تنطلق امتحانات الباكالوريا بالمغرب بدايةَ شهر رمضان، في جو نفسي مشحون، خاصة عندما اقترحت الحكومة اتخاذ إجراءات تصل إلى حد سجن التلامذة بسبب الغش. وهي حملة –لا شك- سيكون له تأثير معنوي على نفسية الممتحنين والممتحنات وأسرهم التي أضحت تخشى أن يعتقل أبناؤها وبناتها، والذين شيطنتهم الآلة الإعلامية الموالية للحكومة وصورته كمجرمين وغشاشين .
كان أحرى بالحكومة -وهي التي اعترفت بأنها لم تستطع ضبط الغشاشين الكبار الذين سربوا امتحانات السنة الماضية، والذين جعلوا منها تجارة غير أخلاقية لجني أرباح لا أحد يستطيع تحديدها- أن تعمل على مراجعة منظومة الامتحانات بشكل جذري، يسمح بتقييم علمي لقدرات التلاميذ، ومراجعة المناهج، وطرق التدريس، لأن مجرد كون الطلاب يسعون للغش، يعني أن خللا كبيرا في المنهجية التربوية، وأن بعدا أخلاقيا وقيميا يتهاوى داخل المؤسسات التعليمية المغربية.
يشتكي التلاميذ عادة من كونهم يمتحنون في مواد علمية أو أدبية لم يتطرقوا لها من خلال البرنامج التعليمي، ويكون السبب إما غياب بعض الأساتذة أو عدم كفاية الوقت، بسبب الإضرابات التي يعرفها قطاع التعليم سنويا، وتهدرملايين ساعات التدريس بسبب الاحتقان الاجتماعي، وسعي النقابات التعليمية، للدفاع عن مطالب مختلفة، تتطلب كل سنة هدرا زمنيا.فعوض أن تسعى الحكومة لحل المشاكل، نجدها تتسبب فيها وبإصرار عبر قرارات استفزازية.
إن الامتحانات ليست فقط أسئلة وأجوبة وحراسة. الامتحانات وسيلة لتقييم مدى استيعاب التلاميذ لما قدم لهم طيلة مسار دراسي استمر لسنوات. وأي فشل ليس للتلاميذ فقط، بل للمنظومة، وهو ما يجعل التقييم العلمي يشمل الأساتذة والإدارة والمناهج والبنية التحتية من ثانويات وإدارات وغيرها .
الباكالوريا، تبقى فرصة لتقييم أدائنا التعليمي، أداء يخص الجميع حكومة ومجتمعا مدنيا ومختلف الفاعلين الاقتصاديين، لأن تلامذة اليوم هم طلاب وأطر الغد في مختلف المجالات.