناعي . ولاسيما في هده المرحلة التاريخية من التطور السياسي والاجتماعي التي طوت , وربما دون رجعة , امكانية قيام دولة مركزية ديكتاتورية سواء اكانت رأسمالية او اشتراكية تقوم بتطوير الصناعة قسرا وتنقل المجتمع من الاقطاع الى الرأسمالية كما حدث في السابق , فقد اصبح اليوم يتم دالك بالضرورة عن طريق الديمقراطية السياسية وفي مجتمع متأخر تسود فيه الثقافة المخزنية الحامية , بطريق غير مباشر , لنهب المال العام والتملص الضريبي من طرف الاثرياء وبعض المقاولات الكبرى …الخ .من هنا صعوبة المهمة والتي تتطلب مثابرة سياسية متواترة لن تقوم بها سوى نخبة سياسية قادرة على مواجهة الاختراق المخزني الدائم لكل شيء في المجتمع والسياسة والاقتصاد ..الخ . دون محاسبة وحتى دون دكر دالك الاختراق كما حدث في ملابسات مسالة قد تكون ’’ بسيطة ’’ وهي تعيين مدرب للفريق الوطني ولم يقدر احد على اقالته حتى اقالته الهزائم المتوالية وهو ما ينافي ربط المسؤولية بالمحاسبة كما نص على دلك الدستور الجديد . فهل يستطيع اليسار الاشتراكي وعلى راسه , شئنا ام ابينا , الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية , رغم ضعفه الان , ان ينجح في المستقبل في تكوين هده النخبة السياسية القادرة على الاضطلاع بهده المهمة التاريخية التي ستضع البلاد على سكة التحديث ؟ وهنا ينبغي الاشارة , ولو بشكل عابر , الى الاطار السياسي المتاح و الممكن لتطوير العمل التنظيمي مع الجماهير او فئات الشعب المختلفة و ليستعيد اليسار الاشتراكي بعضا من قوته السابقة , فلابد له من التركيز بشكل رئيسي على العمل في الاحياء واستعادة ثقة المواطنين من اجل اقتحام العمل الجماعي الدي يعتبر الركيزة البنيوية للديمقراطية , فتسجيل المواقف ’’ الثورية المستقيمة في المعارضة ’’ من طرف ا حزاب اقصى اليسار او الاطمئنان المتوتر للأحزاب المشاركة في الحكومة اوفي الانتخابات في سياستها المعتدلة دون مراجعة صارمة للعمل الحزبي القاعدي الدي توقف مند مدة عن انتاج أي تقدم في اوساط المواطنين سواء كناخبين او كأعضاء ينخرطون في الحزب . بل قد وقع العكس فينسحب او يجمد اعضاء نشاطهم في الحزب . صحيح ان هده المهمة غدت اصعب بكثير من العمل السياسي السابق في زمن ما سمي بسنوات الرصاص حيت سمعة الحزب النضالية كانت تسبق اعضاءه المسؤولين في جدب المواطنين والتعاطف مع الحزب الدي قدم ضحايا ومعتقلين في سجون النظام . اما اليوم فبقدر ما ضعف الحزب بقدر ما تلاشت همة الاعضاء المسؤولين في العمل القاعدي ولكن دون ان يتخلوا عن تمسكهم بالقيادة التي ورثوها من الماضي ومن ما زال الحزب قد يستطيع دره من امتيازات مادية او معنوية . نقول مرة اخرى بان امكانية التغيير اليوم اصبحت اكثر صعوبة نظرا لأنها عملا مباشرا دائما وصبورا وليس هناك وسيلة للتغيير السلمي , حتى لو قامت ثورة شعبية , غير الانتخابات الجماعية والتشريعية , ومن الصعب الحديث عن وحدة اليسار في ظل عدم المشاركة في الحياة السياسية الانتخابية . ان الامكانية المطلوبة في ظل ظروف احزاب اليسار هي الاتفاق وتطوير عملية التنسيق والتحالف في التظاهرات السياسية والانتخابية وخصوصا على صعيد الانتخابات الجماعية ومن اجل استعادة ثقة المواطنين في اليسار الاشتراكي بالإمكان ان نشدد من جديد على الاهمية القصوى للتحالف في دائرة يحظى فيها اليسار الاشتراكي الديمقراطي بتواجد جماهيري يمكنه من الحصول على الاغلبية لتسيير شؤون الجماعة والحرص على اعطاء نموذج جديد في هدا التسيير الاشتراكي الديمقراطي
عن موقع الاتحاد الاشتراكي ..مراكش