لابد من تفكيك الآلية التي تصل بشخص إلى ارتكاب مجازر جماعية، وقتل العشرات من الناس، بالسلاح الناري أو بالمتفجرات، أوبذبح الإنسان، وغيرها من وسائل وأساليب الوحشية والهمجية، التي يرتكبها متطرفون دينيون.
كيف يبرر هؤلاء الجرائم التي يقترفونها، بنشوة بالغة، وهم مستعدون للموت، بنشوة بالغة أيضا؟
من الممكن أن نعتبر أن هناك عوامل شخصية ونفسية، تفسر، نسبيا، إقدامهم على مثل هذه الأفعال، غير أن ما يجمع بينهم هو انتماءهم لنفس الإيديولوجيا الدينية، التي توفر لهم المرجعية الأخلاقية لقتل الأبرياء.
ولا تختلف هذه الإيديولوجيا الدينية، بين معتدل ومتشدد، فهي تعتمد على تأويل النصوص بنفس المنهجية ونفس المراجع، وترفض أي نقد لها، وتقف موقف المتشدد من كل الدعوات التي تطالب بالمراجعة الجذرية للتراث الديني، بل أكثر من ذلك، يتقاسم المعتدل والمتشدد نفس المنظور للعالم وللآخر، دينيا وسياسيا وثقافيا.
ما الذي يختلف فيه المعتدل والمتشدد إذن؟ يختلفان في الأسلوب، فقط. المعتدل يدعو لنفس الفكر، دون اللجوء للقتل، والمتشدد يلجأ للإرهاب، وهما أخوان في الكلمة، يفصل بينهما خيط رفيع، حيث يمكن المرور من ضفة إلى أخرى بسهولة، وهذا ما حصل في كل التجارب، حيث لم يولد أي شخص إرهابي، من بطن أمه، بل تدرج من الفكر للفعل.
فالفكر هو الأصل، لأن صيرورة صناعة الإرهابيين، تبدأ من الكلمة، خاصة إذا كانت مباشرة، مثل تلك التي تناقلتها الشبكات الاجتماعية، بخصوص ما عبر عنه أعضاء من حزب العدالة والتنمية، الأول دعا إلى «قتل وقطع رؤوس معارضي» حزبه، و»تعليقها في ساحات عمومية لإرهاب الآخرين»، والآخر طالب «بشنق» من اعتبرهم انقلابيين «بأمعاء آخر اتحادي».
ما الفرق بين الإرهاب والدعوة له، الجواب موجود في القانون، الذي لا يطبق، لأن هناك خيطا رفيعا بين المعتدل والمتشدد.
*الخميس 28 يوليوز 2016.