يتضمن الدستور المغربي الجديد، عدة قضايا، تحظى بأولوية بالغة، وكانت تحتاج إلى التعجيل بها، غير أن الحكومة، في ظل رئاسة عبد الإله بنكيران، وضعت على رأس هذه الأولويات، موضوع التعيين في المناصب العليا، حيث كان هو أول قانون تنظيمي، تعمل الحكومة على استصداره، و كأن المعضلة التي كان ينبغي أن تحظى بالأولوية في المغرب، هي مشكلة هذه التعيينات.

وتجدر الإشارة إلى أن دستور 2011، يؤكد على ضرورة توفر شروط تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والشفافية، في اختيار الذين يتولون المسؤولية ككتاب عامين لوزارات،ومديري الإدارات المركزية بالإدارات العمومية،ورؤساء الجامعات والعمداء،ومديري المدارس والمؤسسات العليا.

وقدعززالدستور بذلك صلاحيات الحكومة في مجال التعيين في المناصب العليا، حيث أصبحت تشمل 1181 منصبا عوض 17 منصبا في السابق، غير أن الرياح جرت بما لا تشتهي سفن الإصلاح، حيث أدار الحزب الذي يترأس الحكومة الدفة نحوتوجه آخر غير الإصلاح والشفافية و تكافؤ الفرص، وهو ما يفسر التعجيل بإصدار القانون التنظيمي المتعلق بهذه التعيينات.

فقد أصبح هذا الموضوع مطروحا، تقريبا، في كل اجتماعات مجلس الحكومة، كما لو كان الأمر يتعلق بإرادة إحداث انقلاب شامل داخل هياكل الدولة، وكما لو كانت الحاجة الملحة لحسن سير الإدارة والمرافق العامة، مرهونة بهذه التعيينات الجديدة.
فهل احترمت فيها المعايير الواردة في الدستور؟

تشير كل المعلومات، التي رافقت هذه التعيينات، أن الأمر لم يكن سوى عملية توزيع للمناصب على الزبناء والأتباع والمقربين، في الكثير من الحالات، وأن نَص وروح الدستور، قد تم تحريفه، عن غاياته النبيلة، من ضرورة توفير الشفافية والحكامةالجيدة، واحترام المساواة بين المواطنات والمواطنين، طبقا لمعايير تكافؤ الفرص.

لقد تحول الأمر إلى عملية واضحة، للهيمنة على وزارات ومؤسسات عمومية وغيرها من مرافق الدولة، بتنصيب الأتباع والمقربين، حيث لم ينفع القانون التنظيمي والمرسوم التطبيقي، في تفعيل مبادئ المساواة والشفافية، لأن المسطرة ظلت دائما خاضعة للحكومة، ورئيسها، يتحكمون فيها، كيفما أرادوا.

صحيح أن مسألة التعيينات كانت تحتاج إلى إصلاح، غير أن ما حصل في ظل تجربة حكومَتيْ، عبد الإله بنكيران، يحتاج بدوره إلى الإصلاح والمراجعة، حتى تتوفر شروط تكافؤ الفرص فعليا، وليس بين الأتباع.

*الثلاثاء 9 غشت 2016.

بالفصيح

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…