اليوم تحل ذكرى 20 يونيو 1981. وشمت في الذاكرة العمالية والشعبية واحدة من أكثر الصفحات سوداوية في تاريخ المغرب السياسي، وأسست في المقابل، لوعي واستيعاب متقدم للحظة التاريخية، وانتظاراتها ومتطلباتها ورهاناتها، أملتها لا محالة، حتمية المرحلة وضرورتها التاريخية في مواجهة المخططات الحكومية وقتئذ، بما أعملته من قرارات لا شعبية زادت من رفع منسوب الضغط والغضب العمالي، والسخط الشعبي، مست في جوهرها، القدرة الشرائية لأصحاب الدخل المحدود والمتوسط، والتي كانت بناء على مؤشرات اللحظة، قد دخلت مرحلة “تدني خطيرة” باتت تداعياتها تنذر بحدوث انهيار اجتماعي في حال لم تتراجع الدولة عن قراراتها. ولم تتراجع.
القيادة التنفيذية للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التي لم يندمل جرح مواجهتها مع الدولة بعد تنفيذها لإضراب وطني في قطاعي التعليم والصحة العموميين يومي 10 و11 أبريل 1979، بما ترتب عنه من إجراءات قمعية توزعت بين الطرد الجماعي، والتوقيف، والمتابعة القضائية، في حق المضربين، كانت تدرك جيدا أن قرارها القاضي بتنفيذ إضراب عام وطني إنذاري لمدة 24 ساعة يوم 20 يونيو 1981، أن كلفته السياسية والاجتماعية ستكون ثقيلة. إلا أنها مع ذلك، أبقت على كوة ضوء حتى لا نقول خيط أمل، في اتخاذ الدولة مسافة من حركة الإضراب العام، وهو الأمر الذي ظلت حظوظه مستبعدة بل يمكن القول أنها لم تكن واردة لدى قيادة الكونفدرالية، وحليفها السياسي آنذاك، حزب الاتحاد الاشتراكي، بفعل سيادة القمع الشامل والممنهج للحريات العامة، والمحاربة العلنية للعمل النقابي، والانخراط في صفوف الكونفدرالية، وإفسادٍ منتظم للعملية الانتخابية. الدولة، حينها على خلاف كل التقديرات والحسابات السياسية، آثرت ركوب موجة العنف القاتل والدامي، وحولت العاصمة الاقتصادية للبلاد، الدارالبيضاء، يوم 20 يونيو 1981، إلى مدينة شبح، بعد تدخل الجيش منتصف النهار، مخلفا وراءه مئات القتلى والجرحى في مختلف الأحياء والمناطق التي عرفت مظاهرات احتجاجية صاخبة، واعتقال الآلاف من ضحايا الغضب الشعبي والعمالي، ومحاكمتهم، وفي مقدمتهم الكاتب العام للمركزية العمالية نوبير الأموي.
نعم، تخلد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، اليوم، الاثنين 20 يونيو 2016، ذكرى معركة الكرامة، الذي لم يتردد ادريس البصري، وزير الداخلية، في وصف شهدائها، حينها، بلغة مخزنية عميقة، تقطع في مضمونها مع كل القيم الانسانية، وإن كانت لا تحيد في سياقها، عن تبعات الحرب الباردة، بـ”شهداء كوميرا”، فإنها، تجد اليوم نفسها، كما من قبل، وتحت قيادة زعيمها التاريخي، نوبير الأموي، على خط مواجهة مشتعلة ومفتوحة، غير محسوبة بدورها، العواقب والنتائج مع حكومة ابن كيران، أملتها كما تقول بيانات التنسيق النقابي وبلاغاته، سياسة رئيس الحكومة، الرافض صراحة، وعن “سبق إصرار وترصد” لأي حوار اجتماعي ممأسس ومنتج.