مسألة المواطنة،هي في صدارة الاهتمامات، كقضية متشعبة ومتداخلة وربما ضيعنا المواطنة في بلدان اقامتنا والتي اصبحنا جزء منها بجرينا وراء السراب لاننا نعيش باجسادنا في بلدان وعقولنا في اخرى ولن يستقيم الامر الا بإجتماعهما لن يستطيع فرد مهما اوتي من قوة وذكاء ان يناضل من اجل مشروعين غير مجتمعين.
إن حاضرنا اليومي ومستقبل أجيالنا موجود في بلدان إقامتنا هذه البلدان التي هي في نفس الوقت بلدان إزدياد ونمو هاته الأجيال الصاعدة التي بالنسبة لها موطنها الأصلي وليس وطن أتت إليه. من واجبنا ان نكون حاضرين باجسادنا وعقولنا في بلدان اقامتنا مرتبطين بهمومها اليومية وانتظاراتها. لن تحل مشاكل السكن والبطالة والهدر المدرسي واستقطاب الشباب من طرف الجماعات الارهابية والاجرامية ومشاكل العنصرية والاسلاموفوبيا وصعود اليمين المتطرف في بلدان اوربية كثيرة ،الا بانخرطنا الكامل والتام في مشروع مجتمعي يدافع عن المساواة في الحقوق والتعددية والتنوع وفك العزلة عن الاحياء الهامشية التي نقطنها وتحصين ابناءنا من الوقوع في براثين التطرف والارهاب والمخدرات وهذا يتطلب منا الجهد الكبير من أجل بناء جسور الثقة والإحترام داخل المجتمع الذي أصبحنا جزء منه.
هذا المجتمع هو المستقبل لأبنائنا وهو المتنفس لهم من أجل المساهمة في بناء مجتمع متعدد الثقافات والحضارات مبني على الإحترام المتبادل والحب والسلام. إن الارتباط بالوطن الأصلي الذي سيصبح فيما بعد وطن الأجداد يمر عبر آليات متنوعة ومتعددة منها التمثيلية السياسية لكنها ليست الوحيدة حيث هناك آليات متنوعة لضمان تمثيليتنا الى جانب التمثيلية السياسية التي لا نلغيها لكن لا نعرف هل الاجيال الصاعدة مهتمة بهذه التمثيلية ام لا. لكن لا يجب ان نجعل منها الشجرة التي تخفي الغابة.
إن دستور 2011 يتحدث عن مشاركة مغاربة العالم في كل مجالس الحكامة والاستشارية والديمقراطية التشاركية. ألا تدخل هذه الامور في المشاركة السياسية بالمعنى الواسع للكلمة؟ هذا النوع من المشاركة لا يتطلب قوانين تنظيمية وإنما رغبة سياسية حقة تمكن مغاربة العالم من المشاركة.
إن الاحزاب السياسية المغربية هي المسؤولة عن عدم المشاركة حيث بالأمس ألغتها وكانت الفرصة في عهد حكومة التناوب برئاسة عبدالرحمن اليوسفي وعباس الفاسي وهي التي تريد عدم تفعيل فصول الدستور في عهد حكومة عبدالاله بنكيران.
لماذا لم يحرك المناضلين الحزبيين ساكنا عندما تم الإلغاء لم ينتقدوا حزبهم ولا وزرائهم(الشقروني وعامر) من بعد. لماذا لم ينتقد المناضلون الحزبيون الآن وهم من الاغلبية(العدالة والتنمية-الاحرار-التقدم والاشتراكية-الحركة الشعبية) هذه الحكومة المسؤولة دستوريا على تفعيل كل فصول دستور 2011. إن تشكيل لجنة من المنتمين للأحزاب المسؤولة عن الإلغاء والمتقاعسة عن التنفيذ أمر فيه كثير من السريالية وعدم الواقعية وملف مغاربة العالم يجب ان لايتم تسييسه.
أتمنى من كل قلبي توحيد الصفوف ورصها من اجل الدفاع عن حقوق مغاربة العالم لكن من قبل أدعوكم أولا للإنسحاب من الاحزاب التي تخلت عنا بالأمس والتي خذلتنا اليوم. مستقبل اجيالنا الصاعدة هدفنا حتى لاتنطبق عليهم قصة الغراب الذي أراد أن يتعلم مشية الحمامة فبقي لايعرف لا مشيته ولا التي للحمامة.
*جمال الدين ريان