مازالت الحكومة صامتة تُجاه المطالب التي تقدمت بها أحزاب المعارضة بخصوص إصلاح القوانين الانتخابية، رغم أن التجارب التي عشناها في الاستحقاقات الأخيرة، أكدت أننا أمام منظومة تحتاج إلى مراجعة شاملة، سواء ما يتعلق باللوائح الانتخابية أو بتقطيع الدوائر أو بكيفية إدارة الانتخابات، في التنظيم والمراقبة وأوضاع مكاتب التصويت والسهر على نزاهة العمليات الانتخابية، ناهيك عن محاربة الغش الذي يمارس بمختلف الأشكال.
ويبدو، مع مرور الوقت، أن التوجه الحكومي، هو إبقاء الوضع كما هو حاليا، خاصة وأن المستفيد الأكبر منه هو حزب العدالة والتنمية، الذي يتزعم الحكومة، ولذلك لا يريد أي تغيير في هذه المنظومة، رغم أن التحولات الديمغرافية والسكانية تفرض تغيير التقطيع ليلائم الواقع، ورغم أن النمط الحالي هجين، فلا هو بالفردي الذي يدعو الناخبين إلى التصويت على شخص محدد، ولا هو باللائحة الحقيقية، التي تتشكل من فريق متكامل، حيث لاتتجاوز اللوائح، في القانون الحالي، أربعة مرشحين.
بالإضافة إلى كل هذا، فإن الفساد الذي طال اللوائح الانتخابية، تضاعفت تفاعلاته، باللجوء المكثف إلى تجييش ميليشات تقوم بدور أعوان الإدارة، لتسجيل الناخبين، بطرق مشبوهة لا تهدف إلى تكثيف المشاركة، بل تكوين شبكات انتخابية، مما يعني أن الانتخابات التشريعية المقبلة، لن تختلف عن المشهد الدرامي الذي عاشه المغاربة في الانتخابات الجماعية والجهوية، لرابع شتنبر من السنة الماضية، والتي خرج منها الكل يشكو من الغش والتدليس.
مسؤولية الحكومة، وخاصة الحزب الذي يتزعمها، أنْ تقدم للمواطنين أجوبة عن الوضع القاتم الذي أدى بالمجلس الدستوري، إلى إلغاء خمسة عشر مقعدا في مجلس المستشارين، من بينهم مستشارون من حزب العدالة والتنمية، وأن تعالج الخلل الكبير الذي أفرز هذا الوضع، الذي ليس إلا نتاجا للمسلسل الانتخابي الطويل والمعقد، الذي انطلق متأخرا، بارتجال وسرعة لا متناهية،من ما ي إلى أكتوبر 2015.
الآن، لم يبق للانتخابات التشريعية القادمة، سوى أسابيع، ستعلن فيها الحكومة، عن القوانين الانتخابية، الجديدة/القديمة، لإعادة إنتاج مسلسل سياسي، لن يكون أفضل من مسلسل 2015، لأن الإصلاحات الضرورية لم تتخذ، في محاولة لإبقاء نفس الخريطة السياسية الحالية، التي لا تعكس حقيقة تمثيلية الأحزاب، لأن المسلسل مغشوش من أصله.