يقول تعالى ..((..يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ..))سورة البقرة

اذا كان الصيام في هذا الشهر المميز الذي يعتبر مدرسة فكرية ونفسية مفتوحة – على المطبقين وغير المطبقين – واجبا على كل مسلم ومسلمة توفرت فيهم شروط التكليف والاستطاعة ..واذا كان  يفسر  ليفهم منه انه امتناع عن الطعام والشراب والجماع من بزوغ الفجر الى غروب الشمس  لمدة شهرالصيام  ..فهذا فيه تضييق لامر اوسع بكثير مما يفسره البعض …فما العمل في هذا الشهر وباقي اشهر السنة في القضايا والمبادئ والاوامر والواجبات المرتبطة بالعدل واحترام الناس والتعامل المتحضر والاخلاق الانسانية الرفيعة …والتي يظهر انها لايهتم بها ولا تبنى على اسس صلبة وقوية ومستدامة .. والدليل على ذلك هو ما يصرفه ويروج له  -في العديد من البلدان الاسلامية – الغلاة من الدعاة وبعض المؤسسات الرسمية وغير الرسمية من تشجيع للكراهية والحقد والارهاب واستباحة لاموال الناس واعراضهم و… في سعي حثيث للتحكم المطلق في الناس وكل امورهم والحجر  عليهم … ان العبادات يفترض فيها ان تنهى عن الفحشاء والمنكر  بجميع انواعه بمافيه تزوير وتمييع المشهد السياسي وتضييع الحقائق والظلم والاستعباد  ..

…فالقول اننا نصوم لنحس بالجوع  ونشارك الفقراء بؤسهم وشعورهم بالفاقة والعجز فذلك امر واضح ..لكن المسكوت عنه وهو  الاهم  اعترافنا التعسفي  العلني  بوعي او بدونه  بان كل عام يحل فيه رمضان و الفقراء يزدادون عددا و فقرا وازمة وتهميشا وتحقيرا …دون ان يحرك ذلك ضميرنا وعقلنا وروحنا ..

فقياسا الى نسبة ثراء البعض وظهور “طبقة ” -ان جاز  التصنييف – اغتنت واصبحت تنشر لوبياتها الخاصة للهيمنة على سوق المال والاعمال والتنكنولجيا والحقل الديني من الوعظ والارشاد الى الاحسان المفترى عليه الى تنظيم الزيارات للبقاع المقدسة الى …

ومقارنة مع تقدم دول ومجتمعات اخرى  تولي العناية الكبرى بشكل انساني مشبع بالايمان الكوني وعدالة النفس والعقل والتكافل والرعاية الاجتماعية للدولة والمنظمات المستقلة قولا وفعلا عن اي استغلال سياسوي تحت اي غطاء كان …حيث تتحمل الدولة مسؤولياتها الكاملة تجاه الشعب بتشغيله وتعويضه عن البطالة وضمان حقوقه الدستورية والانسانية دون رياء ولا سمعة ولا تبجح  ..ظاهره شيئ وباطنه اشياء ..سنجد انفسنا في واد وما يدعونا اليه الاسلام في واد اخر ولاحول ولا قوة الا بالله …

..ان الدعوة الى نصب “موائد الافطار ” والاطعام  في رمضان مع الاكثار من” الصدقات” التي يقوم بجمعها المتربصون بالمحسنين الصادقين الخيرين في استغلال لاموالهم ومساعداتهم العينية لاهداف ما أمرنا بها شرعا بما فيها في باقي اشهر السنة من تزويج “بعض “الفقراء او لتنظيم  بعض المآثم  ولبناء بعض المساجد او اعانة بعض الائمة …الخ .. اي بغاية التحكم في الفقراء لغايات ابشعها شراء اصواتهم الانتخابية  … قبيل كل استحقاق انتخابي و ابان الحملات الانتخابية  بل و”لتربص ” متعمد  يستغلون كل ايام السنة لاستقطاب ما امكنهم من”الناخبين” للالتجاء اليهم عند الحاجة لرد صنيعهم الذي كان يقدم على انه لوجه الله ؟؟..

 ان البعض من اصحاب الاحسان والاطعام المتسترين  وراء الدين هم والذين يقدمون خذماتهم بشكل علني مقابل الاصوات يعتبرون  وجهان لنفس العملة اي وجهان للفساد والافساد السياسي والانتخابي والفكري ..يتفقون على استغلال الفقر والخصاص والحاجة والعوز بكل انواعه وقلة ذاث اليد وضعف في الحيلة …فالفقراء في نظر البعض من هؤلاء ضروري استمرار وجودهم  حتى  يقال عنهم  و ينعثوا بانهم من المحسنين ..ومطية للتحكم في الفقراء و لدخول المؤسسات المنتخبة  ولادارة الحكومة  ؟؟

…ان حلول شهر رمضان المبارك  وحال الفقراء هي هي  ولعلها اكثر قهرا ومعاناة .. يدل على ان السياسات المتبعة لم تستوعب بعد الغرض من اسعاد الفقراء واغنائهم باخراجهم من دائرة الفقر وليس ترسيمهم فيه  الى ان تقوم ساعتهم  ….

ان البعض اول سلبا مسألة الاحسان والصدقات بجعلها فعليا تسعى للمحافظة على الفقراء وحمايتهم من الاندثار ولم لا استصدار قرار من اليونسكو لضمان بقائهم باعتبارهم ثرانا انسانيا لايتحقق الاسلام الا باستمرارهم حتى يجد “المتصدقون ” على من يتصدقون ليفوزوا هم وحدهم بالتمتع بخيرات الدنيا لحد الثخمة ويفوزوا بالجنة  ..وعلى ضعفاء الامة ان ينتظروا  الى ما بعد الموت ويوم الحساب ليتمتعوا  …

..ان فلسفة وروح الصيام هي  بالامتناع طوال اشهر السنة عن اكل اموال الناس ..وعدم المساس بحقوقهم المكتسبة  والامتناع عن الاساءات الكلامية والكتابية.. والابتعاد عن كل السياسات التي تزيد الناس فقرا بل وتفقر حتى من كان قادرا ومتغلبا على ضرورة العيش في حدودها المتوسطة  …

..ولنا ان نتساءل لماذا يحرص البعض من الفقهاء والعلماء والشيوخ على موضوع النية وكيفياتها في العبادات ومنها الصوم ..ويتغاضون عن النية  في كل القرارات التي يتخذونها والافعال التي يقدمون عليها … ونقصد هنا بالنية ما به يقوم الفهم السوي للدين ومتطلباته الانسانية الرائعة الرحيمة وما تعم به العدالة الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية ..

اننا نفتخر بهذا الشهر ونتباهى به وبفضائله امام الملل والمعتقدات الاخرى ونسهب في الشرح بان الاغنياء فيه والفقراء سواء في الاحساس بالجوع والعطش .. دون ان نتحدث عن كيف ياكل الفقير وكيف ياكل الغني فطورهما وعشاءهما وسحورهما؟؟  ..وكيف هي ظروف عيش وسكن ذاك والاخر ؟؟وكيف هي الحالة  طوال السنة بما فيها رمضان ؟؟…

اننا ونحن نفتخر بان ديننا رمز للتسامح وحرية المعتقد والعدل … نقدم للعالم كمجتمعات ودول مسلمة وكمذاهب وطوائف ابشع صور التطاحن والاقتتال والقتل والذبح والتفجير والضياع والجهل والارهاب الفكري  والتكفير والقمع والظلم ..في الوقت الذي يكون من ندعوهم للاسلام وللاستفاذة من دروس الصيام …يعملون ويجتهدون من اجل اصلاح اوضاع شعوبهم تعليميا واقتصاديا وانسانيا …فاصبحوا ملاذا وملجا  للافراد والمجموعات بالعشرات والالاف بل والملايين من عالمنا الاسلامي والذين يستقبلون  في بلدان تسمى “كافرة”  -حتى عند البعض من الهاربين من بطش من هم اكثر تشددا منهم من اهل ملتهم وبلدانهم  – …

فما احوجنا جميعا الى سياسة الحكام المصلحين والصلحاء الذين يسعون من اجل اسعاد شعوبهم فعلا وتحصينهم وتنمية قدراتهم ومؤهلاتهم حتى لايصبح عندنا من يستلم الصدقات …ولنا في عهد  عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز مثالين جميلين ..

فكل رمضان وكل اشهر السنة ومصير فقرائنا في مهب رياح السياسات  ..التي نسال الله ان تتغير وتصبح كما يتمنى الشعب ليعيش في عزة وكرامة بعيدا عن اي استغلال او حاجة الى التسول  من اجل الاكل والعلاج واللباس والتعلم و…

وعلى سبيل الاستئناس نختم بمقولة  لكونفوشيوس.. ” الفقر عار في بلد محكوم بشكل جيد، والثروة عار في بلد محكوم بشكل سيء. “

الخميس 9 يونيو 2016.

‫شاهد أيضًا‬

حياة الوطني المجاهد والزعيم بنسعيد آيت إيدر كلها وطنية ونضال وترافع  .. * مصطفى المتوكل الساحلي

ولد وترعرع الوطني المجاهد والمقاوم والقائد السياسي سي محمد بن سعيد أيت إيدر  في يوليو 1925…