من المؤكد أن الإيقاع الذي تسير به المحاولات الإرهابية، في المغرب، يدعو كثيرا إلى القلق وإلى تغيير التعامل، بشكل جذري، مع هذا الخطر الإجرامي الداهم، الذي أصبحت بلادنا عرضة له، على غرار البلدان العربية والأوروبية.
وإذا كان من الواضح أن الأجهزة الأمنية المغربية، تتمتع بيقظة وكفاءة عالية، فإن التطور الكمي والكيفي، للمحاولات الإرهابية، يفترض من جميع المواطنين، التعامل بشكل مغاير، مع الوضع الجديد، الذي تتسارع أحداثه، بشكل غير مسبوق، حيث إن الخلايا الإرهابية، تتناسل بوتيرة مقلقة، تتطلب مواجهة شاملة وتعبئة جماعية.
فالتسلل الذي تنجح فيه هذه الخلايا الإرهابية، لعدد من المدن، واستقطابها لمجموعة من العناصر، وتوفير المخابئ والسلاح والمواد المستعملة في صناعة المتفجرات، واتصالات وتحركات أعضائها، كلها أعمال، تتم في فضاءات اجتماعية، حيث إن الإرهابيين يندمجون داخل أوساط الشعب، ويذوبون وسط الزحام، في عمليات تمويه وتخفي متواصلة.
وإذا كانت المسؤولية الرئيسية لمواجهة الخطر الإرهابي، تقع على عاتق الأجهزة، المخول لها -قانونا- القيام بهذه المهمة، التي نجحت فيها، لحد الآن، غير أن واجبات المواطنة والتشبع بالقيم الإنسانية، يفرض أيضا على كل المواطنين، التزام اليقظة والحذر، والانتباه إلى السلوكات والتصرفات المشبوهة، والتبليغ عنها، إذا كانت تستحق ذلك.
ويبدو من خلال المعطيات التي تسربت عن المحاولات الأخيرة، أن هناك إصرارا من طرف الجماعات الإرهابية على استهداف المغرب، وعلى زرع بذور الفتنة وترويع المواطنين، حيث تتنوع أساليب التسرب وتتجدد أشكال تكوين الخلايا، في إطار مخطط لن يتوقف، وستواصل، لتظل بلادنا مهددة بشكل مستمر، مادام هناك عمق استراتيجي للإرهاب، وإيديولوجية دينية متطرفة، تغذيه.
أصبح الخطر الإرهابي ثابتا الآن، وليس استثنائيا، مما يستدعي تحولا في كيفية التعامل معه، لأنه لم يبق مجرد اختصاص أمني، بل هو –حاليا- معطى اجتماعي ومعضلة ثقافية ومشكلة دولية.
ما يترتب عن كل هذا ، أن مواجهته ينبغي أن تدخل في كل الأجندات، لتتحول مكافحة الإرهاب، إلى قضية وطنية، لا يمكن لأي طرف أن يتهرب منها، سواء كان حكومة أم حزبا أم هيئة أم مؤسسة أم مواطنا. هذا هو الوعي الجماعي الذي نحن في حاجة إليه، تحسبا لكل التطورات المحتملة، من أجل إنقاذ بلادنا من خطر الفتنة والتدمير.