لقد وضع الخطاب الملكي، بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لعيد العرش، النقاط على الحروف في عدة قضايا رئيسية في الحياة السياسية المغربية، من بينها قضية ذات أهمية بالغة، تتعلق بمضمون العملية الانتخابية، حيث ركز على أن «المواطن هو الأهم في العملية الانتخابية وليس الأحزاب والمرشحين»، كما وجه نداء لكل الناخبين ، «بضرورة تحكيم ضمائرهم ، واستحضار مصلحة الوطن والمواطنين، خلال عملية التصويت، بعيدا عن أي اعتبارات، كيفما كان نوعها».
الدعوة صريحة لاعتماد منهجية في الاختيار، تبتعد عن التخندق السياسي/ الإيديولوجي، الذي تسعى إليه أطراف سياسية الآن، تريد أن تصور العملية الانتخابية، كاختيارلا يهدف للتصويت من أجل تشكيل أغلبية معينة، قد تنجح في تكوين حكومة، لممارسة صلاحياتها، بل وكأن الأمر يتعلق بالتصويت في إطار شخصنة الاختيار على «زعيم» متخيل وحزب أغلبي.
الاستحقاقات المقبلة، تشريعية، وليست رئاسية، فالدستور المغربي، رسم ملامح الدولة، التي يرأسها الملك، ونمط الاقتراع، يلزم الأحزاب باتفاقات لتشكيل حكومة، وليس في هذه الهندسة مكان لحزب أغلبي.
بل أكثر من ذلك، فإن الناخب سيكون أمام حصيلة لحكومة، تتشكل من أغلبية برلمانية، من المفترض أنها متضامنة، ستحاسب على حصيلتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، و في كل مناحي صلاحياتها، وسيكون على المواطن استحضار ما تم تحقيقه وما تم الإخفاق فيه.
حاليا يجتهد الحزب الذي يترأس الأغلبية، لتحريف النقاش حول الحصيلة، بافتعال صراع مع «أشباح»، من أجل التهرب من المحاسبة، حول نتائج التدبير الحكومي لفترة خمس سنوات، هذا هو ما يهم المواطنين، وهو ما ينبغي أن يتركز حوله الجدل، فالمغرب يستعد لانتخابات تشريعية، لتشكيل مجلس نواب جديد، لا أقل ولا أكثر.
فأحزاب الأغلبية، مطالبة بالدفاع عن حصيلة عملها خلال ممارستها للسلطة، في حين يجب على أحزاب المعارضة، تقديم النقد البناء، واقتراح البدائل المعقولة، في إطار تنافس مسؤول من أجل إيجاد حلول ملموسة ، للقضايا والمشاكل الحقيقية للمواطنين.