حضرت الملكية بقوة، في اللقاء الذي نظمته شبيبة العدالة والتنمية، مساء السبت الأخير ببوزنيقة، خاصة في التصريحات التي صدرت عن رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الذي قال، حسب ما تناقلته الصحافة، إن نجاح حزبه في الانتخابات التشريعية المقبلة، «في مصلحة الدولة الرسمية التي يرأسها الملك محمد السادس»، وأضاف، «إما نجاح حقيقي، وإلا فالكل سيؤدي نتائجه وعواقبه»٠
لا يحتاج هذا الكلام إلى ذكاء خاص لتفسير مغزاه، فهو من جهة، يربط نجاح الملكية بنجاح حزب العدالة والتنمية في تصدر نتائج الانتخابات، لتشكيل حكومة تحت مظلته، ويهدد الملكية، من جهة أخرى، إذا لم يحصل على الرتبة الأولى. فماذا يطلب بنكيران من الملكية؟ هل يطلب منها التدخل في الاستحقاقات المقبلة، وبأي كيفية؟
من المعلوم أن الذي يشرف على الانتخابات هي الحكومة، بعد أن رفضت الاقتراح الاتحادي / الاستقلالي بتشكيل هيئة وطنية مستقلة، للإشراف على العمليات الانتخابية، وأسندت كل الأمور لوزارتي العدل والداخلية، فالمسؤول الأول والأخير عن الانتخابات هي الحكومة، تنظيميا وقانونيا، ولا دخل للمؤسسة الملكية فيها.
كل المسلسل الانتخابي تشرف عليه الحكومة، المسؤولة أمام الشعب عن نزاهتها، وليس أي جهة أخرى، لذلك فتهديدات بنكيران، تهدف أمورا أخرى، يعلمها، منذ أن تفاعلت «الظروف التاريخية»، في تشريعيات سنة 2011، من أجل دفع حزبه دفعا، لتصدر نتائجها، وهي التجربة التي يتوق إلى تكرارها، في الانتخابات التشريعية المقبلة.
غير أن السياقات تختلف اليوم، فالمشرف على الانتخابات بعد سنة 2011، هي حكومة بنكيران، وأي تزوير حصل لصالح حزبه أو أي حزب آخر، فهي المسؤولة عنه، قانونيا وتنظيميا، وليست المؤسسة الملكية، اللهم إلا إذا كان حزب العدالة والتنمية، يطلب صمتها وتواطؤها على ما بدأ يحضره من مجزرة للديموقراطية، بدأها برفض كل مقترحات أحزاب المعارضة حول تنظيف اللوائح الانتخابية وإعادة النظر في تقطيع الدوائر الإنتخابية، على ضوء التغييرات التي طرأت على حجم الساكنة، وتوفير شروط حياد المشرفين على مكاتب التصويت، ومواجهة استعمال المال وتوزيع المساعدات «الإحسانية» لشراء الأصوات واستغلال فضاءات العبادة…
مايريده حزب العدالة والتنمية، بكل وضوح، هو أن يواصل التحضير، كما يريد، لإعادة إنتاج مذبحة الانتخابات الجماعية والجهوية، لرابع شتنبر 2015، ومن بينها الضغط لقبول تسجيل مئات الآلاف من الناخبين إلكترونيا، من طرف تنظيماته، بدل التسجيل الطوعي، والاستمرار في ارتكاب كل الخروقات والانتهاكات التي عرفتها هذه الاستحقاقات، وابتزاز الدولة لتكرار نشوة التصدي «للربيع العربي»، التي يتبجح بها بنكيران، وصحبه.
هذه هي الرسالة التي بعثها في «غزوة» بوزنيقة، والتي وضعت فيها الملكية، محل مساومة انتخابية.