كيف يمكن للمغرب أن يجتازمنطقة الزوابع، بسلام، في ظل وضع سياسي تتجاذبه توجهات غير محسومة، منها من يريد فرض الانتماء إلى خانة البلدان التي تُعَبدُ ثقافتها السائدة الطريق نحو التشدد والتطرف، ومنها من يهدف إلى إحداث قطيعة مع هذه الثقافة المتخلفة، التي تسعى إلى تكريس التخلف وإعادة إنتاج الاستبداد، بأساليب ومناهج أخرى.
يقع المغرب على فوهة براكين خامدة، قد تنشط فجأة، إذا وجدت الظروف ملائمة، فخطر الإرهاب قائم في أي لحظة، سواء من الخارج أو من الداخل، وزعزعة الاستقرار بزرع الفتنة، من طرف جماعات متشددة، أمر وارد، وإمكانات الانفجارات الاجتماعية، مسألة غير مستبعدة، بالإضافة إلى التهديد المتواصل للوحدة الترابية.
وإذا كانت بلادنا قد قطعت شوطا هاما، في تجاوز الانقلابات السياسية، التي شهدتها عدة بلدان عربية، فإنها لم تتجاوز بالمرة، منطقة الخطر، لأن قرابة خمس سنوات، من تجربة الحكومة، الحالية، لم تسعف المغرب، في توضيح اختياراته، التي أعلن عنها في الإصلاح الدستوري.
بل إن بلادنا عادت كثيرا إلى الوراء، لأن الأفق الإصلاحي الذي فتحه هذا الدستور، قد تم إهداره، بشكل متواصل، حتى أصبح بلا معنى. كما أضفت الانتكاسة الاقتصادية والاجتماعية، على هذا الوضع، طابعا من القتامة وفقدان الأمل، تعبر عنه مختلف الفئات في المجتمع، وتقاسمه الطبقة السياسية والمثقفون والنقابيون والشباب ورجال الأعمال…
لذلك يحق للمرء أن يتساءل إلى أين يسير المغرب؟ ما هو النموذج الاقتصادي الذي يتجه نحوه، في ظل الأزمة وتفاقم المديونية؟ كيف سيعالج مشاكله الاجتماعية، في ظل التوتر العام، مع النقابات والحركات الاحتجاجية؟ هل سيواصل الإجهاز على الحقوق الجماعية والفردية؟ ألن ينصف النساء؟ هل يريد نشر ثقافة رجعية وتعميم نموذج تربوي وتعليمي فاشل؟
إننا في حاجة إلى أن نطرح بإلحاح السؤال الأكبر، أي مشروع مجتمعي نريده للمغرب؟ لا ينبغي أن يغرق الجواب عن هذا السؤال، في عموميات أو نقاشات تقنية/سياسية أو قانونية، بل ينبغي على الفاعلين في الشأن العام، أن يختاروا بوضوح الجهة التي يريدون الاصطفاف معها، الديمقراطية والحداثة، أو الرجعية والاستبداد.