تستغرب بعض الكتابات الصحافية والتعليقات الواردة في الشبكات الاجتماعية، تورط العديد من قيادات وأعضاء حزب العدالة والتنمية، في فضائح متعددة، تتعلق باستغلال النفوذ، وتبديد المال العام، والزبونية والمحسوبية، والتدخل لصالح الذرية والأقرباء، وتعيينات مشبوهة في مناصب، دون احترام المساطر والأعراف المعمول بها، مع آخرين…
ومبرر استغراب البعض، أن هذا الحزب، أسس خطابه على دعوات أخلاقية، بمُسحة دينية، وقام بحملته الانتخابية تحت شعار: «محاربة الفساد»، حتى كاد بعض الناس يصدقون ذلك.
غير أنه كلما مرت الشهور والسنوات على تولي هذا الحزب للمسؤولية في رئاسة الحكومة، وفي العديد من الوزارات والمؤسسات العمومية والمجالس المنتخبة، كلما اكتشف الرأي العام خروقات وممارسات مشبوهة، منها ما تحول إلى فضائح، تورط فيها أعضاء هذا الحزب على مختلف مستوياتهم.
مثار استغراب البعض، خاصة المتعاطفين مع هذا الحزب، متأثرين بخطابه الديني وشعاراته الأخلاقية، أن أغلبهم، كان يعتقد أن محاربة الفساد والمحسوبية، مجردُ إعلان للنوايا، من طرف جهة تبشر الناس بالخلاص، في إطار دعايتها الانتخابية.
والحقيقة، كما هي معروفة في كل التجارب، أن العديد من الأنظمة المطلقة والاستبدادية، أسست إيديولوجيتها السياسية، على الخطاب الأخلاقي، بمبررات شعبوية أو دينية، غير أن الواقع كذبها، في الممارسة اليومية، حيث تأكد للشعوب أنها كانت ضحية خدعة كبرى، وأن الحكام الذين كانوا –بالأمس- يحملون لواء الطهارة، سرعان ما انكشفت حقيقتهم، وسقطت أقنعتهم، رغم استعمالهم الكثيف لكل وسائل الإعلام والتواصل والدعاية، لتبرير سلوكهم والتستر على فضائحهم.
التجارب الناجحة بالعالم، في محاربة الزبونة والمحسوبية والفساد، هي التي بنيت على القوانين الواضحة والدقيقة، وعلى المساطر الصارمة، وعلى أنظمة الشفافية، وهو ما افتقدته حكومة عبد الإله بنكيران، رغم أن النص الدستوري واضح، ويحتوي على العديد من المبادئ التي مازالت تنتظر التفعيل، لمواجهة الفساد، بتشريعات وإجراءات فعلية.
الصدمة التي عبر عنها المتعاطفون مع حزب العدالة والتنمية، لا تقف عند ضعف التشريعات ومساطر الشفافية، بل تجاوزوا هذا التشخيص، ليتساءلوا كيف يمكن لمن كان ومازال يدعي الطهرانية، أن يتحول في أقل من خمس سنوات، إلى موضوع للاحتجاج اليومي، بسبب ممارسة الزبونية واستغلال النفوذ.