يأتي نداء اتحاد كتاب المغرب اليوم للأحزاب السياسية الوطنية، في شأن حثها على الاهتمام بالبعد الثقافي في برامجها السياسية، وبلادنا تستعد لخوض الاستحقاقات الانتخابية التشريعية المقبلة، وذلك من منطلق الأدوار الطلائعية التي تلعبها الثقافة، على المستوى التأطيري والتعبوي والتنويري للمجتمع، موازاة مع ما يطالها من تهميش وقلة الاهتمام بها، من لدن الهيئات السياسية الوطنية.
لقد اضطلع الفعل الثقافي بدور كبير ومؤثر في إسناد المشهد السياسي المغربي وتقويته، خلال حقب تاريخية ونضاليه سابقة، كما أسهم في ترسيخ قيم وتقاليد ثقافية، سياسية ومدنية، كانت سببا مباشرا في مواجهة الاستعمار ونشدان الاستقلال، وفي الارتقاء بالمجتمع المغربي، ثقافيا وسياسيا واجتماعيا، حيث كانت الثقافة بمكوناتها المختلفة تتصل بالمناخ السياسي الوطني، وكان الصوت السياسي يتجاوب كليا مع الصوت الثقافي، ويشاركه أسئلته وآفاقه، واقعا وحلما، الأمر الذي جعل التكامل بين القطبين السياسي والثقافي يثبت فاعليته في بناء المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي بعد الاستقلال، و بالصورة التي تحقق للعمل الثقافي استقلاله وخصوصيته، وتجعل الاشتغال به يتحقق وفق الأسئلة الخاصة بالمجال الثقافي المنشود، بالرغم من تراكم مجموعة من المثبطات والإكراهات التي ظلت تقف عائقا في وجه هذا الارتباط منذ ردح من الزمن.
يستشرف اتحاد كتاب المغرب نهوض شأن ثقافي متميز، وتنمية مجتمع مغربي مواطن، يستوعب المتغيرات والمستجدات الوطنية والقطرية والعالمية، ويمتلك الأدوات الكافية على صعيد الوعي أو الممارسة للتفكير والتواصل، تؤهله للتعبير عن الطاقات الإبداعية والمبتكرة للمواطن المغربي تعبيرا لائقا، ينسجم مع آفاق البناء والتأهيل.
لقد عرف المغرب تطورا دستوريا جديدا، وهو الحدث السياسي الهام الذي تمكن من تجاوز بعض الفراغات الحقوقية والقانونية والمدنية والثقافية، والتي كان المواطن المغربي يتطلع إلى ملئها، فكان هذا الدستور بمثابة إعلان جديد عن قيام مجتمع مؤسساتي مدني، يعتني بالأولويات التي تساهم في تأصيل هويتنا المغربية، والتي لا يمكن تحقيقها إلا بالانفتاح على البعد الثقافي والاهتمام به، مع حث المؤسسات السياسية الوطنية على تبني كل بنود الدستور المرتبطة بهذه الأولويات وتنزيلها وتفعيلها.
إن الظروف الحالية الصعبة التي تمر بها بلادنا، تتطلب إيلاء الثقافة الأولوية المتوخاة، ومطالبة الأحزاب السياسية الوطنية بتعميق اهتمامها بالمسألة الثقافية في برامجها السياسية المستقبلية، تماشيا مع ما تشهده بلادنا من تحول وتطور في المجال الثقافي، في مكوناته وتراكمه وأسمائه وتعبيراته ولغاته المتنوعة.
وتأسيسا على ذلك، يدعو اتحاد كتاب المغرب جميع الأحزاب السياسية الوطنية إلى جعل الثقافة ضمن أولوياتها، وعدم وضعها في سلم متدن من انشغالاتها وبرامجها، على اعتبار أن الورش الثقافي يشكل المدخل الرئيس لأي نقاش سياسي راق، مبتعد عن الظرفية والمنفعية، وعن الصراعات الحزبية والشخصية الضيقة، وعن التهافت على برامج انتخابية لا تستدرك أخطاء النسيان لما هو أعمق وأهم، من قبيل البعد الثقافي.
كما يطالب الاتحاد المؤسسات السياسية الوطنية المعنية، بضرورة إقرار تمثيلية حقيقية للمثقفين وللكتاب المغاربة في البرلمان، بغرفتيه، أسوة بنظرائهم، ممن حظوا بحق هذه التمثيلية، لما يمثله ذلك من حضور للصوت الثقافي في البرلمان، على مستوى ترسيخ القيم الثقافية والجمالية، والدفاع عن الحق في الثقافة والمعرفة والفن، عبر المساهمة في النقاش التشريعي ذي الصلة، والدفاع عن الشأن الثقافي والنهوض به ببلادنا، بدل تركه بدون تمثيلية وبلا صوت وبلا ميزانية في المستوى، تسند مشاريعه وبرامجه.
هذا، وسيشكل هذا المطلب موضوع مذكرة، سيقوم اتحاد كتاب المغرب برفعها إلى مختلف الجهات المعنية، من مؤسسات دستورية وحزبية وقطاعات حكومية، وغيرها.
المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب