يتابع الرأي العام الوطني بغير قليل من الغضب والقلق، محاولات حثيثة، من جهات خارجية، في تكييف الرأي العام الوطني، عبر تقديم «مقترحات» عن الأحزاب التي يجب أن تفوز بالانتخابات، أو عبر ميلها إلى تقديم وصفات التقدم الديموقراطي من خلال ترجيح سيرة تيار بعينه داخل المجتمع، أو عبر إعلان خياراتها ومرشحيها ،»بالتصويت« عن بعد، وبإعلان الأفضلية المتوخاة..
وإن الرد على هذا التدخل السافر في الشؤون الداخلية للبلاد، يستوجب أن نذكر بمستوجبات الفعل السياسي الوطني:
1 – لا يمكن ، بأي منطق ممكن، أو بأي مبرر، أن نفصل السيادة الشعبية، كما تجسدها العمليات الانتخابية عن السيادة الوطنية…، كما أن استقلالية القرار الوطني، هي إحدى أرقى لحظات القرار الديموقراطي ممثلا في الاقتراع.
2 – إن الذي وقف لحماية القرار الشعبي، والدفع بأولويته في تحديد المسؤوليات، وربطها بالمحاسبة السياسية العلنية، هو الشعب المغربي وقواه الحية، وهو الضامن الحقيقي لاستمرار الروح الديموقراطية والأهداف التي من أجلها دفعت جماهير شعبنا الثمن غاليا ..
-3 إن لكل بلاد أولوياتها وتاريخها المؤسساتي، وهويتها وكيانها الوطني، وكرامتها التي ترفض أن تكون محمية لأي بلد آخر، مهما كانت المسوغات التي تريد أن تنزع من الشعب الفكرة الديموقراطية وتغيرها وتزورها باسم أولويات استراتيجية أو أخرى عالمية.
وفي هذه الجدلية، يبدو أن بعض القوى تعتبر الشعب المغربي وقواه الحية، قاصرين عن تقدير الموقف ودرجة النمو الديموقراطي الذي تقتضيه ظروف البلاد وشرط انطلاقتها الديموقراطية، كما أن هذا النوع من التقسيم السياسي للعمل داخل الشعوب التي تصارع من أجل حظها من الحداثة الديموقراطية، هو بديل جديد للنزعة الكولونيالية المتعالية التي تنظر إلى شعوب العالم ككيانات في حاجة إلى دروس في الديموقراطية، وفي الحضارة، وفي التاريخ.
وما تغفله هذه القوى، هو أن الشعوب الحرة، وفي طليعتها الشعب المغربي ، تعتبر هذا التدخل موقفا يستوجب الرد الحازم ، بل تذهب إلى أبعدَ من ذلك، فترى في مقاومته، واجبا وطنيا، كما كانت مقاومة العمالة في زمن الاستعمار التقليدي واجبا وطنيا وروحيا وحضاريا …