على بعد خمسة أشهر عن موعد الانتخابات التشريعية المقررة في السابع من أكتوبر المقبل، بدأت تتحرك آلات الإفساد الانتخابي، من خلال استنفار شبكات المتاجرة بالأصوات، ورصد الأموال والمواد والوعود، لتعبيد الطريق إلى مجلس النواب.
ودون شك، فإن مصالح وزارة الداخلية وأعينها، التي لاتنام من خلال تجارب وممارسات الماضي، على بينة بالقنوات التي يعتمدها هؤلاء المفسدون وأساليب تدبيرهم للشبكات والأموال، قبل الانطلاق القانوني للحملة الانتخابية أو أثناءها .
استحقاق هذه السنة له بعض الخصوصيات، التي كانت لسلفه (اقتراع 26 نونبر 2011)، والتي تمت الإشارة إليها في معرض تقييم العملية الانتخابية، من طرف أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني، حيث أبرزت الاستغلال الانتهازي لمرشحين وهيئات حزبية لمناسبات ومواعيد، قصد استقطاب الناخبين ومصادرة أصواتهم. ونذكر هنا مناسبتين اثنتين:
الأولى ، شهر رمضان المبارك، الذي يحل بعد شهر. وهناك مرشحون يستغلون المناسبة من جهة، وعوز وحاجة الفئات الهشة من جهة ثانية، لتقديم «مساعدات «تحت غطاء الإحسان وفعل الخير، والبروز بمظهر التقوى والبر، وما إلى ذلك، من الصفات التي تتخذ كأقنعة لممارسة هذا «النصب» باسم الدين، وتحديدا باسم رمضان الكريم.
الثانية ، وهي فترة المخيمات الصيفية بمراحلها الأربع، والتي تنطلق مع بداية شهر يوليوز، أي مباشرة بعد عيد الفطر.
في صيف 2011 عشية انتخابات مجلس النواب الحالي، شهدت عدة مراكز التخييم حضور جمعيات أنشئت لغرض الاستفادة من مئات المقاعد لصالح مرشحين أدوا نقدا ثمن المساهمة في سلوك يعد بمثابة الاتجار بالبشر. وبعد خمس سنوات، لوحظ أن مكونين من أحزاب الأغلبية الحكومية الحالية، نشطا بشكل كبير، في الاستفادة من آلاف مقاعد التخييم، ومن مراكز بعينها، بل إن الدورات التكوينية التي تشرف عليها وزارة الشباب والرياضة، عرفت هذه السنة إنزالا مكثفا لمئات المستفيدين الذين ماهم إلا جزء من بنية شبكات المتاجرة بأصوات الناخبين .
خلال الخمس سنوات الماضية، استفاد حزبان من الأغلبية من عشرات الآلآف من المقاعد للشباب والأطفال، تحت يافطات متعددة، ماهي في الحقيقة سوى توظيف للفضاءات العمومية، لأغراض انتخابية .
وهذه السنة، سيتسع -دون شك- مجال استفادة الجمعيات الموازية والمصطنعة، من حصة وازنة من المقاعد، ستكون خدمة ما قبل الاقتراع للإنزال يوم الاقتراع .
المناسبتان معا : رمضان والمخيمات، هما فترة تمتد أربعة أشهر، وبالتالي ستكون هذه المدة، حملة انتخابية بامتياز، لمفسدي الانتخابات. وهو ما يتطلب من الجهات المعنية بالسهر على احترام القانون، أن تضع حدا لاستغلال الدين، لأغراض انتخابية، والمخيمات للاتجار بالبشر، وحرمان أطفال من الحق في التخييم، دونما سلب آبائهم وأوليائهم لأصواتهم الانتخابية.
إن نزاهة الانتخابات، لايمكن رصدها فقط يوم الاقتراع، أو خلال الحملة الانتخابية. إن هذا الرصد، يجب أن يكون عملية يومية على مدار السنة، ومحاسبة المرشحين والشبكات والأحزاب، الذين يثبت تورطهم.