ولأن الله أنعم علي بأم طيبة من أصول أمازيغية و بمناسبة دكرى مولدي لا بأس أن أنشر بعض الصفحات من تاريخ مدينة تارودانت :
تعتبر مدينة تارودانت من أعرق المدن المغربية بمنطقة سوس . يرجع تاريخها إلى العهود القديمــــــة ( الفترة الفينيقية) حيث اشتهرت كمركز حضري وتجاري. ستكتسي تارودانت أهمية بالغة خلال الفترتين المرابطية والموحدية ، حيث اعتمدت كقاعدة عسكرية لمراقبة منطقة سوس وضمان استقرار الطرق التجارية الصحراوية.
* تدهورت أحوال المدينة خلال الفترة المرينية حيث عمها الخراب لتصبح مركزا ثانويا. مع مطلع القرن السادس عشر ستسترد تارودانت إشعاعها الإقتصادي وأهميتها الإستراتيجية مع ظهور السعديين. وقد كان لمحمد الشيخ دور هام في هذه النهضة حيث شيد بها مجموعة من المعالم التي حددت طابعها العمراني؛ هكذا رمم ودعم الأسوار وبني القصبة والجامع الأعظم والمدرسة. كما شهدت ضواحي المدينة بناء معامل السكر المشهورة، كل هذا جعل من تارودانت قطبا اقتصاديا وحضاريا كبيرا. بضعف دولة السعديين أضحت المدينة مجالا لنزاعات محلية حتى قيام الدولة العلوية إذ دخلها المولى الرشيد سنة 1669 – 1670. عقب وفاة المولى إسماعيل سادت المدينة إضرابات حتى بيعة سيدي محمد بن عبد الله كانت خلاها كل منطقة سوس خارجة عن السلطة المركزية. وقد كان لحركات المولاي الحسن الأول دور بارز في بسط سلطة الدولة على هذه المنطقة ومن ضمنها مدينة تارودانت.
* تعتبر مدينة تارودانت من أقدم المدن التاريخية التي لها دور هام في تطور التكوينات الإجتماعية بالمغرب من خلال ما تشكله من امتداد تاريخي يضرب في أعماق تاريخ المغرب ، لكونها تقع في وسط سهل سوس على الضفة الشمالية للوادي بين جبال الأطلس الكبير و الصغير التي تحتوي على خزانين مائيين هامين هما جبل سيروا بالأطلس الصغير على ارتفاع : 3304 م و جبل توبقال بالأطلس الكبير على ارتفاع 4165 م ، و لا غرابة أن يطلق عليها المؤرخون “حاضرة سوس” لما لعبته من دور هام في بناء الحضارة المدنية في المنطقة منذ العصور الأمازيغية القديمة ، و هي تقع قرب مرتفع ” سيدي بورجى ” شمال وادي سوس و هو عبارة عن ” كدية ” تسمى بالأمازيغية ” أرودان ” ، و غالب الظن أنه من هنا جاء اشتقاق اسم تارودانت نسبة إلى ” أرودان ” أو تصغيرا أو تأنيثا له، و تتميز مدينة تارودانت بالجنان و العرائس الخضراء التي تمثل فيها شجرة الزيتون العنصر الأساس لما توفره من غلال نظرا لوفرة المياه ، و التي تشكل الثروة الغابوية الثانية بالمنطقة بعد شجرة ” أركان ” الشجرة التـي تحضى باحترام الجميع لقدرتها على مقاومة الجفاف و المحافظة على الفرشة المائية ، و لما تشكله من خصوصية تميز حوض سوس باعتباره يحتوي على غابة ” أركان ” بالسهل .
* لعبت تارودانت دورا هاما في بناء الحركة الثقافية بسوس من خلال بناء علاقات الإنتاج ، التي تعتبر حصيلة الحركة الإجتماعية الإقتصادية في مجال الفلاحة و الصناعة معا ، أولا عبر تنظيم الري و استغلال الأراضي الجماعية و الثروات الغابوية و تنظيم القطاعات الحرفية و استغلال المعادن ، و ترويج الإنتاج الفلاحي و الصناعي بعد بناء معاصر الزيتون و معاصير السكر و صناعة البارود و استغلال مناجم الفضة بالأطلس الصغير و سك العملة و تنظيم الــعلاقات التجارية الداخـــــلية و الخـارجية، و بالتالي بناء الدول العظمى التي أسسها الأمازيغ خاصة في العصر الذهبي في عهد السعديين ، الذي تم فيه إعادة بناء سور تارودانت و بناء دار القصبة و دار البارود و معاصير السكر بتازمورت و تيوت ، و ثانيا عبر نشاط الثقافة الشعبية الأمازيغية التي تتجلى في تعدد أنواع رقصات أحـــواش و نظم الشعر الأمازيغي بالأطلس الصـــغير و الكبير و السهول المجـاورة لهما و إدمـــاجها في الحياة الإقتـصادية و الإجـتماعية ،و الثقافة الشعبية العربية في مناطق هوارة و أولاد برحيل بالسهول المجاورة للمدينة في مراحل تاريخية لاحقة ، كما لعبت المدينة دورا أساسيا في تطور الثقافة و اللغة العــربية عبر المساهمة الفكرية في مـخــــــــــــــتلف المجالات التاريـخيــة و التشريعية و الأدبية واللغوية و غيرها ، و ذلك في المدارس العتيقة التي تم تأسيسها بالزوايا من طرف القبائل الأمازيغية و التي تم عصرنتها بعد تأسيس معهد تارودانت بعد الإستقلال .
.
مع مطلع القرن السادس عشر ستسترد تارودانت إشعاعها الإقتصادي وأهميتها الإستراتيجية مع ظهور السعديين. وقد كان لمحمد الشيخ دور هام في هذه النهضة حيث شيد بها مجموعة من المعالم التي حددت طابعها العمراني؛ هكذا رمم ودعم الأسوار وبني القصبة والجامع الأعظم والمدرسة. كما شهدت ضواحي المدينة بناء معامل السكر المشهورة، كل هذا جعل من تارودانت قطبا اقتصاديا وحضاريا كبيرا. بضعف دولة السعديين أضحت المدينة مجالا لنزاعات محلية حتى قيام الدولة العلوية إذ دخلها المولى الرشيد سنة 1669 – 1670. عقب وفاة المولى إسماعيل سادت المدينة اضرابات حتى بيعة سيدي محمد بن عبد الله كانت خلاها كل منطقة سوس خارجة عن السلطة المركزية. وقد كان لحركات المولاي الحسن الأول دور بارز في بسط سلطة الدولة على هذه المنطقة .
و من أهم المآثر التاريخية بهده المدينة :
الأسوار:
يبلغ طول سور مدينة تارودانت 7,5 كلم. وقد بني على شاكلة الأسوار المغربية الأندلسية الوسيطية . فهو عبارة عن جدار من الطابية يدعمه 130 برجا مستطيلا و9 حصون تتخلل السور خمسة أبواب هي باب القصبة وباب الزركان وباب تاغونت وباب أولاد بونونة وباب الخميس. مجمل هذه الأبواب ذو طابع دفاعي محض.
المآثر العمرانية بتارودانت وعوامل تدهورها :
1- السور: أهميته التاريخية وعوامل اندثاره:
إن التفكير في تسوير مدينة تارودانت قديم جدا، حيث أنه يعود إلى عهد المرابطين، فقد وردت في ترجمة أبي محمد صالح بن واندالوس (سيدي وسيدي) المتوفى عام 592 هجرية إشارة إلى وجود “سورة” تحيط بالمدينة1 يرجع أنها كانت في سياسة التطويق العسكري التي نهجها المرابطون مع قبائل الأطلس الكبير والصغير …
إلا أن المؤكد تاريخيا هو أن الأسوار الحالية تعود إلى صدر القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي (10هـ 16م) حيث اتخذت تارودانت منطلقا للدولة السعدية ولجيوشها المجاهدة ضد محتلي السواحل المغربية من إسبان وبرتغال. فقد قام السلطان محمد الشيخ السعدي بتجديد المدينة وتوسيع عمرانها وأحاطها بالسور القائم حاليا سنة 935هــ2 والذي يتخذ شكل مخمس يبلغ طوله (7.250م) تقريبا وعرضه بين (1.50م) وأربعة أمتار، خاصة عند الأبراج في حين يبلغ ارتفاعه (10) عشرة أمتار في بعض الجهات، تتخلله شرفات وأبراج مربعة بارزة على هيئة قلاع صغيرة مقدمة بينما تمتد القصبة السلطانية على مساحة تقدر ب : (50.000م2) وتوجد بالمنطقة الشمالية الشرقية للمدينة، وتخترق هذا السور خمسة أبواب هي باب المسلسلة وهو المدخل السلطاني قرب القصبة باب الزركان، باب تارغونت، (باب الغزو) باب أولاد بنونة ثم باب الخميس، وقد أدى انعدام الحجارة بالمنطقة إلى استعمال كمية كبيرة من الجير وخلطه بالتراب المدكوك المستعمل عادة في بنايات المنطقة، ونظرا لان محمد الشيخ لم يكن ليأمن من قبائل الأعراب المحيطة بالمحمدية/ تارودانت، فقد استعمل كميات كبيرة من الحصى في تدعيم أساس أسوارها، ويخبرنا التمانارتي أنه: “في سنة تسع وثلاثين وألف حاصر بغاة من العرب والبرابر مدينة تارودانت … وحضروا لها أسرابا تحت أسوارها فوجدوا قاعدة أساسه الحصى لا تنال منه الفؤوس شيئا لوثاقته فقنطوا …”
التشكيلة الإجتماعية قبل الإستعمار :
يشكل إقليم تارودانت الجزء الأكبر من سهل سوس بأكثر من ثلثي مساحته و تتمركز جل تجمعاته السكنية على ضفتي وادي سوس و على ضفاف روافده المــتعددة بالسهل و بالجـبال ، و تشكل الــمناطق الجـبلية للأطلس الصـغير و الكبير و السهول المجاورة لهما مركزا هاما للتجمعات السكنية للقبائل الأمازيغية خاصة قبائل إسكتان و أونزين و إمديدن و زاكمزن و أسكاون و تيفنوت و إوزيون و أوناين و تفتكولت و تيزي نتاست و تالكجونت وإمنتاكن و إد عبد الله و إغرم و أيت سمك و أيت وكاز … و تتشكل جل القبائل بالسهل من القبائل العربية خاصة في هوارة و أولاد برحيل ، و تعتمد حياة القبائل على الفلاحة المسقية في المناطق القريبة من الوادي و روافده والعيون بالجبال و على الزراعة البورية في سهل سوس و المناطق البورية بالجبال ، كما يشكل النشاط الرعوي إلى جانب الزراعة الدعامة الثانية للإقتصاد في المناطق الجبلية كما هو الشأن بالسهل لكون تربية المواشي تشكل نشاطا حيويا موازيا للزراعة ، كما يشكل الصيد نشاطا لا يستهان به لما توفره الغابات من الوحش و الطير في الجبال و السهول التي تشمل جميع أصناف الحيوانات بدءا بالأرنـب و الثـعلب و الذئب و الخنزير البري و الغزال و الحمــار الوحشي و النمر و الأسد … و كان قواد القبائل يمارسون هواية الصيد و يقال أن قائد قبائل تالوين محند أو عبد الله كان يملك 60 كلبا للصيد ، كما تضم الغابات مختلف الطيور بدءا بالحمام البري و انتهاء بالكواسر و تضم وادي سوس و الوديان المتدفقة على طول الحوض و بالجبال ثروة سمكية هائلة .
و تشكل القبيلة العنصر الأساس في حياة الفرد و الجماعة لكونها المحدد الأساس للهــوية الفــردية و الجماعية التي بدونــها لا يمـكن للفرد أن يحيى خارج الجمــاعة، و تعرف جل القبــائل صراعات سياسية أثناء النـــزاعات القبلية خاصــة حول الحـدود و المناطق الرعوية و التي تعرف في أغلب الأحيان حروبا دائمة خاصة في مواسيم المحصول الفلاحي ، كما تعرف القبائل فيما بينها تضامنا خاصة عندما يكون العدو مشتركا و قد تطور هذا التضامن إلى بناء تحالفات و يتجلى ذلك في حلفي “تاحكات” و “تاكوزولت” ، اللذان يمثلا ن شبه حزبين متصارعين حول السلطة السياسية بسوس على قاعدة مفادها أن القبيلة القوية تخضع لها جميع القبائل المجاورة ، التي تكن لها الولاء و ذلك بإنشاء سلطة مركزية تتجمع حولها القبائل لتشكل قوة يمـــثلها قائد القــبيلة الزعيم و التي تطورت إلى حد بنــاء دول أمازيغــية عظـــمى و امتداداتها كالمرابطين و الموحدين و السعديين ، التي شكلت فيها مدينة تارودانت يوما عاصمة لكونها من بين مراكز الطرق التجارية الهامة بين الشـــمال و الجنـــوب، و تعتبر الزوايا في مرحلة متقدمة من المدنية بسوس القوة الثانية بعد القبائل التي عملت على تأسيس هذه الزوايا و تمويلها ، بهدف نشر العلم و المعرفة / البنية الفوقية التي تكون خاضعة لسلطة زعيم القبائل و كانت لزاوية بن يعقوب و امتداداتها بتالوين و أولوز أثر كبير على حياة القبائل بسوس ، و خير دليل على سلطة القبيلة على الزاوية هو ما قام به الشيخ محند أو عبد الله في بداية القرن العشرين عندما استولى على السلطة بتالوين بعد إخضاع جميع القبائل هناك ، حيث قام بضم جميع أراضي زاوية تكركوست و طرد شيوخها و حول مقرها و استمر الحال كذلك حتى استولى الكلاوي على قصبة تالوين و ضم المنطقة إلى مثلث ورزازات مراكش تالوين ، و تعتبر المدارس العتيقة الموازية للزوايا مركزا للثقافة المرتبطة بالشرق العربي و المطبوعة بالثقافة الأمازيغية و كانت القبائل توليها اهتماما خاصا لما لها من دور في السلطة السياسية.
.
التشكيلة الإجتماعية خلال الإستعمار :
* عرفت منطقة تارودانت مقاومة المستعمر عبر المشاركة في ثورة الهبة و لم يتم إخضاعها إلا بعد تحالف الإقطاع و الإستعمار ضد مقاومة الفلاحين الفقراء ، و تم فصل المدينة عن البوادي و بالتالي فصل سوس العاليا/ منطقة تالــوين بالأطلس الصغير و تفنــوت بالأطلس الكبير شرق المدينة عن سوس السفلى/سـهل سوس و الأطلس الكـبير الشمالي الــغربي و الجزء الجنـوبي الغربي من الأطلس الصـــغير و توزيغ النفوذ بين الكلاوي بتالوين و الكندافي بتيزنيت ، و هكذا استطاع الإستعمار المباشر السيطرة على حوض سوس حيث تخلى عن المناطق الجبلية و بعض الأراضي في السهل لقادة الإقطاع ، و استولى على الأراضي الخصبة بسهل سوس و لبسط سيطرته عليها أنشأ الطريق الرئيسية رقم 32 بين أكادير و ورزازات و التي تقسم السهل إلى شطرين أساسيين ، أولا في المنطقة الجنوبية للوادي غرب تارودانت حيث مناطق هوارة و سبت الكردان التي أقام فيها الضيعات الأولى الخاصة بالحوامض و الخضر الطرية و الورود على جانبي الطريق ، و ثانيا في شمال الوادي بمنطقة أيت إيعزا و أولاد برحيل و أولوز شرق تارودانت التي لم يتم استغلالها و هي عبارة عن أراضي الجموع في أغلبها و التي توجد تحت سيطرة القائدين الإقطاعيين حيدة أميس بأولاد برحيل و الضرضوري بأولوز ، و هكذا بدأ المستعمر في تحويل الملكية الجماعية للأراضي بمنطقة سبت الكردان و هوارة إلى ملكية فردية رأسمالية في يد المعمرين الفرنسيين و تحويل الفلاحين الفقراء إلى عمال زراعيين بضيعاتهم و خاصة المرأة ، و تم بناء معامل التلـفيف قصد تصدير الحوامض و الخـضر و الورود كما تم بناء معمل فريماسوس لتصنيع المشروبات الغازية و الكحولية و بذلك نشأت طبقة عاملة كعنصر جديد بالمنطقة في المعامل و الضيعات.
و بالمقـابل عمل المـستعمر على إنشـاء مركزين أساسيين هما مـركز أولاد تــايمة و سبت الكردان اللذان أقاما بــهما سلطـته الإدارية ،أولا من أجل بسط سيــطرته و نشر الضبط الإجتماعي و ثانيا من أجل مراقبة المؤسسات الفلاحية و الصناعية التي أقامها على أراضي الفلاحين الفقراء ، و لخلق إجماع حول مشروعه الإستعمار أقام أوراشا لبناء الإدارة الإستعمارية و ما تحتاجه من مرافق موازية بهذين المركزين ، مما نتج عنه رواجا ملحوظا بعد خلق فرص الشغل و بالتالي حركة اجتماعية تضم طبقة عاملة تقيم في التجمعات السكنية الجديدة بالمركزين ، و تتشكل هذه الطبقة من العمال في مجال البنـاء و التعمير و العمال الزراعـيين و خاصة الـمرأة و الــطفل و التجار و الحرفيين ، كما تم إقامة أسواق تجارية جديدة لتنشيط المنتوج الفلاحي بالضيعات التي أقامها المستعمر و الذي يكون غير قابل للتصدير إما بعدم الحاجة إليه أو نظرا لسوء جودته ، و بذلك نشأت حركة تجارية خاصة بأولاد تايمة التي ما زالت تتوفر إلى يومنا هذا على سوق لتجارة الخضر و الفواكه له شأن كبير في منطقة سوس ، كما عمل المستعمر على دعم طبقة البرجوازية التجارية بمنح امتيازات لبعض أعوان الإقطاع بالترخيص لهم بما يسمى ” البون ” لتجارة بعض المواد الأساسية كالسكر و الشاي و القهوة و الدخان ، و هكذا تم إنشاء مركزين أساسية في الجهة الغربية الجنوبـية لمدينة تارودانت الـتي عمل المستعمر على تـــهميشها و ذلك بتحويل مركز سلطتها إلى مدينة أكادير ، أولا لتوفرها على ميناء صالح لتصدير المنتوج الفلاحي الذي يتم انتاجه بأولاد تايمة و سبت الكردان و ثانيا لإمكانية خلق مراكز صناعية و مالية خدمة للرأسمال المركزي ، و أصبحت مدينة تارودانت في المركز الثاني بعد هذين المركزين من حيث الأهمية الإقتصادية و بالتالي أصبحت تابعة لإدارة الإستعمار بأكادير.
و في باقي المناطق تم إنشاء مراكز أقل شأنا من الناحية الإقتصادية و أكثر أهمية من حيث الضبط الإجتماعي و هي أولاد برحيل و تفتكولت و أولوز و تالوين و إيغرم ، هذه المراكز التي تعرف إزداجية السلطة بين المستعمر و الإقطاع ، و خاصة بتالوين و المناطق التابعة لها حيث تم بسط سلطة الكلاوي و التابعة لمركز ورزازات بعد فصلها عن تارودانت ، و أولوز و المناطق التابعة له حيث بسط سيطرة القائد الإقطاعي الضرضوري و أولاد برحيل حيث بسط سيطرة القائد الإقطاعي حيدة أميس ، و تحولت تارودانت إلى مدينة معزولة تراوح مكانها داخل سورها تراجع ذكرياتها التاريخية و لم يبق أمامها إلا الإنزواء و الزهد في حياتها ، و ذلك عبر التشبث بتراثها التاريخي الذي يمثل أنفة الإنسان الروداني ، الذي عكف على ممارسة الحركة الحرفية و التجارية البسيطة و استغلال الأراضي الفلاحية بالجنان المجاورة للمدينة و معاصر الزيتون و العرائس داخل المدينة ، دون أن ننسى الإهتمام بالثقافة العربية في المدارس العتيقة و المساجد الكثير بالمدينة إلى جانب الثقافات الشعبية و على رأسها الدقة الرودانية و الملحون ، و تعرف المآثر التاريخية بالمدينة تهميشا ملحوظا بل تفوية غريبا حيث تم تفويت دار البارود بما تمثله من معلمة تاريخية هائلة و ما فيها من جنان لأحد الإقطاعيين / الوزاء السابقين و تحويل معلمة تاريخية أخرى بالقصبة إلى فندق ، و تبقى العائلات العريقة ذات الأصول الأمازيغية و التي تم استعرابها تعيش على أمجاد تاريخ تارودانت في ظل حصار تحالف الإستعمار مع الإقطاع.