اعتقدت جبهة البوليساريو انها وجدت ضالتها في تسخين الأوضاع الامنية مع المغرب. وقد اتخذت التحرك المغربي المشروع للتضييق على المهربين في المناطق الحدودية بين المغرب وموريتانيا، ذريعة لتحريك بعض من عناصرها العسكرية بشكل استفزازي تجاه القوات الأمنية المغربية التي تنفذ عمليتها ضد المهربين. وقد يبدو ان الامم المتحدة لم تتنبه الى ابعاد هذا التحرك التصعيدية فوقعت في فخ اتهام المغرب بخرق اتفاقية وقف إطلاق النار. ولا يغير من هذا الامر كونها قد اعتبرت رد البوليساريو يشكل هو ايضا خرقا لوقف إطلاق النار. كما لو ارادت اعادة بعض من التوازن الى موقفها غير المتوازن أصلا من تحرك المغرب المشروع لحماية مصالحه وأمنه المهدد يوميا بمفاعيل التهريب، ومضاعفات تحركات المنظمات المتطرفة الإرهابية في المنطقة.

فهل غاب عن ادراك الامم المتحدة وأمين عامها بان كي مون القلق حول الوضع الأمني في المنطقة ان جبهة البوليساريو لم تتوقف، ولو للحظة واحدة، عن تهديد المغرب باللجوء الى العدوان الإرهابي المسلح ما لم يخضع لابتزازها وابتزاز القيادة الجزائرية التي تنفذ اجنداتها في منطقة المغرب الكبير؟ ليس ممكنا تصور اي جواب منكر لهذه الحقيقة. لأن هذا التهديد شكل لازمة السلوك الانفصالي وداعميه خلال السنوات الاخيرة، في محاولة مزج مفضوحة بين التهديد باستعمال العمل المسلح وابتزاز المجتمع الدولي على مختلف المستويات.

وهل تعتقد الامم المتحدة ان عملية أمنية لمواجهة التهريب تتطلب ابلاغ بعثة المينورسو بها، وهي ليست مسؤولة أصلا عن هذا الموضوع؟ ام ان المنظمة الدولية تعتقد انه كان ضروريا التنسيق مع الجبهة الانفصالية ذاتها لإنجاز تلك العملية؟ مع العلم ان صيت قياداتها في مجال التهريب والاتجار بالممنوعات بكل أصنافها لم يعد خافيا على أحد في المنطقة وخارجها.

ان المغرب لم يقم الا بما يسمح به القانون الدولي في مجال حماية حدوده الترابية وتطهيرها من الأنشطة المحرمة دوليا، بعد ان اصبح واضحا للعالم بأسره الترابط الوثيق بين مختلف أنشطة التهريب وبين ما تقوم به المنظمات الإرهابية المتطرفة، بمسمياتها المختلفة، من محاولات للمساس بأمن واستقرار البلاد. وعلى هذا الاساس، كان على الامم المتحدة وامينها العام مباركة الجهود المغربية والثناء عليها لكونها تصب بشكل ملموس وواضح في الحرب الاستباقية التي يشنها على قوى الارهاب بمختلف تلاوينها. وليس التحرك على إيقاع جبهة البوليساريو الانفصالية التي اعتبرت نفسها، على ما يبدو، متضررة من هذه الحرب لارتباطاتها المشبوهة مع تلك القوى وصفقاتها الممكنة معها لتهديد أمن واستقرار المنطقة والعالم في نهاية المطاف.

فهل يحق للجزائر بناء جدار إسمنتي على امتداد مئات الكيلومترات على حدودها مع المغرب علاوة على الخنادق المحفورة في مناطق اخرى منها بدعوى محاربة التهريب على مستوى البشر كما على مستوى المخدرات، بينما محرم على المغرب العمل على حماية أمنه واستقرار مواطنيه من آفة التهريب والاتجار بالممنوعات وتسهيل تحركات خلايا الارهاب العابرة للحدود وخاصة مع موريتانيا؟

يبدو ان الامم المتحدة وامينها العام قد قررا غض الطرف عن هذا الخطر المحدق بالمغرب وموريتانيا على حد سواء، للتركيز على تحركات جبهة البوليساريو الاستفزازية تحت مزاعم واهية على شاكلة كونها مجرد رد على تحرك المغرب الموصوف زورا وبهتانا بكونه خرقا لاتفاقية وقف إطلاق النار.

وفوق هذا وذاك، فإن السؤال الحقيقي هو موجه الى الامم المتحدة وأمينها العام حول صمت القبور الذي التزموه بخصوص تحركات عصابات البوليساريو ومرتزقة الجزائر في مناطق من الصحراء كان من المفروض ان تظل خارج تحركات مختلف أطراف النزاع تجنبا لأي احتكاك بين القوات الأمنية والمسلحة المغربية وبين قوات جبهة البوليساريو وكيلة القيادة الجزائرية في النزاع الاقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية.

وعلى كل فإن كل هذا الضجيج حول تحرك مشروع للمغرب يدعو الى توسيع دوائر الشكوك والشبهة حول مفتعليه اولا وأخيرا.

*الخميس 1 شتنبر2016.

‫شاهد أيضًا‬

اليسار بين الممكن العالمي والحاجة المغربية * لحسن العسبي

أعادت نتائج الانتخابات البرلمانية الإنجليزية والفرنسية هذه الأيام (التي سجلت عودة قوية للت…