أهدى الإرهاب للعالميْن العربي والإسلامي هدايا العيد . وضعها في شاحنات، أو حملها أعضاء منه على ظهورهم، كي يقدموها مباشرة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك . أهدى الإرهاب للمسلمين برك دم، وأشلاء متطايرة، وجثثا متناثرة، وأجسادا متفحمة . مئات الأرواح أزهقها الإرهاب باسم الإسلام، وهي تؤدي أحد أركان هذا الدين وفرائضه : الصيام.

اختار الإرهاب مدنا، منها المدينة المنورة، التي يوجد بها قبر الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . واختار الاستعداد لعيد الفطر. غدر بأناس عزّل باسم الإسلام . قتلهم باسم الإسلام . فجر أجسادهم باسم الإسلام . وباسم هذا الدين، دين الرحمة، يتّم أطفالا ورمّل نساء، وأعْطب أجسادا وروّع سكانا …

يرسِّخ هذا الإرهاب -يوما بعد يوم- لدى جزء واسع من الرأي العام العالمي، بأن الإسلام كأمة، تحترف القتل، وتتعطش للدماء، وترفض الحياة، وتهوى الموت . في أعين هذا الرأي العام، أن كل منطقة من مناطق العالم اليوم، غير آمنة من تفجير أو ذبح أو إطلاق نار من طرف «ذئب متفرد» تنفس الحقد ضد الحياة أو أشخاص شبعوا ظلامية حتى التخمة …

هذا الإرهاب، الذي ندينه بشدة، ونرفضه بإطلاق، لن يتوقف عند هدايا العيد . فالتفجيرات التي شهدتها الكرادة العراقية، ومطار اسطنبول التركية، ودكا البنغلاديشية، والمدينة السعودية …هي امتداد، سيتمدد دون شك . فقبلها كانت باريس وبروكسيل والقاهرة و… ومنذ سنوات، ها هي سوريا وليبيا واليمن والعراق، تعيش على إيقاع القتل الجماعي للإنسان والمجال …باسم الإسلام .

هناك أربع نقط، لابد من الإشارة إليها، ونحن نتناول هذا الموضوع :
أولا ؛ ساعد فكر ظلامي، يقرأ الإسلام بتحجر، وينزع عنه كل صفات الإنسانية، في تغذية هذا الإرهاب. فكر تبنته أنظمة، ورعته، ووفرت له، بنيات، ودعمته من آبار النفط، وسعت إلى نشره بدول عديدة .
ثانيا ؛ هناك اليوم دول تضخ أموالا، وأسلحة، بالقواعد الخلفية لهذا الإرهاب، في إطار صراعات إقليمية، وأجندات عالمية. وترى أن استمرار الاقتتال بأكثر من دولة، يخدم مصالحها، ويحمي أنظمتها .
ثالثا ؛ هناك إشاعة للفكر، الذي يستند إليه هذا الإرهاب، من خلال قنوات فضائية، يطل منها أشخاص يحاربون القيم الإنسانية، والمقاصد الشرعية للإسلام، وينشرون بدلها مسوخا وصورا جاء الإسلام للقطع معها . وان لهذا الفكر امتدادا في الشارع العربي والإسلامي، من خلال كتب، لا تعرف من الإسلام إلا عذاب القبر وأهواله …
رابعا ؛ ان هذا الفكر، فكر الإرهاب، يتجه للمحبطين من الشباب، المتخبطين في مشاكل الحياة، الذين يعيشون لحظات ضعف فكري ومادي ، يستقطبهم ويصنع منهم قنابل متفجرة، يلف أجسادهم
بأحزمة ناسفة، ويرسلهم إلى حيث يشاء، كي يحولوا الحياة موتا، والإسلام دين غدر وقتل وسفك للدماء .
إنه فكر ينتج مجرمين قتلة، أول وأبرز ضحاياهم، الإسلامُ الذي هو منهم براء.

*رسالة الاتحاد

     الاربعاء 7يوليوز 2016.

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…