في الوقت الذي يدفع الحزب الحاكم والدائرين في فلكه أقلاما نعرف جيدا كيف طفت على السطح في الزمن السيئ لتعطينا الموعظة في شأن داخلي حزبي، سطر المؤتمر التاسع ملامحه الكبرى ، يتوجه المتربعون على مراكز القرار في الحكومة إلى الاستعمال الفعلي لكراسي الوزارة، خدمة لأجندة سياسية وإديولوجية ، بعدما فشلوا في الوفاء بالالتزامات التي وعدوا بها شعبا تواقا إلى التغيير من أجل مستقبل أفضل. فعوض الاشتغال على الأفق المنتظر، أغرقوا البلاد في ملفات، وقع مدادها على تراجع المغرب درجات ليست بالهينة إلى الوراء اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا.
ولم يعد هذا الاستعمال يتوخى الحذر، بل أصبح مهمة استعجالية مكشوفة تجتمع فيها اللجن في غير الموعد المخصص، من أجل تمرير الصفقات الاقتصادية بلغة حزبية وتحالفية، تتحرك فيها الهواتف والأوامر، بحجة هذا “ديالنا” “حنا باغيين نخلطوا بهم الأوراق، من أجل تبوء مراكز القرار في ولاية ثانية”.
وهي اللغة التي تستعمل الكرسي ضد مصالح من يعتقد الجالسون على كراسي الوزارة، أنهم ضدهم، وينبغي أن يتحملوا مسؤولية اختياراتهم في عدم القبول “بتسخان الكتاف” و في الانتماء السياسي، الذي أصبح محددا للانفراج الاقتصادي في مؤسسات دون أخرى، في مس خطير بحقوق الناس وبأرزاقهم مهما كانت درجاتها، وهو ما ينطبق على ما تداولته بعض الصحف الأسبوع الماضي، في الصفقة التي عقدت بين وزير النقل عزيز الرباح وأحد قيادي حزب معارض يدفع في اتجاه تحالف حزبه مع الحزب الحاكم ، وهي الصفقة التي يعمل فيها الرباح على ممارسة ضغط سياسي لانتزاع مكاسب تمثلت في تفويت مأذونية النقل العمومي لأحد أقارب القيادي في الحزب المعارض، عبر إجبار لجنة بوزارة بوليف ، التوقيع على هذا التفويت، بعدما سبق وأن رفضت هذه الأخيرة في وثائق رسمية، فعل ذلك بموجب قانون مسطري، يمنع التفويت خصوصا وأن المأذونية موضوع الخرق ، موقع عقد بخصوصها بين طرفي العقد إلى حدود 2020.
تدخل الرباح –حسب مصدر موثوق به-شخصيا لدى زميله في الحزب والحكومة، من أجل انتزاع الرخصة لصالح قريب القيادي المحسوب على المعارضة ، عربونا على رد الجميل كون هذا الأخير لعب دورا أساسيا واستراتيجيا في خدمة التقارب بين حزب الرباح والحزب المستهدف في لعبة تكرس للفساد الحقيقي الذي ادعت الحكومة في رئاستها محاربته .
وأضافت مصادرنا أن القيادي المذكور ظل مدافعا شرسا عن التقارب بين الحزبين موضوع الصفقة ، إلى حد خلق لوبيات داخلية تضغط في هذا التوجه، وهو ما شهدته الساحة السياسية من خلط حقيقي في الأوراق، سيعيدنا إلى نقط الصفر في خلق مشهد حزبي منسجم مع تطلعات المغرب المؤسساتي .
وتتلخص وقائع النازلة في أن السيدة ليلى الشاوي بصفتها مالكة لرخصتي النقل العمومي رقم 9383 و9384 ملف عدد 3953، أبرمت مع شركة النقل SATG عقدا عرفيا مصحح الإمضاء، يحدد شروط استغلال الشركة المذكورة للخط المرخص به بموجبهما، لفترة تمتد من 3-5-2013 إلى 3-5-2020، مقابل واجب شهري قدره 45.000,00 درهم.وتبعا لذلك، قامت الشركة بكل التدابير اللازمة، لتوفير الحافلات الضرورية لاستغلال الخط، ووضعها رهن إشارة المواطنين، بالإضافة إلى إعداد الوسائل اللوجستيكية المادية والبشرية لإنجاح المشروع.
كما قامت باستثمار ضخم، وما يتطلبه ذلك من الحصول على قروض بنكية مهمة، مقابل تقديم كفالات شخصية وعقارية.كما أصبحت في ذمتها التزامات ومصاريف وتكاليف باهظة تجاه المستخدمين، من سائقين ومعاونين وتقنيين، بالإضافة إلى التزامات جبائية.
والجدير بالذكر أنها، وهي بصدد توفير الظروف اللازمة لإنجاح المشروع، أخذت بعين الاعتبار المدة المتفق عليها في العقد، والتي تمتد إلى 3-5-2020.إلا أنه وبصفة فجائية، بلغ إلى علم الشركة المستغلة للرخصتين، تفويتهما لشركة النقل “الفراشة لاند”، وذلك بتاريخ 30-9-2013، أي بعد تاريخ عقد الاستغلال بأربعة أشهر فقط.
ومعلوم أن هذا العقد، نص –صراحة- على منع أي تفويت أو تنازل عن الرخصتين من طرف السيدة ليلى الشاوي، طيلة مدة العقد، وهو ما حدا بالشركة المستغلة إلى تقديم تعرضها على التفويت إلى الوزارة الوصية، التي أنهت إلى علم السيدة المذكورة توصلها بهذا التعرض، كما جاء في كتاب الوزارة المؤرخ في 18-12-2013 .رقم247 م.ن.ط.س.ط / ك.ل.ن.كما أن ذات الوزارة بعثت إلى نفس صاحبة الرخصتين، بكتاب تحت رقم54 م.ن.ط.س.ط / ك.ل.ن بتاريخ 12-5-2014، تخبرها فيه بأن:
لجنة النقل لا تصادق على تحويل ملكية رخصة للنقل العمومي للمسافرين، إلا إذا كانت عقود التفويت مبرمة بين الشخص المرخص له والمقاولة المستغلة للرخصة، وذلك حفاظا على حقوق المقاولة المستثمرة في القطاع، والمرتبطة بمجموعة من الالتزامات المادية والاجتماعية.علما بأنه يمكن تفويت الرخصة لشخص آخر في حالة ما إذا أعربت المقاولة المستغلة للرخصة بواسطة كتاب موقع توقيعا مصادقا عليه، عن عدم اعتراضها على هذا التفويت،إلا أن الشركة المستغلة للرخصتين، فوجئت مؤخرا بموافقة الوزارة الوصية على رفع شرط منع التفويت، رغم أن ذلك يناقض ويخالف ما جاء في كتابها المؤرخ في 12-5-2014.ورغم أن الشركة المستغلة تتعرض على التفويت، ولم يسبق لها أن رفعت تعرضها، وقد سبق للسيدة الشاوي ليلى أن تقدمت لدى الوزارة الوصية، بطلب مؤرخ في 24-1-2014، تخبرها فيه بتراجعها عن الطلب الذي سبق أن بعثت به إلى الوزارة بتاريخ 30-9-2013، الرامي إلى رفع شرط عدم التفويت الذي يهم الرخصتين، كما ضمنته التزامها بالتعامل مع الشركة المستغلة SATG.
والغريب أن ليلى الشاوي تتساءل اليوم ، كيف وتحت أي ظرف وافقت الوزارة الوصية على تفويت الرخصتين لشركة النقل “ الفراشة لاند”، رغم أنها ليست هي المستغلة، ورغم عدم موافقة الشركة المستغلة شركة SATGعلى التفويت، وهو ما يخالف ويتناقض مع ما سبق أن أوردته الوزارة في كتابها المؤرخ في 12-5-2014 المشار إليه أعلاه.
وقالت مصادرنا إنه أمام هذا الخرق الكبير للقوانين والمساطر المعمول بها، فإن الشركة المستغلة سلكت المساطر القانونية اللازمة للحفاظ على حقوقها تجاه الوزارة الوصية للأسباب السالفة الذكر، وتجاه السيدة ليلى الشاوي التي أخلّت ببنود العقد الرابط بين الطرفين ، وتجاه شركة “الفراشة لاند” التي تعمدت الإشارة في عقد التفويت، إلى أن الشركة المستغلة آنذاك هي شركة “أسفار سوس”، وهو ما يخالف الوثائق المودعة لدى الوزارة الوصية، والمفروض الاطلاع عليها قبل الإقدام على إبرام العقد، وكذا تجاه السيدة الموثقة التي أوردت في العقد الذي حررته، اسم شركة وهمية بصفتها هي المستغلة، رغم أن ذلك يخالف الحقيقة التي يمكن التأكد منها بمراجعة الوثائق المودعة لدى الوزارة الوصية.