في الوقت الذي تسعى فيه بعض القوى إلى توجيه أنظار الرأي العام، عبر تسريبات وترويج إشاعات وتضخيم أخبار وبث فيديوهات تتلصص على حياة الناس ومأكلهم ومشربهم، في قضايا لا علاقة لها بمستقبل الوطن وبحياة المواطن، يكاد يمر التقرير السنوي لبنك المغرب، مرور الكرام، رغم أنه يتضمن أهم ما ينبغي أن يهتم به كل من له غيرة على مستقبل البلاد، خاصة من طرف أولئك الذين يدعون أنهم أكثر الناس حرصا على مصالح الضعفاء.
يؤكد هذا التقرير أن المغرب في حاجة إلى “إعادة النظر في نموذجه التنموي، وفي أسلوب إعداد وتنفيذ سياساته العمومية”، مسجلا أن بلادنا “تتوفر على بنيات تحتية مؤسساتية واقتصادية واجتماعية مهمة”، ليست وليدة اليوم، بل هي نتاج عمل حكومات سابقة، خاصة منذ حكومة التناوب، وهذا ما أهل بلادنا، يقول التقرير، “لتحقيق تسارع ملحوظ في النمو وطفرة نوعية في مجال التنمية البشرية”.
ما حصل في السنوات الأخيرة، حسب ما جاء في تقرير أهم وأكبر مؤسسة مالية عمومية، هو أن وتيرة هذا التقدم تأخرت وتباطأت بسبب سياسة حكومة عبد الإله بنكيران، “حيث تراجع نمو الأنشطة غير الفلاحية وضعفت قدرة الاقتصاد على خلق فرص الشغل”.
هذه خلاصات تقرير بنك المغرب، وليست كلام المعارضة أو التماسيح والعفاريت، حيث يتساءل”حول مدى استطاعة النموذج التنموي الحالي مواصلة الاستجابة لحاجيات المواطنين وتطلعاتهم”، معتبرا أن التباطؤ شمل أيضا إصلاحات هيكلية في منظومة التربية والتكوين، وفي تنزيل مقتضيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة.
ما هي الاقتراحات التي يقدمها التقرير؟
التوجه نحو اعتماد التخطيط الاستراتيجي، ووضع الرهانات الاستراتيجية فوق الاعتبارات السياسية والفئوية، لضمان ظروف عيش أفضل للمواطنين وفتح آفاق واعدة للشباب.
وبلغة أخرى، هذا ما تفتقده التجربة الحكومية الحالية، باستثناء الاعتبارات السياسية والفئوية، التي أبدع فيها الحزب الذي يقودها، حيث لم يتمكن من خلع جِلْبابه الإيديولوجي، وظل منشغلا باستراتيجية أخرى، لا علاقة لها بمسؤوليته في إدارة الشأن العام، من أهم أسلحتها سلاح “البروباغندا”، الذي يسوغ لنفسه استعمال كل الأساليب مهما بلغت درجة انحطاطها الأخلاقي، لذلك لن نستغرب إذا وجدنا يوما والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، ضحية لهذا النوع من السلوك، اللهم إلا إذا لم يجدوا لذلك سبيلا.