خيل لأجير القيادة الجزائرية الجديد خطري أدوه على رأس جبهة البوليساريو الانفصالية انه ليس في مستوى مخاطبة الأمم المتحدة فحسب، وانما أيضاً في مستوى تحديد برنامج عمل مفصل للمنتظم الدولي، بخصوص قضية الصحراء المغربية والنزاع الاقليمي المفتعل حولها، بدءا بكيفية تطبيق قرار مجلس الامن الدولي حول المينورسو ومكونها السياسي، مرورا بالتنطع لتحديد اين تبدأ سيادة المملكة المغربية على أراضيها وأين تنتهي، وصولا الى تعيين طبيعة ومستوى وفد المغرب في اي مفاوضات محتملة حول هذا النزاع الذي ترعاه الجزائر وتسخر له وكلاءها على شاكلة هذا العميل القديم الجديد في المنصب.
وإذا كان طبيعيا ان يتحمس أجير القيادة الجزائرية للدخول في ثوبه الجديد المنسوج من قماش مهتريء ولم تنته عملية ترقيعه بعد، فإن ما لا ينبغي إغفاله، هو ان الأجير الجديد قد توجه برسالته الى الأمين العام الأمم المتحدة اعتقادا منه ان بان كي مون هو صاحب الحل والعقد، بالنسبة لقضية الصحراء المغربية، متذكرا، ربما، تصريحاته غير المسبوقة واللامسؤولة بخصوص وضع أقاليم المغرب الجنوبية وطبيعة تواجده فيها. غير ان الحقيقة الغائبة عن أجير القيادة الجزائرية ان بان كي مون ليس بيده أي ورقة من أوراق هذا النزاع، وان أقصى ما يمكنه عمله هو استجداء دعم معنوي، على مستوى ما، لدى القوى الدولية العظمى التي عليه اتباع توجيهاتها واملاءاتها في كل حركاته وسكناته المرتبطة بالقضايا الاقليمية والدولية التي تتولى الامم المتحدة الإشراف عليها او بحث تطوراتها والمساعدة على إيجاد حلول لها، والتي غالبا ما يتم العمل على تعقيدها اكثر فأكثر.
ويمكن اعتبار رسالة الأجير الجزائري الى بان كي مون، على هذا المستوى، اقل بكثير من صرخة عاجز في واد سحيق، بل يصدق عليها قوله تعالى” ضعف الطالب والمطلوب” من كل الوجوه وكيفما كان تفسير المفسر او تأويله.
فالواقع يؤكد ان مياها كثيرة جرت تحت جسر هذا النزاع الاقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية لا سيما بعد تصريحات بان كي مون الاستفزازية وموقف الدولة المغربية من القمة الى القاعدة الوطنية من انحراف الامين العام، وما تلا ذلك من طرد المكون المدني او السياسي لبعثة المينورسو من المغرب.
وهذا يعني ان التفاوض حول مهام تلك البعثة او عودتها ينبغي ان يأخذ بعين الاعتبار دلالات الموقف المغربي السياسية والسيادية، وليس كما توهم أجير القيادة الجزائرية ان عودتها تستدعي الاضطلاع بالمهام التي أنيطت بها خلال عهد مضىى، كما لو ان الموقف المغربي منها ليس من العوامل الجوهرية التي ينبغي اخذها بعين الاعتبار، في كل اشكال التفاوض بين المغرب والأمانة العامة للامم المتحدة، لتجاوز أزمة افتعلها بان كي مون، دون ادراك لتبعاتها، على افتراض صدق النوايا، وعن عمد وتخطيط من قوى ما لاختبار الموقف المغربي كما هو مرجح.
ومهما كانت النتيجة النهائية للمفاوضات المغربية مع الامانة العامة للامم المتحدة حول مسألة المينورسو ومكونها السياسي، فلن يغيب عن ادراك أي كان بعد موقف المغرب الصارم منها ان المملكة ليست من الصنف البلدان الذي يقبل بمحاولات جس نبض تصميمها وصرامتها وقوتها عندما يتعلق الأمر بقضايا السيادة الوطنية والوحدة الترابية.