بعد الانشقاق الذي حصل داخل الحركة الشعبية وانسحاب الدكتور الخطيب منه(الدكتور الخطيب شخصية قريبة جدا من القصر)، قام هذا الأخير بتأسيس حزب العدالة والتنمية سنة 1997 والذي قدم نفسه على أنه “حزب إسلامي” وإذا رجعنا إلى هذه الحقبة التي تأسس فيها الحزب فإن لنا أن نتساءل بل أن نتعجب من المرونة التي مكنت هذا الحزب من الحصول على ترخيص قانوني في وقت كانت فيه التنظيمات الإسلامية ممنوعة من النشاط السياسي كما هو الشأن بالنسبة لجماعة العدل والإحسان التي لم تتوصل بالوصل القانوني إلى حدود اليوم وكذا حركة التوحيد والإصلاح التي لم تتوصل بوصلها القانوني إلا بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكومة وفي وقت تم فيه حل حزبين إسلاميين وهما “حزب الأمة” و “البديل الحضاري”
لمعرفة علاقة حزب العدالة والتنمية ب”المخزن” لا بد من العودة إلى الرسالة التي بعث بها السيد عبد الإله بنكيران إلى وزير الداخلية والإعلام السابق ادريس البصري ( رمز الاستبداد) حيث طلب منه السيد بنكيران أن يتعرف عليه وأن يسمح لشبيبته الإسلامية بالعمل وان يسود التعاون العلاقة بينه وبين المخزن وأن تدركهم “الشبيبة الإسلامية” عناية الله على يد ادريس البصري !!…ليس من محض الصدفة إذن أن يصير السيد بنكيران زعيما للحزب بعد إسقاط ” سعد الدين العثماني”
لقد حاول هذا الحزب التمظهر بمظهر الحزب المعارض للسياسة الرسمية للدولة وحاول بناء إيديولوجيته على الخطاب الأخلاقي والديني، فنرى السيد عبد الإله بنكيران مثلا كيف يستغل الدين في الإعلام العمومي من خلال مسكه للمسبحة “عداد التسبيح” في مجموعة من البرامج التي يكون ضيفا عليها حتى يوهم المغاربة أن إيمانه اكبر من إيمانهم، كما يطلق العنان للسانه ويتهم باقي الأحزاب بالعلمانية والزندقة والكفر والإلحاد.
نتذكر جميعا كيف حارب حزب العدالة والتنمية مهرجان موازين، ولمن أراد أن يسترجع تدخلاتهم في هذا الصدد، ما عليه إلا أن يلجأ لل”يوتوب” ليشاهد كيف عارضت بسيمة الحقاوي وإخوانها برنامج موازين في البرلمان قبل أن يبلعوا ألسنتهم بعد وصولهم إلى الحكومة، فأنستهم مواقعهم مواقفهم…بل واتجه إخواننا صوب منصات موازين وشاهدوا عن قرب كيف أتقنت شاكيرا لقطة “ثمانيتون”.
نتذكر جميعا كيف خاض حزب العدالة والتنمية الانتخابات البرلمانية تحت شعار ” محاربة الفساد” قبل أن يستسلم السيد بنكيران وإخوانه للأمر وقاموا بالتطبيع مع الفساد وذلك بتبرير ديني ” عفا الله عما سلف” !! حاشا لله أن يتساهل الإسلام مع المفسدين.
نتذكر جميعا كيف اتهم حزب العدالة والتنمية صلاح الدين مزوار بسرقته 200 مليون سنتيما تحت الطاولة، واعتبره من كبار المفسدين ، لكن صدمة المغاربة كانت قوية حينما كرم حزب العدالة والتنمية هذا “المفسد” ومنحه منصبا رفيعا “وزير الخارجية” بعد أن تم نزع هذا المنصب عن السيد سعد الدين العثماني…مفارقة عجيبة؟؟
لنا أن نتساءل بعد هذا : هل فعلا حزب العدالة والتنمية حزب اسلامي؟ وبالتالي جاز لنا طرح الاسئلة التالية :
كم عدد الحانات الليلية التي تم إغلاقها بالمغرب في ولاية العدالة والتنمية؟
هل انخفضت نسبة السرقة بالمغرب في ولاية العدالة والتنمية؟
هل انخفض عدد مدمني الخمر بالمغرب في ولاية العدالة والتنمية؟
هل تكاثر عدد المصلين بالمغرب في ولاية العدالة والتنمية ؟
هل…و…هل….؟
الجواب بالنفي …
بل أكثر من ذلك لقد ازداد عدد مستهلكي الخمور بالمغرب حيث كشفت إحدى التقارير أن المغرب يعد أكبر مصدّر للخمور في الخليج وشمال إفريقيا، إذ يخصص أكثر من 37 ألف فدان لزراعة العنب أو الكروم لإنتاج النبيذ، في بلد يوفر فيه الطقس المعتدل والمناطق المرتفعة ظروفا مثالية لنمو الأنواع الجيدة من العنب، بل إن حكومة العدالة والتنمية تستفيد من مداخيل الخمور التي تضخ حوالي موارد مالية هامة في خزينة المغرب. فحسب أرقام وزارة المالية المغربية يدر هذا النشاط على الدولة عائدات ضريبيَّة، تقدر بـ130 مليون يورو وتشغل حوالي 20 ألف عامل.
ما دام حزب العدالة والتنمية حزبا اسلاميا فلا بد من التساؤل : هل ازدادت نسبة التدين بالمغرب خلال ولاية هذه الحكومة؟ الجواب لا…إن الذي ازداد ليس هو التدين بل “المديونية/عجز الميزانية” الذي وصل في مطلع هذه السنة إلى 554 مليار درهم.
في الممارسة السياسية، ليس هناك أخطر من استغلال الدين في السياسة، لأن الأمر يسيء إلى الدين أولا وإلى السياسة ثانيا.
إن حزب العدالة والتنمية ما فتئ يشجع الشعبوية ويريد الإبقاء على الأمية ويحارب العلوم الاجتماعية ( الفلسفة، علم الاجتماع، الآداب…) لأنها علوم تشجع على استخدام العقل وترفض الجاهز من الأحكام…
لا يختلف السلوك السياسي عند العدالة والتنمية عن نظيره لدى جل الاحزاب التي تستغل الدين في السياسة، وبالتالي فنهايتها تكون متشابهة…وتنطبق عليها مقولة أبرهام لينكولن ” يمكن أن تخدع كل الناس بعض الوقت، وبعض الناس كل الوقت، لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت”