صادقت المؤسسة التشريعية بالإجماع على مشروع قانون الصحافة والنشر، بعد نقاش عميق لمضامينه ومقتضياته، من أجل أن يتلاءم هذا النص مع التطورات التي يعرفها حقل الصحافة والإعلام عموما، ومع ما يشهده المجتمع من تحولات … وأبرز الفريق الاشتراكي بالبرلمان، في مقترحاته ومداخلاته، ضرورة أن يتأسس المشروع على مبدأ الحرية، ونبل الممارسة الصحفية، وحماية الصحفيين ….

لقد مر قانون الصحافة، منذ إقراره سنة 1958 بمحطات كبرى، كان أبرزها استهدافه من طرف السلطات، خاصة في سنة 1973 . وجعلت منه وزارة الداخلية مرتعا لها، تؤول كما تشاء، وتنتهك بنوده، كما يحلو لها . تخنق من خلاله، حرية التعبير وإبداء الرأي، وتغلق به صحفا ومجلات. ومن الصدف، صدف التاريخ، أن المصادقة على مشروع القانون هذا الأسبوع، جاءت في ذكرى منع أحد أبرز الجرائد الوطنية : المحرر في 20 يونيو 1981 لا لشيء، سوى لأنها كانت تؤدي مهمتها الإعلامية، في نقل وقائع نضالات الطبقة العاملة، وتقديم تطورات معركتها آنذاك، من خلال الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى الرأي العام.

ومن أبرز المحطات، التي توقف عندها قانون 1958 كذلك، ما شهده من تعديلات كبرى إيجابية في عهد حكومة التناوب. وهي محطة فتحت آفاقا واسعة، من أجل أن يتم ضخ المزيد من نفس الحرية في مفاصل أي تعديلات مرتقبة. وبالفعل، كان النقاش العام، الذي واكب صيغة 2007 التي اقترحت آنذاك، ومناظرات «الإعلام والمجتمع»، التي انطلقت من داخل البرلمان، وساهمت فيها كل الأطراف، بناءً، حدد خرائط المطالب وتضاريس الأفق .

وفي صلب النقاش، كانت أولويات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، صيانةُ الحرية من أي انتهاك، وتحصينُ الممارسة الصحفية من كل استغلال، ووضعُ حد للعبارات الفضفاضة، التي تتسلل منها السلطات إدارية كانت أو حتى قضائية، للاستبداد بسلطتها التقديرية.

وهنا نذكر مرة أخرى، أن صحافة الاتحاد، وعبر تاريخها، كانت الضحية الأولى لقرارات الحجز والمنع والرقابة والمحاكمات … وأن إصرار هذه الصحافة على أداء رسالتها بكل التزام، زج بصحفييها في السجون، وعرض مسؤوليها إلى مضايقات من أكثر من جهة، بل إلى الاغتيال، كما هو الشأن بالنسبة لشهيد الصحافة الاتحادية عمر بنجلون.

إن المصادقة بالإجماع، على مشروع الصحافة والنشر، يجب صيانته من كل تناور ومحاولات الالتفاف عليه تقوم بها الحكومة، ومن كل إجهاض للمبادئ، التي سعت القُوى الديمقراطية إلى تكريسها فيه . وهنا نشير إلى ماجاءت به هذه الحكومة من تعديلات بالقانون الجنائي، تتعلق بالنشر، وهي تعديلات تعد بمثابة تتفيه للمكتسبات المتمثلة في إلغاء العقوبات السالبة للحرية من مشروع الإجماع.

*رسالة الاتحاد

      الجمعة 24 يونيو 2016.

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…