كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، تشير إلى أن حكومة عبد الإله بنكيران، توجهت، خلال مدة ولايتها، نحو التضحية بحقوق الشغيلة، والإجهاز على المكتسبات التي حققتها، وإثقال كاهل الجماهير الشعبية، بتكاليف الأزمة. وكان من المفترض أن تشكل النقابات الدرع الواقي، للشغيلة، تجاه تحالف الرجعية والرأسمالية المتوحشة، لحماية الطبقة العاملة، بمختلف فئاتها وقطاعاتها، من تجبر هذا التحالف، غير أن ما كان لم يكن في الحسبان.

لقد حصل ارتباك- إن لم نستعمل مصطلحا أكثر قسوة، لا يمكن للتاريخ أن ينساه-في ملف التقاعد، من طرف بعض المركزيات النقابية، أثناء التصويت على المشروع الحكومي، في الوقت الذي كانت الشغيلة تنتظر منها الوفاء للمواقف التي طالما عبرت عنها، تجاه هذا الملف.

قبل كل هذا، ظهر في الساحة، أن هناك نوعا من التراجع للعمل النقابي، وفتورا في القدرة على التعبئة، وبدَل أن يحصل مزيد من التجميع والتوحيد، في فصائل الحركة النقابية، دفع البعض نحو مزيد من التشرذم، لأسباب سياسية وأخرى ذاتية، لكنها في نهاية المطاف، لم تعمل إلا على إضعاف القُوى النقابية، وتسهيل مهمة التحالف الرجعي-الرأسمالي، الذي يتغول ضد مصالح الفئات الشعبية.

من المؤكد أن الداء، ليس وليد اليوم، لكن ألم يحن الوقت بعدُ لإعادة النظر في «الأعراف» النقابية، التي تطورت، على الخصوص، منذ حكومة التناوب، حيث أصبح التنظيم النقابي، يتحكم في التيار الحزبي، في عملية مماثلة، لما حصل منذ ستينيات القرن الماضي؟

أصبح الإشكال يتجاوز بعض التناقضات الحزبية والذاتية، لأنه يتعلق بمصير فئات شعبية وطبقة من الشغيلة، لا تجد من يحميها، سوى أحزاب الصف الديمقراطي، لكن يراد لها أن تظل مبتورة أو ضعيفة الامتداد النقابي، حتى لا تؤثر في الساحة الاجتماعية، من خلال ذراع الشغيلة والطبقة العاملة.

المسؤولية الجماعية، لهذه الأحزاب، وللمركزيات النقابية تستدعي، إعادة النظر في النموذج الحالي، الذي أثبت محدودية قدرته على التعبئة والتأطير، وارتباكه في مواجهة القضايا الكبرى على الصعيد الاجتماعي، بل أيضا على الصعيد السياسي، لأنه عندما تحصل قطيعة أو خلل في العلاقة بين الأحزاب الديمقراطية والحركة النقابية، تزدهر الرجعية والرأسمالية المتوحشة، وتضيع حقوق ومكتسبات الشعب.

*بالفصيح

    الاربعاء 20 يوليوز 2016.

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…