مرحلة منح التزكيات الحزبية للمترشحين لانتخابات 7 أكتوبر بلغت دروتها . و العديد من الأحزاب حسمت في الأسماء أو على الأقل حصرت التنافس بين المتنافسين الأقوياء . و متابعة الأمر من طرف الإعلام و المهتمين و المنتسبين للأحزاب تثير كثيرا من المواقف المتباينة ، و التحليل الرصين يبقى مؤجلا إلى حد كبير ، إذ تعتبر الآراء المسجلة عبارة عن ردود أفعال و مواقف شخصية اتجاه العديد من المترشحين و الأحزاب ، وفي طريقة تدبيرها لاختيار مترشحيها .
وإذا كان الأمر يدخل في إطار الديمقراطية الداخلية لكل حزب ، وأن الحزب يبقى مسؤولا أولا و أخيرا عن مترشحيه ، فالموضوعية تفترض الوقوف على بعض المعطيات التي تسجل إبان كل استحقاق ، وليست حصرا على الانتخابات البرلمانية بالضرورة :
*الكل يعترف ، ومن داخل الأحزاب و خارجها ، أن الديمقراطية الداخلية التي يجب اعتمادها لاختيار المترشحين تبقى هي الضحية الأولى . كما أن التأطير الحزبي ، و الدورة التنظيمية لجل الأحزاب مغيبة أو مؤجلة ، مما يفسح المجال لضباط و صقور كل حزب للتدخل لحسم الأمر وفق بوفايلات و مصالح معينة .
*اختيار المترشحين يعتمد معايير أخرى ، غير المعايير النضالية و التنظيمية ، لتصير جل الأحزاب عبارة عن وكالات انتخابية ، تفتح أبوابها لتستقطب المتنافسين القادرين على التحكم في أصوات المواطنين ، وبكل الوسائل المتاحة و الممكنة .
*بروز ظاهرة العرابين و الوسطاء لدعم المترشحين الأقوياء ، و فرضهم حتى على الأحزاب نفسها .
*احتكار الترشيحات من طرف أصحاف نفوذ و نقود لا يمارسون السياسة إلا إبان الترشيح .
*ارتباط التصويت بالشخص و ليس بالحزب و برنامجه .
*تداعيات الخطاب السياسي للأحزاب و تشابه الكليشيهات المقدمة للمواطنين .
*ضعف التأطير السياسي للمواطن ، و تأكيد النفور و العزوف بفعل ضعف أداء الأحزاب و المؤسسة التشريعية …
وإذا كانت محطة الانتخابات التشريعية تعد من المحطات الحاسمة في رسم معالم الخريطة السياسية للدولة ، لما تمنحه من إمكانية للتأثير على السلطتين التنفيذية و التشريعية ، فإن الطريقة التي تتم بها تزكية المترشحين تؤكد أن الأحزاب جلها تقبل من البداية إفساد المسار الديمقراطي، من خلال اختيار مترشحين صاروا مناضلين فوق العادة و بدون رصيد نضالي في نفس الوقت ، وهو ما يؤثر بالضرورة على أداء الفرق البرلمانية ، معارضة كانت أو داخل الأغلبية . كما أن الأمر نفسه يزيد من ظاهرة العزوف و مقاطعة الانتخابات ، لأن المترشحين أصلا يدخلون اللعبة بأصوات يحسمونها مسبقا و يضعونها ضمن رصيدهم المالي و المادي و العقائدي و القبلي .. ولا مكان للبرامج و السياسة و المبادئ في الموضوع .
*الاحد 28 غشت 2016.الصويرة