من بين الإشكالات الحقيقية، التي تطرح حاليا في الحياة السياسية المغربية، مسألة المرجعية الديمقراطية للأحزاب، حيث إن تاريخ مختلف التنظيمات، سيكون حاسما في تصنيفها، رغم كل محاولات الطمس والتضليل الذي تعمل الدعاية على ترويجه.

هناك الأحزاب التي نبتت في خضم النضال الوطني والديمقراطي، وهي يسارية، بالإضافة إلى حزب الاستقلال، وهناك أحزاب خلقتها الإدارة من أجل الوقوف في وجه هذه القوى الوطنية الديمقراطية، أما حزب العدالة والتنمية، الذي جاء عبر مسار مختلف، فمن المفيد تتبع تطوراته.

هذا الحزب، هو عبارة عن تحالف بين عدد من التنظيمات الدينية- الدعوية، احتضنها حزب الدكتور عبد الكريم الخطيب، أواسط التسعينات، وهو المقرب من دوائر النظام المغربي. لذلك فعملية الاحتضان، كانت باتفاق تام مع السلطة، الهدف الرئيسي من ورائها، هو مواجهة المد الكبير الذي كانت تجسده الكتلة الديمقراطية.

واستمر الوضع على هذه الحال، حيث تم السماح له بتغيير الاسم من الحركة الشعبية الديمقراطية الدستورية، إلى حزب العدالة والتنمية، في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، ووزيره في الداخلية، إدريس البصري، لمواجهة حكومة التناوب التي كان يرأسها، عبد الرحمن اليوسفي.

غير أن الذي ينبغي أن يؤخذ أيضا بعين الاعتبار، هو أن هذا الحزب، الذي تم تكوينه، من الجمعيات الدعوية، لم يعارض أبدا نظام الملك الراحل، الحسن الثاني، في الوقت الذي كانت فيه الحركات الاحتجاجية النقابية والسياسية، في حالة مد هائل، كما أنه وقف موقفا سلبيا من حركة عشرين فبراير. فإلى أي صنف ينتمي؟ هل وُلِدَ مستقلا عن الإدارة؟ كل المعطيات التاريخية، تشير إلى أنه حزب خرج من رحم الإدارة المغربية، بواسطة العَرابِ، عبد الكريم الخطيب، الرجل المعروف، بقربه الواضح من دوائر الجهات المتشددة في السلطة.

لذلك، من الصعوبة بمكان، أن يغير هذا الحزب جلدته، فهو قد اختار منذ البداية انتماءه، غير أن الذي ينبغي إثارة الانتباه إليه هنا، هو محاولة البعض دمج هذه الحركة الدعوية، الأصولية اليمينية، في الحركة الوطنية الديمقراطية أو حليفا موضوعيا لأحزاب الكتلة اليمقراطية. إنه تحريف للتاريخ ومجرد وَهْمٍ، سرعان ما سيظهر تهافته.

*بالفصيح

          الثلاثاء 31 ماي 2016

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…