بث الموقع الإلكتروني لحزب العدالة والتنمية، مقطعا من فيديو لرئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، أثناء اجتماع للكتابة الإقليمية لحزبه بسلا، يخاطب فيه جهة مجهولة، «قضيتو بنا الغرض وبغيتو تكركبونا»، كما يعبر أيضا عن تحديه لهذه الجهة، معتبرا أنها لن تتمكن من ذلك. ونظرا لأهمية ما قاله، فإن خطابه يحتاج إلى تفكيك، من أجل إدراك مغزاه.
الملاحظة الأولى، وهي أن بنكيران يعترف بأن حزبه لعب أدوارا سيئة في الحكومة، لصالح الجهة التي وظفته، والتي تريد أن تتخلص منه الآن، وهو إقرار صريح بأنه أدى خدمات للجهة التي تحالف معها وقدم لها خدمات، ويحاول أن يُشَيْطِنَها الآن.
الملاحظة الثانية، عندما يقول بنكيران في هذا المقطع، بأن حزبه خرج من المساجد وبأنه يشتغل الآن، بما جاء به من هذه المساجد. فهو يرتكب عدة أخطاء، منها أن المساجد لله، ويرتادها المسلمون، وما يمارس فيها من تدين، ليس احتكارا للعدالة والتنمية، ثم إن ماقاله هنا يتناقض مع الفقرة الأولى، فإذا كان حزبه يطبق الدين في الحكومة، فلماذا يشتكي من الذين «قضاو بيه الغرض»؟ أليس هو الذي «قضى الغرض»؟
أما الأهم من كل هذا، فهو هل السياسة التي صرفها في الحكومة، جاء بها من المسجد؟ هل المسجد الذي أفتى عليه بالإجهاز على صندوق المقاصة والتراجع عن المكتسبات الاجتماعية والاستدانة الفاحشة والزيادة في الأسعار ورفع نسب الضرائب ومواجهة حق الشباب في التشغيل والعمل على التخلص من التزامات الدولة في الصحة والتعليم…؟
في جزء آخر من هذا المقطع، يعترف أيضا بمحدوديته ومحدودية أطر الحزب، في تسيير الشأن العام، حيث لا يتوفر هو ولا أطره على كفاءة السياسيين والاقتصاديين، لكنه يعتبر أن الشعب يريدهم لأنه فهم «أننا نريد الإصلاح». ومعنى هذا الكلام، أن حزب العدالة والتنمية يريد الاستمرار في إدارة الشأن العام، بالنية الحسنة، وليس بمقومات الكفاءة والدراية والتجربة، الضرورية، لتولي شؤون الأمة والناس.
فما هي هذه النية الحسنة التي عبر عنها هذا الحزب، بالفعل وفي أرض الواقع، وزعيمه نفسه يعترف بأن هناك جهة «شيطانية» «قضات بيه الغرض»؟ أي مررت عن طريقه كل ما أرادت من تراجع عن المكتسبات السياسية والاجتماعية؟ فهل ما زال يستحق ثقة الأقلية التي صوتت له، وهو نفسه يعترف بالتواطؤ مع المعادين للإصلاح، على حد قوله؟.