صدق البنك الدولي حين قال في أخر تقرير له إن المغرب لم يستفد كثيرا من تراجع أسعار النفط في السوق العالمي ليوظفه في دفع عجلة النمو، التي لا يبدو أنها ستتحرك هذا العام سوى بواقع 1.6 في المائة، لتكون أضعف نسبة نمو خلال 30 عاما الأخيرة .

ما يؤكد هذا الطرح ، هو ما ورد أمس في أخر إحصائيات أوردها مكتب الصرف برسم شهر ماي الأخير ، حيث تبين أن تراجع أسعار النفط في السوق الدولي، ساعد في انخفاض الفاتورة الطاقية للبلاد ب 9 ملايير درهم ، إذ تراجعت هذه الأخيرة من 28.9 مليار درهم في ماي 2015 إلى 19.9 مليار درهم في أواخر الشهر الماضي. غير أن ماربحه الميزان التجاري للمملكة من تراجع في الفاتورة الطاقية ، ضيعه في المقابل على استيراد المواد الاستهلاكية المصنعة التي قفزت فاتورتها ب 4.6 مليار درهم بعدما ناهزت 33 مليار درهم في 2016 عوض 28.2 مليار درهم في ماي 2015 .

وفي الوقت الذي لجأت فيه الحكومة إلى دعم ارباب الطاكسيات لاستبدال عرباتهم كما دعمت مصنعي السيارات ومزوديهم بالاعفاءات الجبائية والبنيات التحتية، نجد في المقابل أن السوق الداخلي مازال يفضل السيارات الأجنبية كما أن أرباب الطاكسيات يفضلون العلامات الأجنبية على نظيرتها المصنعة في المغرب ، وبسبب ذلك كلف استيراد السيارات الأجنبية خلال الشهور الخمسة الأولى من هذا العام فاتورة تناهز 6 ملايير درهم عوض 3.9 مليار درهم في ماي من العام الماضي ونفس الشأن بالنسبة لواردات أجزاء السيارات وقطع الغيار التي كلفت فاتورتها 2.4 مليار درهم.
نفس المنطق تعمل به الحكومة نفسها ، عندما تفضل الادارة التابعة لها الماركات الاجنبية!

فما جدوى أن تدعم الحكومة تجديد حضيرة السيارات إذا لم يكن هذا الدعم مشروطا بشراء المنتوج المصنع محليا ، للحفاظ على مناصب الشغل و تشجيع الصناعة المحلية ، أما أن تدعم الدولة شراء السيارات الأجنبية فإن ذلك ما يكرس الاختلالات الكبرى للميزان التجاري و يضعف قدرة السوق الداخلي على امتصاص المنتوج الصناعي للبلاد .

إن تحدي تحقيق نسب مهمة للنمو الإقتصادي تتجاوز ال5 في المائة، لا يمكن رفعه إلا بصناعة وطنية قوية – ليس في السيارات فحسب بل في جميع القطاعات الصناعية – مدعمة بواسطة سوق داخلي يعطي الأولوية في الاستهلاك لعلامة «صنع في المغرب» ، أما إذا استمرت الحكومة في فتح الحدود أمام المنتوجات الصناعية الأجنبية لإغراق السوق الداخلي ، فإنها تحكم بذلك على الصناعات الوطنية بالانقراض..

*رسالة الاتحاد

       السبت 18 يونيو2016.

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…