حصلت الطالبة العراقية شيماء عبد الوهاب عبد ألشمري على الماجيستر من جامعة بغداد من كلية التربية ابن رشد للعلوم الإنسانية بميزة حسن جدا في شهر يوليوز الماضي في موضوع:
” الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ودوره السياسي في المغرب 1975-1996″
* …تعد دراسة تاريخ الأحزاب السياسية في المغرب من المواضيع الجديرة بالبحث الأكاديمي في التاريخ العربي الحديث والمعاصر إذ شكل حصول المغرب على الاستقلال في 3 آذار 1956 بداية لانطلاق العمل السياسي للأحزاب على صعيد الممارسة الفعلية في المغرب المعاصر. وقد كان هناك حالة من الصراع بين المؤسسة الملكية والأحزاب السياسية مما أدى إلى انقسام الأحزاب بين مؤيد للسلطة وبين معارض لها , فكان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية احد تلك الأحزاب , إذ جسدت مراحل تطور هذا الحزب إظهارا لتطور الأحداث السياسية للمغرب في التاريخ الحديث والمعاصر..
تهدف الرسالة إلى دراسة الجذور التاريخية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كحزب معارض منذ تشكيلة عام 1975 إلى عام 1996 الذي مثل نقطة تحول باتجاه الانتقال الديمقراطي للعملية السياسية .
تكمن أهمية الموضوع في دراسة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لأنه يعد من الأحزاب السياسية المعارضة وكانت دراسته إظهارا واضحا لتطور العملية السياسية في المغرب منذ حصوله على الاستقلال , وصدور قانون التعددية الحزبية عام 1959 الذي أسس لإرساء الجوانب القانونية في الحياة السياسية في المغرب وبداية لانطلاق العمل السياسي المنظم .وكان نشاط الحزب وممارساته السياسية مسالة في غاية الأهمية لأنه من الأحزاب التي مثلت المعارضة الحزبية المؤطرة بالقانون .
اعتمدت الدراسة على المنهج التاريخي فضلا عن المنهج الوصفي التحليلي لبيان أهم التطورات التي شهدها المغرب ودور حزب الاتحاد الاشتراكي فيها لغاية 1996 .
في ضوء منهجية البحث قسمت الرسالة إلى مقدمة وتمهيد وأربعة فصول وخاتمة .
جاء التمهيد تحت عنوان (الأوضاع السياسية في المغرب وجذور حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية 1956-1974 ) وفيه أوضحت أهم الأوضاع السياسية التي عاشها المغرب منذ الاستقلال واهم الحكومات التي تشكلت في تلك المدة وكذلك انشقاق حزب الاتحاد الاشتراكي من حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وصولا إلى إعلان تسمية الحزب عام 1974 .
وجاء الفصل الأول بعنوان (حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وانعقاد المؤتمر الاستثنائي والتطورات السياسية في المغرب 1975-1977 ).. ركزت الدراسة فيه على أهم الإحداث التي سبقت الأعداد لعقد المؤتمر الاستثنائي للحزب عام 1975 وبناءه التنظيمي وأهدافه , ودور الحزب في الانتخابات البلدية والقروية في عام 1976 , وأوضح الفصل دور الحزب في الانتخابات التشريعية لعام 1977 , وموقف الحزب من تشكيل الحكومة ومجلس النواب , وانتهى الفصل بموقف الحزب من قضية الصحراء المغربية .
وكان الفصل الثاني بعنوان (واجهات النشاط السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي وموقفه من القضايا الداخلية 1978-1983 )ركز هذا الفصل على أهم نشاطاته وهي تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (النقابة العمالية التابعة للحزب ), وانعقاد المؤتمر الثالث للحزب عام 1978 , وموقف الحزب من إضرابات عامي 1979 و1981 في قطاع التعليم والصحة , وموقف الحزب من قرارات مؤتمر نيروبي المتعلقة بالاستفتاء في الصحراء المنتقد لطريقة أجراء الاستفتاء المفاجئ عام 1981وموقفه من البرلمان لعام 1981 , فضلا عن موقفه من قمة فاس عام 1982 كما وضح دور الحزب من الانتخابات البلدية والقروية عام 1983 والموقف من تشكيل الحكومة عام 1983 .
حمل الفصل الثالث عنوان (التطورات الداخلية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وموقفه من القضايا الوطنية والقومية 1984-1989 ) الذي استعرض موقف الحزب من انعقاد مؤتمر الطوائف اليهودية عام 1984 , وانعقاد المؤتمر الرابع للحزب , وموقف الحزب من تأسيس الاتحاد العربي -الإفريقي عام 1984 , فضلا عن دوره في الانتخابات التشريعية لعام1984 وموقف الحزب من تشكيل الحكومة التي لم يشارك فيها لمعارضته البرنامج الحكومي عام 1985 وبين الفصل موقف الحزب الرافض للقاء أيفران بين الملك الحسن الثاني وشمعون بيريز عام 1986 , كما تناول الفصل موقف الحزب من اتحاد المغرب العربي 1989 المؤيد له , فضلا عن انعقاد المؤتمر الخامس للحزب عام 1989 , وتناول الفصل موقف الحزب من القضايا العربية لاسيما موقفه من منظمة التحرير الفلسطينية , والقضية اللبنانية , والحرب العراقية الإيرانية .
أما الفصل الرابع فكان بعنوان (دور الحزب في المطالبة بتعزيز الممارسة الديمقراطية والإصلاح الدستوري حتى عام 1996 ) استعرض موقف الحزب من الإضراب الذي حصل عام 1990 , والموقف من ملتمس الرقابة ( طرح الثقة )بالحكومة عام 1990 ,وإعلان تشكيل الكتلة الديمقراطية عام 1992 ,ووضح الفصل موقف الحزب من وفاة عبد الرحيم بوعبيد عام 1992 , كما بحث الفصل موقف الحزب من إعلان مشروع دستور 1992 وما رافقه من تطورات ودور الحزب من الانتخابات الجماعية عام 1992 , والموقف من الانتخابات التشريعية عام 1993 , وأخيرا موقف الحزب من إعلان الدستور الجديد عام 1996 وموقفه الايجابي منه . وفي الخاتمة توصلت إلى عدة نتائج من أهمها :
1. شهدت الساحة السياسية المغربية ظهور تنظيمات سياسية جديدة بعد صدور قانون الأحزاب الذي كانت تهدف من وراءه المؤسسة الملكية منع قيام نظام الحزب الواحد وان تضع أُسس النظام الحزبي ألتعددي , وبذلك نجحت المؤسسة الملكية في صراعها مع حزب الاستقلال ,و تشكيل حكومة ولائها مضمون للمؤسسة الملكية وهذا أكد انفراد المؤسسة في تحقيق أهدافها والهيمنة على الحياة السياسية المغربية .
2. لم تقتصر الصراعات بين المعارضة والمؤسسة الملكية وإنما انتقلت الخلافات داخل الأحزاب المعارضة نفسها لذلك نلاحظ في عام1972 حصول خلاف داخل حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية أدى إلى انقسامه إلى قسمين فرع الرباط بقيادة عبد الرحيم بوعبيد وفرع الدار البيضاء بقيادة عبد الله إبراهيم وكان من نتيجة الانقسام تجميد الكتلة الوطنية , مما أثر في دورها في الحياة السياسية وقيام كل حزب منهما بعمله بصورة مستقلة .
3.شكل المؤتمر الاستثنائي المنعقد في عام 1975 نقطة تحول فعلية لظهور حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وتحديد توجهاته السياسية والفكرية والاجتماعية في تبني الاشتراكية والديمقراطية منهجاً واثبت ذلك عند دخوله للانتخابات البلدية عام 1976 والتي حصل فيها على نسبة جيدة من الأصوات , والانتخابات التشريعية عام 1977 والتي لم يتمكن فيها من الفوز وكان لتزوير الانتخابات الأثر الأكبر في عدم فوز الحزب .
4. على الرغم من أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يعد من الأحزاب المعارضة إلا انه حاول في أكثر من مناسبة تبني مواقف ايجابية من المؤسسة الملكية لاسيما عندما يتعلق الأمر بالمصلحة الوطنية وبوحدة الأراضي المغربية وأبرزها قضية الصحراء الغربية التي لعب الحزب دوراً كبيراً في الدفاع عنها والتأكيد على مغربيتها .
5. تبني الحزب مواقف سياسية فعالة في نصرة الطبقة العاملة ونتيجة لذلك عمل على تأسيس (الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل) النقابة العمالية التي أراد الحزب من خلالها إيصال صوته إلى البرلمان والمؤسسة الملكية من خلال مساندته للنقابة وتجلى ذلك في قيامها بالإضرابات عامي 1979 و1981.
6. جسدت سياسة الحزب في موقفه من القضايا القومية , فكانت مساندته لمنظمة التحرير الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين من أهم المواقف التي أكد عليها الحزب في مؤتمراته كافة طيلة مدة الدراسة من اجل دعم القضية الفلسطينية فضلاً عن قضية لبنان والعراق في الثمانينات .
7. أكد الحزب بتجربته إن الرقابة البرلمانية على الأداء الحكومي كانت محدودة وغير فعالة نوعاً ما نتيجة للمحددات الدستورية المفروضة على عمل البرلمان في هذا المجال ، بحيث لم يشهد تاريخ البرلمان في المغرب طيلة خمس تجارب برلمانية سوى محاولتين لاستعمال ملتمس الرقابة (طلب طرح الثقة بالحكومة )لم تؤديا إلى إسقاط الحكومة لكنها أحدثت أثراً لدى الرأي العام .
8. كان نشاط الحزب وتوجهاته تأكيداً فعليا على مبادئه الديمقراطية التي دعا إليها منذ تأسيسه فالمتتبع لمساره ونشاطاته ومواقفه منذ عام 1975 وحتى عام 1996 يجده حزباً معارضاً بصلابة لتعزيز نهجه بتكريس الممارسة الديمقراطية وتأكيد ارتباطه بالجماهير المغربية وتمسكه بالمصلحة الوطنية للشعب وحريته من جهة وضمان وحدة المغرب الترابية من جهة أخرى , ناهيك عن مواقفه الايجابية حيال القضايا العربية في التاريخ الحديث والمعاصر .
9. تبلور الاتجاهات السياسية للحزب بشكل كبير نحو المطالبة بالإصلاح السياسي والدستوري وقد مثل عقد التسعينيات من القرن العشرين مرحلة مهمة في تأكيد دور حزب الاتحاد الاشتراكي في المطالبة بالإصلاح والتغيير , وقد تمثل ذلك بقبول الملك الحسن الثاني باقتراحات الكتلة الديمقراطية التي أدت إلى إدخال قدر من التغير الايجابي لصالح العملية الديمقراطية من خلال تقوية سلطة البرلمان لمواجهة الحكومة.