حتى نفهم مغزى الاجتماع الرمضاني الذي تم بين قيادتي منظمة العدل والإحسان وجمعية التوحيد والإصلاح، من المفيد اسحضار بعض المفاهيم الرائجة لدى التنظيمات الماركسية، التي تصنف تناقضاتها مع مختلف الأطراف إلى رئيسية وثانوية، حيث تعتبر أن هناك عدوا رئيسيا يشكل التناقض الأول والكبير والحاسم، وهناك التناقضات الثانوية، التي من الممكن تجاوزها في مواجهة العدو المشترك،أي التناقض الأول، الذي ينبغي أن تتوحد الجهود لمحاربته.
ما بين العدل والإحسان من خلافات مع التوحيد والأصلاح يمكن أن نسميها تناقضات ثانوية، فهي مجرد إختلافات تاكتيكية، حول منهجية تحقيق الهدف المشترك، فالأول يرى أن المشاركة في اللعبة السياسية، لا تجدي في عملية التغيير الجذري، الذي ينبغي أن يتخذ شكل «القومة»، أي الفعل الثوري، الشبيه بالنموذج الإيراني، من أجل بناء الدولة الدينية، والثاني يعتبر أن تحقيق هذا الهدف يمر عبر المشاركة في الحكم، كخطوة تاتكتيكية، بهدف تحقيق نفس الحلم الإستراتيجي.
العدل والإحسان، منظمة سياسية، بامتياز، لكنها تشتغل في الحقل الديني، أساسا، حيث تستقطب أنصارها باسم الدعوة، لتعبئتهم وتجنيدهم في عملها السياسي، بينما تنهج حركة التوحيد والإصلاح سبيلا آخر، مغايرا، حيث شكلت إلى جانب تنظيمات دعوية أخرى، حزبا سياسيا، إسمه العدالة والتنمية، ينفذ الخطة المتفق عليها، أي إقامة الدولة الدينية، لكن بدون قطيعة عنيفة، بل بالتدرج والتمكن.
لا يمكن أن ننكر الخلاف بين العدل والأحسان والتوحيد والإصلاح، لكنه ثانوي وتاكتيكي، حيث كان أمين عام حزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، بمجرد ظهور نتائج إنتخابات 2011، دعا العدل والإحسان إلى العمل من داخل المؤسسات، مذكرا بأن لحزبه نفس «المرجعية الإسلامية»، مع هذا التنظيم الدعوي/السياسي. وهذا كلام صحيح، تمت ترجمته في أرض الواقع، من خلال تصويت أنصار العدل والإحسان على مرشحي العدالة والتنمية في عدة إستحقاقات.
فالتنظيمان يقتسمان نفس المرجعية ونفس الأهداف الإستراتيجية، ولخدمة هذا المنطلق، إرتدت قيادة التوحيد والإصلاح اللباس التقليدي، للقيام بزيارة لقيادة العدل ىالإحسان، من أجل التحضير للإنتخابات التشريعية المقبلة، بحثا عن أصوات أنصار « التنظيم الثوري»، الذي إختار طريقا آخر لتحقيق أهدافه.
وستكشف الأيام المقبلة عن جدوى الفطور الأخوي/الرمضاني، في إقناع قيادة العدل و الإحسان بنظرية التناقض الرئيسي والثانوي، أم أن هذا التنظيم سيعتبر أن خريطة التناقضات قد تغيرت، في ضوء قيادة العدالة والتنمية، لإحدى أسوء التجارب الحكومية، التي ضاعفت الظلم والقهر السياسي والإجتماعي.