خلال ولايتها التي انطلقت في يناير 2012 وتنتهي قبيل نهاية السنة الجارية، عينت الحكومة إلى حدود اليوم 690 مسؤولا في المناصب العليا التي أشار إليها الفصلان 49 و92 من الدستور، وصدر بشأنها قانون تنظيمي في الأشهر الأولى بعد تنصيب عبد الاله بنكيران وحكومته.وهو القانون الذي أطلق عليه حينها ما للملك للملك، وما لبنكيران ….
المتأمل في هذه التعيينات التي تمت المصادقة عليها في مجالس الحكومة، يلاحظ من الناحية الكمية، أنها شملت ثلثي التعيينات (418) مناصب المدراء. و86 تعيينا في الجامعات، و26 تتعلق بالكتاب العامين على العموم في الوزارات…
لكن وراء هذه الصورة الكمية تكمن حقائق عدة أبرزها :
أولا؛ إن حكومة بنكيران لم تعتمد معيار الكفاءة لتضع المسؤول المناسب في المنصب المناسب إلا في حالات قليلة . لقد هيمنت العلاقات الحزبية وتصفية الحسابات مع مسؤولين سابقين في مسارات هذه التعيينات، وسادت اللاشفافية في المساطر المعتمدة .
ثانيا؛ أضعف هذا المنطق الإدارة المغربية من جهة، لأن أغلب من أنيطت بهم المسؤولية ليسوا، جديرين بها خبرة وكفاءة وعلاقات… ومن جهة ثانية، زرعت هذه التعيينات شحنات توتر بالإدارة، وبالتالي أحدثت شرخا في الانسجام داخل النسيج الإداري للقطاعات المعنية.
ثالثا؛ هناك هيمنة مطلقة للعدالة والتنمية في هذه التعيينات، إذ استفادت الوزارات التي يحمل حقائبها حزب بنكيران من النسبة المطلقة من إسناد المسؤوليات الجديدة مثل قطاعات التعليم العالي والنقل والتجهيز …
رابعا؛ تم تهميش النساء في التعيينات . إذ لم تتجاوز النسبة 12 بالمئة. وهو رقم لايعكس –البتّة- المكانة العددية والنوعية للمرأة في الإدارة.
واتضح أن هذه الحكومة منذ تعيينها وتعديلها، ترى بعين الدونية للنساء ولمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص. لقد قدمت العشرات من النساء ترشيحهن للعديد من المناصب، لكن ملفاتهن وضعت جانبا تحت سطوة العقلية الذكورية التي يدعي بعض أطرافها مناصرته لقضايا المرأة.
أخفقت الحكومة في جعل القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا آلية لتطوير الإدارة ولإعمال تلك المبادئ التي وردت في الدستور . وجعلت من هذا القانون فرصة لتلوين المفاصل الأساسية في المؤسسات والمقاولات العمومية بلون العدالة والتنمية، وبالتالي جعل هذا الحزب الإدارة في خدمة تنظيمه بدل أن يدير الشأن العام بمنطق الكفاءة والمصلحة العامة وتطوير العمل الإداري، وزرع بوادر لااستقرارها،وفي ذلك خطورة على المستقبل.