انطلقت –أمس- الحملة الانتخابية في الجسم القضائي ببلادنا، من أجل اختيارنصف أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، المؤسسة الدستورية التي جاءت كبديل للمجلس الأعلى للقضاء . ويتوزع هؤلاء العشرة على المحاكم الابتدائية ( عشرة أعضاء، ضمنهم امرأتان) والاستئناف بأربعة أعضاء، (ضمنهم امرأة واحدة) ، فيما ستستكمل التشكيلة بعشرة آخرين، نصفهم يعينهم جلالة الملك الذي يرأس هذا المجلس، والخمسة المتبقون، سيتم تعيينهم بالصفة، من مؤسسات دستورية وقضائية حددها الفصل 115 من الدستور. وسيتم الاقتراع يوم 23 يوليوز الجاري بالنسبة للمكون المهني .

إنها أول انتخابات لهذا المجلس، الذي يعتبر أبرز وجه للقضاء الذي تحول إلى سلطة بمقتضى الدستور الجديد.
وبالنظر إلى الاختصاصات التي أسندها إليه الدستور والقانون التنظيمي المنظم له، فإن هناك رهانات كبرى، من أجل إقراره لاستقلالية حقيقية للسلطة القضائية، ونزاهة القضاة، وإصلاح متواصل مستمر لمنظومة العدالة . فالفصل 113 من الدستور، نص على أن المجلس يسهر على «تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، لاسيما فيما يخص استقلالهم، وتعيينهم، وترقيتهم، وتقاعدهم، وتأديبهم» ووضع تقارير حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة، وإصدار التوصيات الملائمة بشأنها وإبداء الرأي حول كل مسألة تتعلق بها. وقد عبر الفريق الاشتراكي أثناء مناقشة القانون التنظيمي، المتعلق بهذه المؤسسة، بمجلسي النواب والمستشارين على مواقفه النابعة -أساسا- من خلق كل الظروف المعنوية والمادية لاستقلال القضاء، وإقرار ضمانات للقضاة كي يمارسوا مهامهم بكل نزاهة وتجرد، وأن تتم ترجمة ما ورد في الباب السابع من الدستور بشأن السلطة القضائية في كل محطات إصلاح العدالة وضمنها القضاء.

إن هناك أعطابا عدة في الجسم القضائي، تعكسها العديد من أحكامه، ومن الفضائح التي تنفجر هنا وهناك، والمتمثلة في فساد قضاة واقفين، كانوا أم جالسين … وما القرارات التأديبية التي أصدرها المجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلا دليل على ذلك . وللمواطنين والمواطنات حكايات لا تحصى، بشأن العوائق التي تقف في وجه ولوجهم العدالة، من بينها أن الثقة في القضاء، ليست بالمستوى الذي يجعلهم –بالفعل- مرتاحين لقراراته .

وبنفس المستوى، ثمة عطب التدخل في القضاء، من أطراف ظاهرة ومستترة، تستغل نفوذها الإداري أو المالي، كي تمارس ضغوطا على القضاة وعلى الملفات المعروضة أمامهم .
وبنفس المستوى، هناك عطب استهداف بعض القضاة، من خلال إدراج أسمائهم في لوائح التأديب بتنقيلهم أو إعفائهم أو تجميد ترقياتهم…

لذلك، فالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، مطلوب منه أن يعطي لاستقلال القضاء وجهه الحقيقي، وأن يصون حقوق القضاة، وينصفهم، ويصدر قرارات الإنصاف أو التأديب بكل موضوعية ونزاهة ، وأن يضع الأصبع على مكامن الأعطاب، لمعالجتها . فالقضاء النزيه المستقل، هو المدخل الرئيسي والأساسي، لتطور المجتمعات، وتنميتها واستقرارها .إنه الحجر الأساس في بناء دولة الحق والقانون.

*رسالة الاتحاد

     الثلاثاء 5 يوليوز 2016.

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…