تعيش بلادنا على تبعات أمل مرتفع من وراء الاستراتيجية الوطنية للاستثمارات، وهو أمل مشروع، إذا قدرنا من زاوية الانتظارات
المحلية ، المعلقة على هذه الاستراتيجية في خلق الثروة، ومناصب الشغل، كأحد أصناف توزيعها لضمان عدالة اقتسامها.
ولا شك أن الفاعلين الاقتصاديين وخبراء العمليات الاستثمارية والمالية، انتبهوا إلى العديد من عناصر التقييم الملموس للاستراتيجية المعلنة.
ومن ذلك، انتقاد المندوبية السامية للتخطيط لرهان الحكومة الحالية على استقطاب الاستثمار الصناعي الأجنبي، الباحث عن مجالات جغرافية جديدة، لإعادة التوطين، بعد فقدان الامتيازات، التي كان يتمتع بها في مجالاته التقليدية، كما هو الشأن بالنسبة للصناعات الصينية، التي أصبحت تعاني من ارتفاع الأجور في الصين. ودعت المندوبية إلى المعادلة التالية: « علينا أن نقارن بين ما نعطي من امتيازات لهذه الاستثمارات الأجنبية وما نجني منها من حيث نقاطُ النمو والتشغيل». ودعت إلى ضرورة وضع سياسة استقطاب الاستثمارات الخارجية في سياق دبلوماسية مبنية على التعاون الدولي، والبحث عن التكافؤ، والتعادل بين الدول، وأن لا تكون إعادة توطين الصناعات مجرد انتقال من مجال جغرافي إلى آخر، وإنما يكون لها وقع وأثر على الخدمات والبنيات الاقتصادية والاجتماعية وأوضاع السكان.رافق ذلك تركيز الدعوة، مجددا، على ضرورة العودة إلى الاستثمار المباشر للدولة في القطاع الصناعي، بدل الاكتفاء بالاستثمار في البنيات التحتية.إذ لا معنى للاستثمار في البنيات التحتية، ما لم يكن ذلك امتدادا للنسيج.
غير أن الفاعلين، مهما كان مجال تدخلهم، لا يمكنهم أن يغفلوا الشرط السياسي للاستثمارات، وأهم ما فيها ثقة الفاعل والمستثمر الأجنبي في الدولة التي تحتضن استثماراته.
ولنا أن نسأل: هل تساعد الحكومة نفسها في استراتيجية الاستثمار؟
هل الحكومة، بهذا المعنى عنصر مساعد عليه؟
إن الشرط السياسي، الذي وضعتنا فيه الممارسة السياسية للحكومة، والحديث من أعلى هرمها عن »دولتين في الدولة: واحدة رسمية وأخرى مجهولة«، هو من النوع الذي ينسف كل المناخ المساعد على الثقة في البلاد. وبذلك، فإن الحكومة أهم عائق أمام نفسها، عندما تنسف المجهودات الوطنية في المجال وتحول الشرط السياسي إلى نقطة ضعف.
إن السؤال الأول والمركزي، لأي مستثمر وطني كان أو أجنبي هو الاستقرار، والثقة فيه. وعندما تغذي الحكومة الخوف من غياب الشرط إياه ، فإنها لا تساعد البلاد على تقوية جاذبيتها.