هو مثلث مخيف يرعب الأسر المغربية هذه الأيام؛ تتشكل أضلعه من مناسبات تلاحقت تباعا و تتطلب كل واحدة منها استعدادا ماليا كبيرا ، يصعب على محدودي الدخل مواجهتها، لتتحول من مناسبات للاحتفال إلى هم متواصل تبدأ فصوله بأشهر قبل حلولها و تستمر تبعاتها التعيسة شهورا بعد ذلك.
فبعد شهر رمضان وما تطلبه من ميزانية إضافية أرهقت الأسر المغربية، جاءت العطلة الصيفية لتقضي على ما تبقى من مدخراتهم المالية ،إن كانت هناك أصلا مدخرات، ويأتي بعدها الآن الدخول المدرسي مع تكاليفه المرتفعة، ثم سيحل عيد الأضحى الذي سيدخل الأسر المغربية في دوامة اقتراض لا تنتهي.
إنها أشهر المحن حيث تواجه الأسر حرب استنزاف حقيقية مكلفة ماليا ونفسيا واجتماعيا،وفي حالات كثيرة يكون ذلك على حساب استقرارها، فالضغط يحول هذه المناسبات التي من المفروض أن تكون لحظة للفرح و الاحتفال ، إلى لحظات قاسية من الاحتقان،وغالبا ما تعصف بالتوازن المالي الهش للأسر التي لم يعد أساسها الاقتصادي يسمح بالاستجابة لمثل هذه المناسبات.
هي محنة أبدية مع مصاريف لا تنتهي، مصاريف لا تترك مجالا للأسر المغربية للادخار، فموجة الغلاء تأتي على كل الأجرة الشهرية وتفتح باب الاستدانة على مصراعيه، فمع بداية كل شهر يجد عدد متزايد من المغاربة أنفسهم في أوضاع مالية صعبة؛ فمحنة المواطن البسيط مستمرة مع تكاليف المعيشة اليومية، من مصاريف القفة وتوابعها ومصاريف كسوة الأطفال والتطبيب واللائحة طويلة؛ حيث إن الأجرة الزهيدة تكون قد استنزفت بسبب الغلاء والاقتطاعات المختلفة فيما الشهر لم يبدأ بعد، فيضطر أغلب المواطنين إلى الاستدانة.
إحصائيات بنك المغرب كشفت أن الأسر المغربية تلجأ باستمرار و بشكل متزايد ليس فقط للاقتراض بل أيضا للتسهيلات البنكية القصيرة جدا، باستعمال نظام (DECOUVERT) السحب على المكشوف الذي تخوله بعض بطائق الائتمان أو الحسابات المدينة.
فالزيادات في أسعار مجموعة من المواد الغذائية وتوالي المناسبات التي تحتاج إلى مصاريف استثنائية، تعيد إلى الواجهة مشكل ارتفاع تكلفة المعيشة بالمغرب وضعف القدرة الشرائية للمواطن في ظل الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه فئة كبيرة من الشعب المغربي، الأمر الذي عمق من المشاكل المادية لغالبية الأسر المغربية، والتي عجزت عن مواجهة موجة الغلاء.
وضع لا يجب التعامل معه بمنطق التبسيط، وضع نبهنا إلى خطورته أكثر من مرة، ولعل عدد الملفات التي تعرض على أنظار مصلحة
المنازعات بمختلف الأبناك وشركات التسليف في انتظار التسوية لأكبر دليل على أن الأمر يتطلب معالجة جذرية لإنصاف المواطن وإزالة سيف القروض من على رقبته..