خدعة الألقاب المذهبية – الجهمية خرافة (1)
لا تنتهي غرابتي عندما أجد طلبة العلم اليوم لا يحققون في الألقاب المذهبية مع سهولة التحقق من هذه الألقاب مثل: «سني، شيعي، جهمي، رافضي، سلفي، مرجئ، قدري، ..إلخ».
ولنأخذ الجهمية كمثال صارخ هذا، فإنك اليوم لا تدخل مكتبة إلا وتجد فيها العشرات من الكتب التي تذم الجهمية، في الوقت الذي لا يوجد فرد على وجه الأرض يقول «أنا جهمي» منذ خلق آدم إلى اليوم!
فالجهمية مثلاً التي ينسبونها للجهم بن صفوان الثائر سياسياً مع الحارث بن سريج، والمقتول على أيدي الجيش الأموي بخراسان سنة ( 128هـ) لا وجود لهذه الفرقة أصلاً، وليس هناك كتاب واحد للجهم بن صفوان، ولا رواية واحدة، ولا تلميذ ناقل، وليس هناك فرقة تدعي أنها تنتسب إليه، ولا يصح عنه قول واحد في العقائد، وإنما حقيقته أنه ثائر سياسي كان يدعو للكتاب والسنة والشورى (كما في تاريخ الطبري أحداث سنة 128هـ)، وذكر ذلك عنه علامة الشام الشيخ القاسمي في كتابه (تاريخ الجهمية والمعتزلة)، فقد صنفهم القاسمي (السني) – أعني صنف الجهمية في دعاة الكتاب والسنة والشورى، أما هذا التصنيف المذهبي السلفي لـ «الجهمية» في أهل الزندقة والبدعة، والتشنيع على الجهم بن صفوان رحمه الله فإنما هو أثر من آثار بني أمية «الكثيرة» على بعض المسلمين الغلاة والمقلدين لأسلافهم المتعصبين.
ولكن يا ترى: هل يعقل أن الباحثين السلفيين خاصة لا يدركون هذه الحقيقة البسيطة؟
الجواب نعم، ولكن في الأمر خدعة عمرها ألف ومئتا عام، وهي أن الجهمية عند هؤلاء المخادعين إنما يقصدون بها مجموعة من المذاهب وهي «الأشاعرة، وهم أغلبية أهل السنة، والمعتزلة» ثم بقية المذاهب تدخل في الجهمية عندهم بالتضمن كالظاهرية والزيدية والإباضية والإمامية، فعندما يسمع العامي «تكفير الجهمية» لا يظن في الأمر خطورة، بينما الغلاة لهم أجندتهم السرية أو العلنية في ذلك.
فالسلفية الأولى كانت تطلق لقب «الجهمية» وتريد به «المعتزلة، وكثيراً من الأحناف» على وجه الخصوص، وخاصة بعد محنة خلق القرآن.
وعندما تم القضاء على المعتزلة في عهد المتوكل، لم تتوقف السلفية المتأخرة وإنما أطلقت الجهمية على خصوم آخرين وهم الأشاعرة «كما في كتب متأخري السلفية في العقائد كابن تيمية وابن القيم».
ولا يعرف كثير من الناس أن من أعلام الجهمية الكفار! عند غلاة السلفية المتقدمين هو الإمام أبو حنيفة نفسه (انظر: السنة لعبدالله بن أحمد بن حنبل 1- 225) وسائر الأحناف.
إذن فالتخفي خلف لقب «الجهمية» له مصلحة كبرى للغلاة، إذ يتيح لهم تكفير بقية المسلمين السنة، لأن المذاهب الأربعة من حيث العقائد هي أشعرية، وهذا معروف، إلا عند فريق ابن تيمية فقط، وهذا التخفي يتيح للغلاة ومدارسهم وأتباعهم تكفير المسلمين كافة، تحت لقب لا يدعي الانتساب إليه أحد، وبهذا يتخفون من الحاكم أو السلطة أو العلماء المنصفين أو الباحثين ..إلخ.
بل حتى في الدراسات الجامعية التي من المفترض فيها التحقق والتحقيق وتحرير الألقاب والأسماء، نجدهم يصرون على استخدام هذا اللقب «الجهمية» لتقرير كفر الأشاعرة واستحلال دمائهم وأموالهم إن لم يتوبوا إلى الله، (انظر مقدمة يوسف الوابل لكتاب الإبانة لابن بطة – جامعة أم القرى).
والخلاصة أن الجهمية عند غلاة السلفية تشمل ثلاث فرق:
الأولى: أتباع الجهم بن صفوان نفسه، لأنه ثار على بني أمية فقط وليس لأن له أفكاراً عقائدية، فهؤلاء «الجهمية» لا وجود لهم إلا في أذهانهم فقط، إذ لم يخلّف الجهم بن صفوان كتاباً ولا رواية ولا تلاميذ، ولا يعرف عنه من العقائد إلا قول في الجبر لا يصح عنه، فالرجل ثائر ولو كان جبرياً لما ثار، ونسبوا له قولاً آخر في التعطيل لا يصح بإسناد أيضاً، وهاتان التهمتان مصدرهما مفتي الجيش الأموي في خراسان (مقاتل بن سليمان)، فتناقلته كتب المقالات والفرق الإسلامية بلا تحقيق، فما يتم نقله عن عقائد الجهم – رغم قلتها – لا تصح، وإنما صح عنه أنه كما روى الطبري وقرر الشيخ جمال الدين القاسمي أنه «من دعاة الكتاب والسنة والشورى»، وأنه ثائر سياسي لا رجل عقيدة، هذا ما صح، وأما البقية مما نسب إليه من آراء فلا تصح بإسناد، فهل يستاهل من يدعو للكتاب والسنة والشورى أن نشغل الطلاب والدراسات الجامعية بتكفيره وتكفير من يرى رأيه؟!
الثانية- المعتزلة: فقد أطلقوا عليهم لقب الجهمية، وإطلاق لقب الجهمية على المعتزلة هو فعل السلفية الوسطى (الحنابلة)، مع أن المعتزلة أقدم من الجهم بن صفوان، وأقوالهم وكتبهم مدونة ولا يذكرون الجهم بحرف واحد، وإنما يذكرون معاصريه من أوائل المعتزلة كواصل بن عطاء (131هـ) وعمرو بن عبيد (143هـ)، ولا يقر معتزلي واحد بأنه أخذ حرفاً واحداً عن الجهم بن صفوان، فلماذا يصر غلاة السلفية المعتزلة بأنهم جهمية؟ ثم يغضبون إن وصمهم أحد بأنهم مجسمة أو نواصب أو مشبهة أو كرامية أو حشوية؟ أليسوا يقولون: نحن لا نتسمى بهذا؟ كذلك المعتزلة لا يقولون نحن جهمية ولا يرون الجهم طالب علم أصلاً، وربما أكثرهم لا يعرف اسمه مجرداً.
الثالثة- الأشاعرة: فهؤلاء يطلق عليهم الغلاة كلمة «الجهمية» أيضاً! فلقب الجهمية تطلقه السلفية المتأخرة (سلفية ابن تيمية وابن القيم) على الأشاعرة، مع أنه لا يوجد أشعري واحد يقول إنه أخذ حرفاً واحداً من الجهم بن صفوان، بل إن الأشاعرة يجارون السلفية في ذم الجهم متأثرين بما أورده بنو أمية عنه، وليس معهم إسناد واحد في صحة قول من تلك الأقوال المنسوبة للجهم.
والآن ترون كم يعمل العبث العلمي فينا بسبب غياب النقد الذاتي؟ وكيف يتم تعليم الجهل وممارسة سرية الغلو والتكفير تحت اسماء وألقاب خداعة؟ وذلك الغلو ينتشر لأننا نمنع النقد الذاتي، ولا نكشف دهاليز المذاهب وأسرارها وأجنداتها، التي ما أنزل الله بها من سلطان.
*خدعة الألقاب المذهبية .. «الرافضة».. خرافة (2)
مثلما تحدثنا في الحلقة السابقة عن «الجهمية» وأنها اسم لشيء غير موجود على الأرض، وأن الجهم بن صفوان كان ثائرا سياسيا لم يخلف كتاباً ولا تراثا ولا عقائد ولا تلامذة، وأنه ليس على وجه الأرض من يقول «أنا جهمي»، ولا يصح عنه إسناد واحد في رأي من الآراء، فالجهمية هو اللقب الخرافي في الحلقة الماضية، واللقب الثاني الخرافي اليوم هو «الرافضة»، ولقب الحلقة القادمة هو «النواصب».
ولنبدأ الآن بالرافضة:
فهذا اللقب أو الوصف أطلقه الإمام الثائر زيد بن علي عام 122 على قوم من الشيعة، رفضوا نصرته في الثورة على هشام بن عبدالملك بسبب اختلافهم مع زيد في الخلافة أو فضل أبي بكر وعمر.
فكانت تسمية سياسية آنية في حق من رفضوا بأنهم رفضوا وكفى، وليست تسمية دينية في حق من رفضوا خلافة أبي بكر وعمر، كما تم التوظيف المذهبي فيما بعد.
نعم يحق للباحث المختلف مع الشيعة أن يرى أن رفض خلافة أبي بكر وعمر أو البراءة منهما أن يطلق عليه تشيعا أو غلواً في التشيع أو جهلا ..إلخ، لكن ليس من العلم أن يلقب من يرى ذلك بلقب «الرافضة»، لعدة أسباب سهلة جداً على المنصف، وصعبة الفهم على المتعصب:
السبب الأول:
لأن منشأ تسمية «الرفض» كان بسبب رفض هؤلاء لنصرة الإمام زيد بن علي وليس بسبب موقفهم من خلافة أبي بكر وعمر، بمعنى أوضح:
لو أن هؤلاء الذين سألوا الإمام زيد عن أبي بكر وعمر وخالفهم فيهما، لو أنهم بقوا على رأيهم، لكنهم ناصروه وقاتلوا معه، فهل كان سيطلق عليهم رافضة؟!
الجواب لا.
لم يكن ليطلق عليهم ذلك لأنه قال «رفضتموني، اذهبوا فأنتم رافضة»، أو فأنتم الرافضة.
إذن فهو قال «رفضتموني»!
ولم يقل «رفضتم خلافة الشيخين اذهبوا فأنتم رافضة»، ثم قاتل معه من لا يرى خلافة أبي بكر وعمر، وبقي عليه وصف الزيدية لأن الزيدية شعار سياسي أيضا في منشئه وليس مذهبيا.
إذن فالرفض عند منشأ التسمية الأولى كان رفض نصرة الإمام زيد وليس رفض خلافة أبي بكر وعمر، وكان لقب «الزيدية» شعارا سياسياً جامعاً، فقد جمع تحت لواء ثورة زيد الجميع سنة وشيعة، ومن أبرز أئمة أهل السنة أبوحنيفة وشعبة ومنصور بن المعتمر وغيرهم من كبار أهل السنة، (وقد سردهم الطبري في التاريخ حوادث سنة 122)، هؤلاء كانوا زيدية من حيث الثورة والموقف السياسي، وهم أهل سنة من حيث المذهب.
إذن فمن رفضوا نصرة الإمام زيد تصح عليهم التسمية السياسية «رافضة»، سواء كانوا سنة أم شيعة فهي تسمية سياسية لا مذهبية أيضا. إلا أن غرام المذاهب بالتنابز بالألقاب المذهبية والدينية هو الذي جعلهم يتخلون عن سبب التسمية (رفض نصرة زيد)، ويتمسكون بتلك المسألة التي اختلف فيها معهم، مع أنها ليست سبب التسمية لو أنهم قاتلوا معه!
السبب الثاني:
أن إطلاق لقب «رافضي» على من رفض خلافة أبي بكر وعمر أو تناولهما بسوء إطلاق غير علمي ولا شرعي، وسيتناول بعض الصحابة الكبار الذين كان لهم موقف سياسي معارض بل «رافض» لشرعية خلافتهما، لأنه بالإجماع أن بعض الصحابة الكبار كسعد بن عبادة الخزرجي وهو بدري كبير قد رفض أن يقر بخلافة أبي بكر وعمر حتى مات، فهل هذا الصحابي البدري رافضي؟!
كما رفض الإمام علي وسائر بني هاشم خلافة أبي بكر ستة أشهر -كما في صحيح البخاري- فهل عاش الإمام علي وبنو هاشم ستة أشهر وهم روافض؟!
أيضاً رفض صحابة آخرون الإقرار بخلافة علي وبعضهم قاتله، وهذا أبلغ من عدم الإقرار سواء بخلافة أبي بكر وعمر أو خلافة علي، إلا أن الغلاة متناقضون، فما الذي يجعل الرافض لخلافة علي بل ومقاتله مجتهداً صالحا، والرافض لخلافة أبي بكر وعمر غير المقاتل مبتدعاً ضالاً؟! هذا تناقض.
والخلاصة:
هذه أوصاف سياسية لا تدخل في العقائد، وهي في حق المقلدين من التابعين ومن بعدهم أولى بالتفعيل.
ثم هل للصحابي أحكام خاصة؟! بحيث يكون فعله اجتهاداً بينما يكون فعل من يقلده بدعة تجر عليه الألقاب وانتهاك الحقوق؟!
حكم الله واحد في الجميع، فالخطأ خطأ والبدعة بدعة والاجتهاد اجتهاد، سواء صدر هذا من صحابي أو تابعي لا فرق، والصحابة أنفسهم لم يكونوا يرون هذا التضخيم، فالإمام علي كفره الخوارج ونكثوا بيعته، ولم يحرمهم حقوقهم حتى سفكوا الدم، لا يجوز التفريق بين عمل الصحابي وعمل من اقتدى به.
والشرع أصلا فوق هذه الخلافات السياسية، ولو كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أحياء لأمروا المسلمين بحفظ حق الإسلام وقواطعه، ومعرفة حق الإسلام والرحم والقرابة والوطن، وألا نتخذ اجتهاداتهم وآراءهم ديناً نتقاذف به ونتظالم، وننسى به الدين والعقل والقواطع الجامعة التي عظمها الله في كتابه واستهان بها الغلاة في كتبهم.
تعظيم قواطع الدين وخاصة في مسألة الحقوق والتعاون على البر والتقوى ونبذ التنازع والتفرق أمر بدهي يؤكده القرآن والسنة النبوية والعقل وإجماع الصحابة والتابعين، ومن زايد على هؤلاء جميعاً فقد استزله الشيطان ليستخدمه في إغراء العداوة والبغضاء – وهي من مهام إبليس الكبرى- ونسيان القواطع القرآنية مثل «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا».
*خدعة الألقاب المذهبية: تعليقات في لقب «الجهمية والرافضة» (3)
تحدثنا في الحلقة الأولى عن خرافة الجهمية، وأنه لا وجود لشخص على وجه الأرض يقول: أنا جهمي، ولا تصح عن الجهم عقيدة ولا مذهب ولا كتاب أصلا، وإنما كان ثائرا سياسياً على بني أمية، وقد قتل سنة 128 في خراسان في ثورة الحارث بن سريج المشهورة.
وفي الحلقة الثانية تحدثنا عن «الروافض»، وأنه أيضاً لم يكن على وجه الأرض من يقول أنا رافضي (باستثناء بعض الأفراد في هذه الأيام ومن باب الخصومة المذهبية)، وأن أصل التسمية ومنشأها كانت في حق من رفض نصرة الإمام زيد، وللحظة تاريخية معزولة لا يقصد بها الإمام زيد تأبيد اللقب وشرعنته، ولا يقصد بها من رفض خلافة الشيخين، إذ إنهم لو لم يرفضوه لما سماهم رافضة حتى ولو اعتقدوا رفض خلافة الشيخين.
ونشأت التسمية في ثورة الإمام زيد على بني أمية في الكوفة، وكانت قبل ثورة الجهم بنحو ست سنوات أي عام 122، فالتسميتان لهما سبب سياسي لا علمي ولا فكري، ولولا الثورتان لما سمعنا بجهمية ولا رافضة ولا زيدية!
وهذا يؤكد قوة الأثر السياسي على إنتاجنا الفكري والمذهبي بما فيه من تصنيف وألقاب خادعة وغير علمية، بعكس الغرب الذي يندر فيه التسميات على أساس سياسي.
وكنت أردت أن أكتب اليوم عن النواصب إلا أن بعض الإخوة طلب مزيداً من الإيضاح في شكل سؤال وهو:
هل يشترط أن يقول الكافر أنا كافر حتى نطلق عليه «كافر»؟ فكيف تشترط أن يعترف الجهمية أنهم جهمية والرافضة أنهم رافضة؟!
والجواب:
أنا لا أقول إنه يجب أن يعترف الشخص أنه جهمي أو رافضي، وإنما حقيقة المذهب من الداخل تختلف عن التوظيف السياسي والمذهبي لهذا اللقب أو الاسم، بعكس الكافر أو المشرك أو المنافق، فمادة الكفر موجودة وكذا النفاق والشرك.
فالجهمية مثلاً أطلقها السلفيون وأهل الحديث على الأشاعرة والماتريدية (وهم أغلب السنة وأغلب أتباع المذاهب الأربعة)، وأطلقها الحنابلة على المعتزلة والإباضية والإمامية والزيدية والظاهرية – على أن هذه الألقاب فيها نظر وتأتي في وقتها- وكذلك «الرافضة» تم تعويم وتعميم اللقب، بحيث خرج عما وضع له من (رفض نصرة الإمام زيد) إلى كل الشيعة، سواء من رفض خلافة الشيخين أو من أثبتها، حتى الزيدية أتباع الإمام زيد نفسه أدخلهم خصومهم من السلفية في اللقب (رافضة)، مع أن الناس في معركته كانوا قسمين، قسم قاتل معه وسموا «زيدية» وقسم خذله وسموا «رافضة»، والتسميتان سياسيتان لا دخل لهما بالأفكار المختلف فيها.
فالتسميتان «الجهمية والرافضة» فارغتان من الداخل أيضا وليس الأمر اعترافا من عدمه.
بمعنى أن مذهب الجهم الذي ثبت عنه سياسي وليس عقائديا ولا فقهياً، ومذهبه السياسي الدعوة للقرآن والسنة والشورى «هذا أصح ما ورد عنه»، وأما تغليفهم ثورته بغلاف مذهبي، بحيث يتم وصم أكثر الأمة، فكان استجابة أثر السلطة الأموية، والكتب في الملل والفرق والمذاهب متأثرة بالسياسة الأموية وتصنيفاتها حتى النخاع، ولذلك لم يكتبوا عن «النواصب»! وإنما صنفوا خصوم بني أمية فقط، أما بنو أمية فليس لهم تصنيف! مع لعنهم الإمام علي على المنابر وقتلهم الصحابة في كربلاء والحرة ومكة وعذراء ومصر. (وهذا يستحق أكثر من لقب لو أنصف الناس)، إذن فأصحاب الفرق والمقالات أخذوا من السياسة الأموية -إضافة إلى أفكارها في الجبر والتشبيه والإرجاء والتكفير- أسماء خصومها أيضا، فالجهمية لقب فارغ المحتوى إذ لا تصح لا لقباً ولا مادة علمية،
وأما «الرافضة» فيختلف قليلا، فالاسم كان لمن رفض نصرة الإمام زيد بن علي هذا صحيح، لكن المادة العلمية في رفض خلافة الشيخين موجودة عند الشيعة، ولكنه لا يبرر اللقب لأنه ليس مقصود زيد في التسمية، كما أن ثقافة «رفض» نصرة زيد موجودة عند السلفية «وهي ألصق بمراد زيد»، ولكن لم يتسمّ بالرافضة لا السلفية ولا الشيعة، نعم المادة العلمية موجودة على المعنيين الأصلي والتبعي، ولكنها لا تبرر اللقب لأن اللقب سينسحب على من سبق فترة الإمام زيد من هؤلاء وهؤلاء، كما أوضحنا في رفض سعد بن عبادة لخلافة الشيخين وهو صحابي بدري كبير، وعلى كل حال فالشيعة والسلفية اقتسما المادة العلمية «للرفض» سواء بمعناه الأصلي أو التبعي، فهؤلاء «يرفضون» خلافة الشيخين، وهؤلاء «يرفضون» شرعية ثورة الإمام زيد، لكن الفريقين لا يتسميان بهذا اللقب.
*خدعة الألقاب المذهبية النواصب خرافة (4)
.. واليوم سنتحدث عن النواصب، وهي لفظة شائكة وتسبب حرجاً عند السلفية خاصة، ويتمنون لو أنه يتم تجنبها ونسيانها لأنهم متهمون من الشيعة وبعض السنة بأن بعض رموزهم فيه نصب أو ناصبي ..إلخ، وتسبب حرجاً عند معتدلي السنة، لأن بعض الشيعة يعممها على كل أهل السنة.
وهي لفظة تحتاج إلى تحرير واستبدال بلفظة شرعية، فهي كسائر الألفاظ المذهبية التي من الأفضل للفكر الإسلامي التجديدي استخدام بديلها الشرعي، ولكن اسمحوا لي باستخدامها مبدئياً حتى يتم تحريرها ثم نقدها ثم وضع البديل الشرعي لها.
والنصب عند من يعرفونه من أهل السنة هو «مناصبة أهل البيت العداوة»، وهذا تعريف قاصر جداً، وضيق إلى أبعد الحدود، واللقب أيضاً غريب، إذ كأنه يشترط في المنحرف عن أهل البيت أن يعلن أنه يناصبهم العداء! وهذا ينطوي على سماح بما دون هذا العداء، من تنقص أو توجس أو هجر أو لمز أو تلميح أو إسقاط.. إلخ.
وللخصومة المذهبية دورها في توسع وديمومة هذا التفريط العلمي والأخلاقي،
لذلك اسمحوا لي أن أتوسع قليلاً في هذا اللقب وبديله الشرعي، ومعالجة بعض المغالطات العلمية وبعض التداخل بين أهل السنة والسلفية والنواصب أيضا.
فبعض الشيعة يعمم النصب على كل أهل السنة، فيرتاح «النواصب» لهذه «التمريرة البينية»، فيتلقفونها ويتصدرون الدفاع عن «أهل السنة»، ويتمدد النصب بهذا الدفاع داخل أهل السنة ويوظفها الغلاة «الذين فيهم نصب أيضاً»، في إنعاش الخصومة المذهبية والتغطية على التسرب «الناصبي» المستمر داخل البيت السني.
وهذا كله يضاعف المسؤولية على الباحثين المنصفين في تحرير هذا المصطلح، لأن الغلو في توسيعه قد تلقفه غلاة الشيعة والسنة معاً! واقتطعوا معهم كثيراً من العامة، بينما المعرفة العلمية بلا ضغوط وخصومات تكاد تنعدم في ظل هذا الاصطفاف الحاد، ولكن لا يتبين الباحث عن الحق إلا في مثل هذه الظروف، فعلى الباحث أن يتوازن شرعياً ومعرفياً، فيبحث الموضوع، وكأنه ليس هناك أي خصومة ولا أي اصطفاف.
إذن نعود إلى اللقب «النواصب»، فليس معروفاً بالتحديد زمن إطلاقه، وهو هروب من الوصف الشرعي في حق من يبغض أهل بيت النبي صلوات الله وسلامه عليه، ولكن لشهرة هذا اللقب أصبحنا نستخدمه مثلهم استخداماً ثقافياً شعبياً، لأن البديل الشرعي «وهو النفاق» مشكل أيضاً، فالنفاق في العرف المذهبي قد تم حصره في ثلاث أو أربع خصال، وتم إهمال ما سواها من خصال، سواء كانت موجودة في القرآن أو السنة!
فيصعب على الناس فهم معنى «النفاق» ومستوياته أيضاً.
والنواصب أو الذين تأثروا بثقافة النصب يصعب عليهم الاعتراف بالنصب أو النفاق حتى في حق من لعنوا الإمام علياً على منابر الإسلام، وسمموا الحسن وذبحوا الحسين ..إلخ.
فأكبر مصاديق النصب والنفاق يأبى هؤلاء تنزيلها على من تحقق فيهم ذلك،
ثم زرعوا ثقافة هائلة تجفف حب أهل بيت النبي، وساعدهم على ذلك وجود غلو في أهل البيت عند أطياف من الشيعة، تماماً مثلما ذلك الفريق «النفاقي»، جفف حب النبي نفسه صلوات الله عليه ومنعوا من مدحه إلا بجفاف وتحذير من الغلو فيه، وساعدهم على ذلك وجود أطياف من الصوفية يغلون في هذا الحب، فكانت فرصة الفريق النفاقي المندس والمختلط بأهل السنة – والسنة منهم براء- كانت فرصتهم الكبرى في تجفيف حب النبي والانحراف عن أهل البيت أنك كلما ذكرت شيئا من فضل محمد عاندوها بخرافة لأحد الصوفية ولو على شكل استفسار خبيث!
وكذلك إن تحدثت عن فضائل أهل البيت الصحيحة التي يصححها أهل الحديث، فإن ذلك الفريق النفاقي لا يتركون لك الفرصة، ويقطعون عليك الطريق بذكر خرافات قال بها بعض الشيعة ويشغلونك بها وبرأيك فيها، وأنه لابد من إنكارها ..إلخ.
فالفريق النفاقي «وبعض النفاق يتم بجهل وحسن نية»، لا يترك لسني حقيقي فرصة الوقوف عند فضيلة من فضائل آل محمد، ولا حتى فضائل النبي صلوات الله وسلامه عليه، ولا يذكرون فضيلة لهم إلا مصحوبة بكم من التحذير الشديد من الشرك! بينما يستعرضون سير وفضائل أعلام المذهب دون أي تحذير، حتى لو زعم أحدهم أن هذا العلم الفقيه «كان يعلم تنزل الأمر بين طبقات السماء والأرض»، كما قال أبو عبدالرحمن الواسطي في ابن تيمية، ولم يعلق المحققون على هذه العبارة حتى لا ينقطع استمتاعك بفضائل ابن تيمية، أما تقطيع ما هو دون ذلك من فضائل محمد وآل محمد، فواجب حماية للعقيدة من الغلو والشرك!
هذا واقع ثلة ممن تلبس بالنصب أو النفاق، وهو يتوسع للأسف إن لم يتم إعادته إلى النصوص الأولى، ثم هو حر فليؤمن بها أو يزحلقها ويبطلها هو أو يبغضها «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء».
*خدعة الألقاب المذهبية: السلفية (5)
معظم الألقاب التي نتداولها اليوم أو كلها ليس لها صفة شرعية وإنما صفتها مذهبية (تنابز بالألقاب)، وإذا أحسنا الظن قلنا هي للتمييز البحثي والمعرفة،
وقد جرفونا وجرفوا غيرنا معهم في هذه الاستخدامات، ونحن لا نرضى بهذه الألقاب المفرقة للمسلمين، ففيها روح جاهلية وقلة بركة وضيق أفق وتميز موهوم ..إلخ.
إلا أننا قد نضطر اضطراراً أن نستخدمها مع النقد والتصحيح لأنها أصبحت ثقافة عامة، فقد نكرر «شيعة، سنة، نواصب، سلفية، جهمية، معتزلة، وهابية إياضية ..إلخ»، من باب الاستخدام الشعبي مع محاولة الإشارة إلى تخصيص ما نريد.
بمعنى نحاول مثلاً إذا قلنا «شيعي» أن نفرق بين موالاة أهل البيت وبين المنظومات المذهبية المكتملة في المذاهب الشيعية القائمة «الإمامية والزيدية والإسماعيلية»، وكذلك إذا قلنا «سلفية» نفرق بين السلف الصالح بحق والسلف الفاسد الذي أدخلوه في السلف الصالح لظروف سياسية ومذهبية.
الخلاصة نريد الأسباب العلمية والشرعية للتصنيف لا الأسباب البشرية.
وبالتالي لو أقررنا بشرعية هذا الاسم فلا يجوز أن نأخذ تطبيقه إلا بعناية حتى نتجنب الظالمين وأهل الجهل، فسلفية المهاجرين والأنصار غير سلفية الطلقاء والأعراب، بل حتى المهاجرين والأنصار إنما يكون الاقتداء والتأسي بالسيرة العامة فيما طبقوا فيه الشرع، وليست أفعالهم شرعاً إلا من باب تنفيذهم للنصوص، ويجب التفريق أيضاً بين صالحي التابعين وفاسديهم، بل عند النزول سنجد فروقاً بين سلفية الشافعي وسلفية أحمد، ثم بين سلفية أحمد وسلفية ابن تيمية، ثم بين سلفية ابن تيمية وسلفية الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأتباعه،
ثم من دقق أكثر سيجد اختلافا كبيرا فيما بينهم يصل للتصنيفات الاتهامية الأولى «هذا خارجي وهذا مرجئ وذاك جهمي ..إلخ، وقد نخرج بخلاصة أن عدد السلفيات على عدد الرموز.
إذن فالعامة يظنون أن المذهب كتلة واحدة وهذا وهم، ولا يجدون من يبصرهم به، كل مذهب مذاهب ومدارس وتيارات، مع أن الأفضل والأولى أن نعود للتسميات الأولى «مؤمن، منافق، مشرك، مسلم، صالح، متقٍّ، مجرم ..إلخ».
والسلفية اسم كسائر الأسماء الوضعية التي ليس لها أصل شرعي، فليست المشكلة هنا إذا صلحت النيات بأن التأسي بالسلف فيما وافقوا فيه النص (وهناك كثير من السلفية على هذا المنهج)، ولكن المشكلة الأكبر ليست هنا، وإنما في التطبيق، في صعوبة معرفة السلف الصالح من غير الصالح، لأن بعض الأفكار التي انتهجها السلف غير الصالح قد دخلت في الفكر والممارسة وأصبحت شرعاً، فالمقتدون بهم يرون أنهم مطبقون للشرع! وهنا مشكلة عويصة يصعب تفهيمها.
والأفضل في من يرتضي هذا التسمي ويقول أنا سلفي أن يقصد أولا ذلك السلف الصالح بحق، وأنه يتمنى أن يسير على نهجهم، فلابد أن يختار قلة من السلف يرى فيهم أسوة، أما أن ينتسب لكل ما يسمى «الصحابة والتابعين»، أو «سكان القرون الثلاثة الأولى»، فهذه عجيبة من العجائب يجب أن يربأ بعقله وسلوكه عن هذا التعميم، فقليل من الصالحين يكفون في الأسوة.
لأن سكان القرون الثلاثة أتى منهم كل شر ونفاق، وصدر عنهم كل خير وإيمان، فارتضاء هذا الخليط له أثره السيئ على المعرفة وعلى على القلوب والعقول والسلوك المعرفي والعملي.
السلفي المعتدل لا يرى هذا، وإنما ينتقي من يتيقن صلاحه وحسن سيرته،والأفضل من ذلك،السلفي الذي لا يقتدي بالأشخاص إلا ما وافقوا فيه النص، فالاقتداء بالنص أساساً، وهذا غاية الاعتدال السلفي، لكن هؤلاء المعتدلين ليس لهم شهرة، ولو كانت السلفية بهذا المعنى -وهي كذلك في معظم التنظير- لقلنا لا بأس ولا مشاحة في الاصطلاح، وليكن الاسم وضعياً والواقع شرعيا، وقد نعد أنفسنا من حيث الواقع من هذا الصنف بحكم الواقع والتعليم والبيئة وطريقة البحث والاقتناع بالمصادر والاجتهاد في التماس الدليل ..إلخ.
وأما من يرى شرعية الانتساب السلفي إلى الأشخاص المولودين قبل 300 هجرية فهذا هو الوهم الكبير الذي قد نناقشه في الحلقة القادمة.
وهل كان الصحابة والتابعون على منهج واحد؟ فضلا عمن بعدهم؟
*خدعة الألقاب المذهبية: السلفية (6)
معظم الألقاب التي نتداولها اليوم أو كلها ليس لها صفة شرعية وإنما صفتها مذهبية (تنابز بالألقاب)، وإذا أحسنا الظن قلنا هي للتمييز البحثي والمعرفة،
وقد جرفونا وجرفوا غيرنا معهم في هذه الاستخدامات، ونحن لا نرضى بهذه الألقاب المفرقة للمسلمين، ففيها روح جاهلية وقلة بركة وضيق أفق وتميز موهوم ..إلخ.
إلا أننا قد نضطر اضطراراً أن نستخدمها مع النقد والتصحيح لأنها أصبحت ثقافة عامة، فقد نكرر «شيعة، سنة، نواصب، سلفية، جهمية، معتزلة، وهابية إياضية ..إلخ»، من باب الاستخدام الشعبي مع محاولة الإشارة إلى تخصيص ما نريد.
بمعنى نحاول مثلاً إذا قلنا «شيعي» أن نفرق بين موالاة أهل البيت وبين المنظومات المذهبية المكتملة في المذاهب الشيعية القائمة «الإمامية والزيدية والإسماعيلية»، وكذلك إذا قلنا «سلفية» نفرق بين السلف الصالح بحق والسلف الفاسد الذي أدخلوه في السلف الصالح لظروف سياسية ومذهبية.
الخلاصة نريد الأسباب العلمية والشرعية للتصنيف لا الأسباب البشرية.
وبالتالي لو أقررنا بشرعية هذا الاسم فلا يجوز أن نأخذ تطبيقه إلا بعناية حتى نتجنب الظالمين وأهل الجهل، فسلفية المهاجرين والأنصار غير سلفية الطلقاء والأعراب، بل حتى المهاجرين والأنصار إنما يكون الاقتداء والتأسي بالسيرة العامة فيما طبقوا فيه الشرع، وليست أفعالهم شرعاً إلا من باب تنفيذهم للنصوص، ويجب التفريق أيضاً بين صالحي التابعين وفاسديهم، بل عند النزول سنجد فروقاً بين سلفية الشافعي وسلفية أحمد، ثم بين سلفية أحمد وسلفية ابن تيمية، ثم بين سلفية ابن تيمية وسلفية الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأتباعه،
ثم من دقق أكثر سيجد اختلافا كبيرا فيما بينهم يصل للتصنيفات الاتهامية الأولى «هذا خارجي وهذا مرجئ وذاك جهمي ..إلخ، وقد نخرج بخلاصة أن عدد السلفيات على عدد الرموز.
إذن فالعامة يظنون أن المذهب كتلة واحدة وهذا وهم، ولا يجدون من يبصرهم به، كل مذهب مذاهب ومدارس وتيارات، مع أن الأفضل والأولى أن نعود للتسميات الأولى «مؤمن، منافق، مشرك، مسلم، صالح، متقٍّ، مجرم ..إلخ».
والسلفية اسم كسائر الأسماء الوضعية التي ليس لها أصل شرعي، فليست المشكلة هنا إذا صلحت النيات بأن التأسي بالسلف فيما وافقوا فيه النص (وهناك كثير من السلفية على هذا المنهج)، ولكن المشكلة الأكبر ليست هنا، وإنما في التطبيق، في صعوبة معرفة السلف الصالح من غير الصالح، لأن بعض الأفكار التي انتهجها السلف غير الصالح قد دخلت في الفكر والممارسة وأصبحت شرعاً، فالمقتدون بهم يرون أنهم مطبقون للشرع! وهنا مشكلة عويصة يصعب تفهيمها.
والأفضل في من يرتضي هذا التسمي ويقول أنا سلفي أن يقصد أولا ذلك السلف الصالح بحق، وأنه يتمنى أن يسير على نهجهم، فلابد أن يختار قلة من السلف يرى فيهم أسوة، أما أن ينتسب لكل ما يسمى «الصحابة والتابعين»، أو «سكان القرون الثلاثة الأولى»، فهذه عجيبة من العجائب يجب أن يربأ بعقله وسلوكه عن هذا التعميم، فقليل من الصالحين يكفون في الأسوة.
لأن سكان القرون الثلاثة أتى منهم كل شر ونفاق، وصدر عنهم كل خير وإيمان، فارتضاء هذا الخليط له أثره السيئ على المعرفة وعلى على القلوب والعقول والسلوك المعرفي والعملي.
السلفي المعتدل لا يرى هذا، وإنما ينتقي من يتيقن صلاحه وحسن سيرته، والأفضل من ذلك،السلفي الذي لا يقتدي بالأشخاص إلا ما وافقوا فيه النص، فالاقتداء بالنص أساساً، وهذا غاية الاعتدال السلفي، لكن هؤلاء المعتدلين ليس لهم شهرة، ولو كانت السلفية بهذا المعنى -وهي كذلك في معظم التنظير- لقلنا لا بأس ولا مشاحة في الاصطلاح، وليكن الاسم وضعياً والواقع شرعيا، وقد نعد أنفسنا من حيث الواقع من هذا الصنف بحكم الواقع والتعليم والبيئة وطريقة البحث والاقتناع بالمصادر والاجتهاد في التماس الدليل ..إلخ.
وأما من يرى شرعية الانتساب السلفي إلى الأشخاص المولودين قبل 300 هجرية فهذا هو الوهم الكبير الذي قد نناقشه في الحلقة القادمة.
وهل كان الصحابة والتابعون على منهج واحد؟ فضلا عمن بعدهم؟
*عن موقع*