مع اقتراب موعد انتخابات سابع أكتوبر وتنامي مستويات السخونة اللفظية استعدادا لها، بدا أن بعض الأحزاب تصر على تلخيص تحضيراتها عبر تهييج بليد للناخبين ومواصلة بيع الأوهام لهم. هناك من حصر وجوده الانتخابي و… البيولوجي حتى، في إعلان عزمه تغيير كل القوانين التي صادق عليها البرلمان خلال الولاية المنصرمة في حال تصدره النتائج، بل ويؤكد أنه أصلا سيتصدرها لكي ينقذ البلاد والعباد، وليس هناك من هو قادر على ذلك سواه.
دكاكين انتخابية سميت هي بدورها أحزابا اعتقد الناس أنها “شبعت” موتا، طفت على السطح في الأيام الأخيرة مرتدية قبعة رفض لم يسبق أن جربته من قبل، ورغم أن الكل يسخر من “الجبهة” التي تميز المتحدثين باسمها، فهي لا تتردد في القول بأنها ستفوز بكثير مقاعد وستكون هي أيضا بديلا منقذا لنا من شرور بقية الأحزاب والتحالفات الموجودة.
ومن جهة ثانية برز مؤخرا حوار “سياسي” غريب بين زعماء لم يجد بهم زمان، حيث عمدوا إلى تبادل الشتائم فيما بينهم باستحضار آبائهم وما توفر لهم في حياتهم من إمكانات وظروف عيش وكيف ربوا أبناءهم، وهذا بؤس جديد نشره بيننا هؤلاء القادة الوهميون.
من دون شك، أن كل هذه “القيامة” قد لا تقود بعض هذه الكائنات الانتخابية سوى إلى الاصطدام بالجدار كما حدث في استحقاقات أخيرة، ويتطلع الغيورون على هذه البلاد وعلى مستقبلها الديمقراطي أن يوجه الناخبات والناخبون صفعة إلى كل هذه الرموز الريعية، وأباطرة الفساد الانتخابي وتجار الأصوات، وأن تتحقق يقظة وتعبئة حقيقيتين وسط شعبنا لإنقاذ البلاد منهم هم بالذات.
“القيامة” الانتخابية بدأت أيضا تصيب بعض الأوساط المقاولاتية والمالية، حيث يخرج بعض رموزها بتصريحات ومواقف لم يتعودوا عليها من قبل، والبعض الآخر يعتزم الارتماء في معمعان الترشيح  المباشر، وجميعهم يصعب التدليل اليوم على استقلالية مواقفهم أو خطواتهم المعلن عنها.
المؤشرات الأولية الملحوظة لحد الساعة، سواء على صعيد مضمون الخطاب السياسي أو في طبيعة الوعود المقدمة للمواطنين أو في انحطاط مستوى المُلاسنات اللفظية المتبادلة بين بعض الفرقاء الحزبيين أو كذلك من خلال تحركات غير مفهومة لبعض الأوساط المقاولاتية والمالية والإعلامية، كلها تكشف أن لوبيات الريع والفساد الانتخابيين تستعد لتشريعيات سابع أكتوبر بمنطق “القيامة” فعلا، وكما لو أنها الحرب التي يجب أن تعلن طرفا واحدا فائزا وكل الآخرين يكون مصيرهم الاندثار.
الانتخابات المقبلة يجب أولا أن تكون نزيهة وتمتلك كل شروط سلامتها ومصداقيتها، ويجب أن تشهد مشاركة شعبية مهمة، ويجب أن تفرز تركيبة لمجلس نواب تتميز بالكفاءة والجدية والمصداقية، وأن تساهم في تقوية سير بلادنا على طريق الإصلاح والاستقرار وكسب تحديات التنمية والتقدم والوحدة والأمن.
هذه هي المعركة الحقيقية التي لا بد أن تتعاون كل القوى الوطنية الحقيقية من أجل النجاح في كسب رهاناتها بدل كل هذا التدني.
أما الجهات الحزبية والريعية التي تملأ الساحة اليوم ضجيجا ووعيدا، فهي بالمناسبة لم تقدم إلى اليوم برنامجا انتخابيا ولم تصرح بأي كلام سياسي يخاطب عقل المغاربة ويفكر بحجم الوطن ورهانات مستقبله، كما أنها لم تستطع الانفلات من نفس الوجوه الفاسدة ولم ترشح، في غالبية الدوائر، سواها.
هذا هو الشيء الحقيقي الوحيد في سيرتها لحد الساعة.

*عن bayane-alyaoume-press

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…