تتابعت الأحداث ليلة 15 يوليوز 2016 بتركيا ، وبسرعة فاقت التوقع ، تم الإعلان عن التحكم في الوضع ، و أوردوغان كانت له الأسبقية في حسم البداية و النهاية ، و التي تختلف كثيرا عن المسلسلات التركية . هو كانت له سلطة التصريح عبر موقعه الاجتماعي ليدعو الشعب – شعبه- للخروج و احتلال الشوارع و المواقع ضدا على العسكر الذي خرج … و العسكر خرج بدون قيادات … و البعض تذكر ثورة الضباط الأحرار في مصر الخمسينات … و المحللون تاهوا بين آن الأحداث و تدبير “الما بعد ” .. و الدول العظمى ترددت كثيرا في إعلان الموقف … و ارتعدت فرائص الإخوان المسلمين مرة أخرى – عبر العالم – ، وما كل مرة تسلم الجرة …
… وتم تقييم سياسة العدالة و التنمية – في تركيا و غيرها – ، وكان من قال أن أردوغان صار حكيما ، وأن تركيا في أوج عهدها … و قال الآخرون أن سياسته الخارجية بلغت دروة الانتهازية ، من دعم داعش و قتل سوريا إلى الصلح مع إسرائيل …
أوردوغان دعا شعبه للخروج ضد عسكره عبر الويب ، و الأنترنيت كانت مع أوردوغان وحده .
…أوردوغان اتهم القضاة ، و شيء من العسكر، و الداعية – رفيقه – فتح الله غولن بالوقوف وراء الانقلاب من أمريكا ..
…ليلتها ، الديمقراطية أضحت ترتجل كلاما و موقفا عبر و سائل الإعلام الدولية ..و إعادة التعريف بها صار مقالا ، و مقام مقالات عبر الصحافة … و تاهت الحقيقة – بين العسكر و الإخوان و الشعب و أردوغان .
لسنا مع الانقلاب على الشرعية و الديمقراطية مبدئيا . وقد نعترف بخبث الانقلابيين . لكن ، نعترف بخبث سياسة أوردوغان . وتركيا و العالم تعنيه كل الحكاية . ونحن أمام دروس يحكمها اللبس و الالتباس ، و الأمر ليس بالجديد على الحكام و الانقلابيين …
بالأمس تهنا بين الانقلاب و الثورة و الشرعية ، في مصر و غيرها .. و التاريخ صار يكتب بمجاز الأحداث و سر التأويل …
فماذا وقع ليلتها في تركيا ؟
و من انقلب على من ؟ :
العسكر الثوري على العسكر الكبير بجنرالاته ؟
العسكر الصغير على حكومة أردوغان ؟
أردوغان على عسكره ، و على معارضته ،و على ما تبقى من العلمانية و الحداثة ؟
القضاة على أرردوغان ؟
أردوغان على العالم ؟
…
مؤشرات عدة تربك حسابات المحللين ، و خصوصا الذين يحبون اليقين .
فما وقع في تركيا ليلتها يستفز و يستنفر كل الاحتمالات ، في شكله ،و جوهره ، و توقيته ، و سرعة حسمه . ولكل محلل ما نوى ، ولكل حليف ما نوى ، ولكل معارض ما نوى …
ولنا أن ننتظر شطحات سياسية أخرى لأردوغان و حزب العدالة و التنمية ومسانديه ، كي نرى اليقين المحتجب في تركيا .
*الاحد 17 يوليوز 2016.